ريهاب عبدالوهاب تكتب: مكاسب مشروطة

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

لا شك أن «محنة» نقص الطاقة التى خلقتها وتغذيها الحرب الروسية - الأوكرانية كانت «منحة» للعديد من الدول المنتجة للغاز والتى سارعت للتنافس على أخذ قطعة من كعكة الغاز الأوروبية. وكان آخر من انضم لهذا السباق إسرائيل ولبنان اللذان توصلا مؤخرا لإتفاق لترسيم الحدود البحرية بعد عٌقم تفاوضى استمر 10 سنوات.

وبخلاف المكاسب الاقتصادية لاستخراج الغاز والتى سيجنيها الطرفان بعد الاتفاق- وخصوصاً لبنان الذى يعانى اقتصاده من سكرات الاحتضار منذ شهور- يحقق الإتفاق مكاسب سياسية لكل الاطراف، بما فيهم الوسيط امريكا. فبالنسبة للبنان يساعد الاتفاق على امتصاص الغضب الشعبى وتهدئة الأوضاع الداخلية مع ظهور بارقة أمل لانفراجة لأزمته الاقتصادية الخانقة، كما انه يفتح لبيروت بابا للتواصل والتعامل مع العالم خارج اطار ازمتها الممتدة منذ شهور.

وبالنسبة لإسرائيل يحتاج رئيس الوزراء الحالى يائير لابيد لهذا الاتفاق لدعم حظوظه فى الانتخابات المزمعة اول نوفمبر القادم والتى ستشهد منافسة حامية مع غريمه رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو. والأهم من ذلك ان هذا الاتفاق سيكون بمثابة اعتراف رسمى مكتوب على الورق من لبنان بدولة إسرائيل التى لم تكن تعترف بها حتى الآن.

اما امريكا فيمثّل لها هذا الاتفاق نجاحاً مهما بعد عثرات متتالية فى أزمات المنطقة كانت سبباً فى تقلص نفوذها فى الشرق الأوسط. وعلى المستوى الشخصى، نجاح بايدن فى إحداث هذه الانفراجة فى ملف ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان، والذى فشل فى حلحلته الرؤساء السابقون، يخدم صورة بايدن فى الداخل فى ظل تدنى شعبيته المتواصل منذ أسابيع ويأتى فى وقت حاسم قبل أسبوعين من انتخابات التجديد النصفى للكونجرس والتى تعد استفتاء على شعبية الرئيس وحزبه وحظوظهم فى الانتخابات الرئاسية التالية.
لكن علينا ان نتذكر ان جنى هذه المكاسب مرهون بتوافر الإرادة السياسية لدى الأطراف على ترجمة الاتفاق من «كلام على ورق» لواقع على الأرض.