فى الصميم

عندما تحذر مصر.. السلام أو الفوضى

جـلال عـارف
جـلال عـارف

فى كلمة مصر أمام قمة البحرين، لم يقتصر الرئيس السيسى على تأكيد موقف مصر الثابت فى إدانة حرب الإبادة الإسرائيلية ورفض اجتياح رفح وإغلاق معبر رفح لإحكام الحصار على شعب فلسطين..

لكن كان لافتا إشارته المهمة إلى «أننا لا نجد الإرادة السياسية الدولية الحقيقية الراغبة فى إنهاء الاحتلال ومعالجة جذور الصراع عبر حل الدولتين»..

والكل يدرك من هى الأطراف التى تشل الإرادة الدولية وتجهض كل محاولات إيقاف الحرب، وتعطل كل قوتها قيام الدولة الفلسطينية وترفض الاعتراف بها.

فى نفس توقيت انعقاد القمة العربية، كانت محكمة العدل الدولية تستأنف جلسات الاستماع فى اتهام إسرائيل بـ«الإبادة الجماعية» للشعب الفلسطينى بالقتل والدمار، وبحصار التجويع وهدم كل أسباب الحياة فى غزة، والاستعداد لإكمال الجريمة باجتياح رفح..

وعلى الجانب المقابل كانت إسرائيل تعلن عن إرسال قوات إضافية إلى رفح وتطمئن على وصول شحنات السلاح الأمريكى إليها. ومع إعلان الإدارة الأمريكية عن صفقته سلاح جديدة بمليار وربع المليار دولار، كان مجلس النواب الأمريكى «بأغلبية الجمهورية» يزايد بإصدار قانون يمنع الإدارة والرئيس الأمريكى من التوقف عن إمداد إسرائيل بالأسلحة تحت أى ظرف!!

إنهم لا يغامرون فقط بما تبقى من مكانة دولية للولايات المتحدة، لكنهم يغامرون أيضا بالنظام الدولى الحالى الذى كانت أمريكا تنفرد بقيادته ويضعونه فى اختبار شديد بين الفوضى وبين السلام العادل الذى لا مكان فيه لازدواجية المعايير، ولا مستقبل لاحتلال استيطانى يرتكب أبشع الجرائم فى ظل حماية توفرها قوى كبرى مازالت «تثرثر»، كثيرا حول حرية الشعوب وحقوق الإنسان!!

ومع ذلك كله.. تبقى الحقيقة أقوي، ومن قلب المذابح الإسرائيلية تفرض فلسطين قضيتها العادلة على العالم كله، وتسقط كل دعاوى الزيف الإسرائيلي، وتنتفض شعوب العالم ضد «حرب الإبادة» ومن يدعمونها، وتفشل الفاشية الصهيونية فى تكميم أفواه الشباب الذى خرج يطلب الحرية والعدل لفلسطين فى كل عواصم العالم..

وبدلا من أن يعود العقل يزداد جنون نتنياهو وحلفائه من زعماء عصابات الإرهاب اليمينى فى إسرائيل وتتخبط واشنطون فى سياستها رافضة- حتى الآن- إنهاء حرب الإبادة الإسرائيلية، وتاركة الباب مفتوحا أمام كارثة غير مسبوقة فى رفح!

الموقف المصرى الحاسم يفرض نفسه الآن على الجميع. جنون نتنياهو يواجه داخل إسرائيل نفسها من يدركون خطورة «اللعب فى الممنوع»، مع مصر، ويفهمون جيدا، أن مصر لا تناور، وأنها لن تسمح بالمساس بأمنها القومي، وأن ثمن انهيار العلاقات معها سيكون فادحا بالنسبة لإسرائيل.

ورغم تحذيرات القيادات العسكرية الإسرائيلية من أن الحرب فى غزة قد وصلت إلى طريق مسدود، فإن جنون نتنياهو مازال سيد الموقف هناك، والسلاح الأمريكى يتدفق كالعادة، والإدارة الأمريكية تكتفى بالتحذير من «العملية الكبري»، فى رفح التى تعنى الفصل الأخطر فى الإبادة الجماعية.. منعا للإحراج!!

فى كلمة مصر أمام القمة العربية أشار الرئيس السيسى إلى أننا فى لحظة حاسمة على العالم أن يختار فيها بين الفوضى أو السلام.. هل يسمعون وهل يعقلون؟!