إنهــا مصـــــــر

الصين لا تفعل مثل أمريكا

كــــــــــــرم جبــــــــــــر
كــــــــــــرم جبــــــــــــر

لعبة شد الحبل فى السياسة الدولية، أصبحت هى السائدة الآن، ويفوز بها من يستطيع أن يجذب الدول المتطلعة للتنمية والبناء، فلم تأت الحروب والصراعات إلا بمستنقعات الدم، والكل يسعى أن تحل محلها المشروعات الاقتصادية والحقول الخضراء.
العالم يعيد تشكيل نفسه، وتنظر مختلف الدول حولها شرقا وغربا، تبحث عن أصدقائها ومن يساعدها فى مواجهة أزماتها، وهذا ما تفعله الصين، التى تدخل المعادلة من أهم طرفيها، وهى التعاون المشترك والخير الذى يتحقق للجميع، ويلقى ذلك قبولا فى عديد من دول العالم، خصوصا الدول الإفريقية التى تبحث عن التنمية والحياة الكريمة لشعوبها، والتخلص من الفتن والمحن والمجاعات.
والصداقة بين الدول ليست حباً وكراهية، ولكنها مصالح وعلاقات تقوم على الاحترام المتبادل، فتزيل السحب الداكنة من سماء العلاقات الدولية، وتتحول إلى أهداف نبيلة لمقاومة الفقر، وتعظيم حق الإنسان فى المسكن والمأكل والصحة والتعليم، وحقه فى الحياة قبل أى شىء.
وأمريكا سوف تجنى خسائر فادحة فى علاقاتها بدول العالم ، وسيبقى ما تفعله فى الشرق الأوسط خصوصا غزة، حجر عثرة فى علاقتها بمختلف الدول، بعد أن فقدت قيم العدالة وإعلاء شأن حقوق الإنسان.
أما مصر فتنحاز لمصالحها الوطنية العليا، كهدف ثابت للتوجهات المصرية فى السياسة الخارجية، وتأتى جولات الرئيس السيسى تأكيدا لهذا المفهوم، فلا انحياز إلا لمصلحة مصر، ولا قبول لتدخلات فى شئونها، والصداقة لمن يمد يديه، بالتعاون والمشروعات المشتركة التى تحقق الخير للجميع.
هذا ما تريده مصر من كل دول العالم، وفى صدارتها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث شهدت العلاقات تحسنا عما كانت عليه فى فترات حكم أوباما وبوش الابن، وتوقفت سياسات ألحقت ضررا بمصر، وتجسدت فى أحداث 25 يناير، وانحياز الإدارة الأمريكية لبعض النشطاء والإخوان المسلمين، الذين أساءوا لبلدهم، وكانوا وراء أحداث الفوضى.
رفضت مصر منذ البداية نظرية الفوضى الخلاقة، وكانت ترى من واقع خبرتها وتجاربها فى المنطقة، أنها سوف تنقلب لأحداث عنف تحرق دولا وتدمر أوطانا وتشرد شعوبا، وتحققت رؤيتها بعد احتلال الجماعات الدينية ساحات المواجهة، وإشعال حروب لا تنطفئ جذوتها، جعلت أبناء البلد الواحد أعداء لبعضهم.
ظنت الولايات المتحدة أن المنطقة فى حاجة إلى ربيع عربي، يطيح بحكام ويغير أنظمة، وأن فى استطاعتها تشكيل الشرق الأوسط الجديد، وفق رؤيتها وبما يحقق مصالحها، ولكنها لم تقدر أن "الشرق" غير «الغرب»، وأن الأنظمة الديكتاتورية التى كانت قائمة فى بعض البلدان، كانت أفضل لدى شعوبها من الحروب الدموية التى مزقت تلك الدول.
وتكرر أمريكا غلطتها الكبرى بالانحياز السافر لإسرائيل، وتأييد المذبحة البشرية وجرائم الحرب دون أن تدرك أن ثمن ذلك سيكون فقدان الثقة فيها ، علاوة على ارتفاع رصيد الكراهية.