كنوز| «الساخر الأعظم» يتعجب من عبارات المجاملة والنفاق !

أحمد رجب
أحمد رجب

ساخرنا الأعظم أحمد رحب حباه الله بموهبة التقاط كل شاردة وواردة ليحللها ويبين ما قد تحتويه من مبالغة أو مجاملة أو نفاق أو .... كما سنرى فى مقال «رقبتى لك» الذى نعيد نشره بعد 59 عاماً من نشره فى مجلة «آخر ساعة»، فهل عندما تطلب طلباً من شخص ما ويقول لك «رقبتى لك» هو صادق بالفعل ومستعد أن يخلع رقبته ويعطيها لك ؟ 

فلنرى ماذا قال ساخرنا الكبير - رحمه الله - فى ذلك : 

◄ «رقبتى لك !»
تعبير مجاملة كاذب جملة وتفصيلاً.. ومثله تعبير «عيونى لك».. فالرقبة عضو فى الجسم لا يمكن فكها وإعطاؤها لأحدٍ كالعينين تماماً.. ولو افترضنا أن شخصاً نفذ هذا التعبير عملياً فلا أحد يعرف ما الذى يمكن أن يفعله الشخص الآخر برقبة بنى آدم، فهى لا تصلح لأى استعمال ثم إن ظهور رقبة بنى آدم فى يد أى شخص مصيبة كبيرة تذهب به إلى محكمة الجنايات بتهمة القتل..

ومن هذا يتبين لنا أن الشخص الذى يُقال له «رقبتى لك».. لن يستفيد من هذه الرقبة إلا المصائب إذا أخذها فعلاً .. إنما الذى يستفيد من الرقبة حقاً هم ثلاثة أشخاص فقط: «صاحبها وهو على قيد الحياة طبعاً.. والجواهرجى الذى يكسب ألوف الجنيهات من وراء رقبة المرأة وهو يبيع لها حلى الرقبة.. وعشماوى الذى يكسب خمسة جنيهات من مصلحة السجون عن شنق الرقبة !

وتعبير «رقبتى لك».. يُستعمل استعمالاً دبلوماسياً عند الاعتذار لواحد يطلب جنيهاً سلف لأول الشهر.. كما يستعمله المرابى وهو يمارس هوايته المفضلة.. وهى هواية جمع توقيعات الناس المُفلسين على كمبيالات وشيكات!

◄ « قبلاتي وأشواقي !»
تعبير جواباتى غرامى غالباً.. وأخوى فى بعض الأحيان.. والقبلات جمع قبلة.. والقبلة لها ماركات كثيرة وأنواع مختلفة وأشهرها : القبلة الغرامية التى تبدأ سينمائية جداً على باب الشقة من الخارج عندما يوصل الخطيب خطيبته إلى بيتها، ثم تتحول - فيما بعد - إلى قبلة زوجية على باب الشقة «من الداخل» والزوج - الخطيب سابقاً - ذاهب إلى عمله أو عائد منه.. «هذا إن حصل».. وتعترى القبلة فى هذه المرحلة تطورات مهمة، إذ تصبح روتينية مثل: كلمة «سعيدة»، وكلمة «باى باى» كما أن أداءها من الطرفين يكون غير سينمائى بالمرة !

وأرقى أنواع القبلات «قبلة الأمومة» وهى نبضات هادئة حانية لقلب تحول إلى شفتين.. أما القبلة الغرامية فإنها تختلف فى التعريف، إذ أنها حادثة تصادم عنيفة ومتعمدة بين أربع شفاه.. وتكون الخسائر فيها زوال الطلاء الأحمر.. ولا أحد يعرف على وجه التحديد من الذى اخترع القبلة.. والأرجح أن الرجل هو الذى اخترعها ليوقف المرأة عن الثرثرة فى الوقت المناسب!.. والقبلة العاطفية تنتقل من مكان إلى مكان على مراحل العمر فهى فى أيام الغرام المبكرة تبدأ على اليد ثم تنتقل إلى الشفاه بعد ذلك، ثم تنتقل إلى الجبين.. والعريس يكشف الطرحة أمام المدعوين.. ثم بعد فترة من الزواج تنتقل إلى رحمة الله !

◄ اقرأ أيضًا | أحمد رجب يكتب: «أنا جوز شادية» !

◄ «لحظة واحدة !»
تعبير يُستعمل لإعطاء توقيت زمني.. وقائل هذا التعبير كذاب غالباً.. لأن هذه اللحظة قد تمتد إلى ساعة أو أقل أو أكثر حسب الظروف.. فهى قد تمتد إلى نصف الساعة أو أكثر أمام شباك تذاكر السكة الحديد أو مكتب البريد حتى ينتهى الموظف المختص من «الحدوتة» التى يحكيها لزميله والطابور واقف.. وقد تمتد إلى ساعة فى مجمع الجمعية الاستهلاكية حتى ينتهى الموظف المختص من مراجعة توقيع زميله على البون.. ثم وضع توقیعه هو على البون.. ثم ختم البون.. ثم تسجيل البون فى مصلحة الشهر العقارى بوصفه عقد بيع صابونة !

وقد يُستعمل هذا التعبير مكتوباً بمصاحبة موسيقى، فيصبح فى هذه الحالة تعبيراً تليفزيونياً اسمه: «لحظة واحدة من فضلك».. وقد يُستعمل هذا التعبير - أيضاً بشكل مهذب عندما يهمس به الرجل ليناقش واحدة ست ثرثارة لا تعطيه أى فرصة للكلام.. ولا يحتاج الرجل الى استعمال هذا التعبير إذا كانت هذه الست تثرثر عن طريق الراديو أو التليفزيون فإن المذيعة - أو أى متحدثة فى ميكرفون إذاعى هى الست الوحيدة التى يمكن للرجل أن يُسكتِها فوراً وبدون أى إحراج ! 

◄ «ليه.. ليه ؟ !»

تعبير تساؤلى يكثر استعماله من واحد غبى جداً .. أو واحد مفكر جداً.. كذلك يتداول هذا التعبير تداولاً غنائياً واسعاً.. إذ أنه منتشر فى الأغانى كالبقدونس والملح والفلفل، وقلما توجد أغنية تخلو منه.. ومثال ذلك: 

- «ليه تهجرنى ليه؟.. وكل ده كان ليه؟.. وإزاى حبيتك انت وحبيتك انت ليه؟.. وبتلمونى ليه؟.. ولیه بیلمونی وياك فى حبى؟.. وليه القسوة ليه؟.. والحلو ليه تقلان قوى؟.. وكان ليه خصامك ويايا؟.. ولیه یا بنفسج؟.. وليه تلاوعينى؟.. وليه ليه ليه ليه يا عين ليلى طال؟».. ومليون ليه وليه فى الأغانى، أجوبتها سهلة غالباً ومعروفة.. ومثال ذلك:

◄ ليه بيلومونى وياك فى حبى ؟

• لأنك لم تتقدم لتطلب يدها حتى الآن يا أستاذ، مكتفياً بأن تخرج معها كل يوم وتُعرض سمعة البنت للكلام الفارغ.

◄ ليه تهجرني ليه دنا بحبك ؟

• ربما لأنك عواطلي.. أو ربما لأن واحد تانى تقدم لها مرتبه أكبر وشكله ألطف.. أو ربما لأنك لا تغسل أسنانك.. أو ربما لأن هناك سوء تفاهم بينك وبين الماء والصابون.. أو ربما لأن لسانك كلسان جليل البندارى والعياذ بالله !

وهكذا نجد أن كل «ليه» فى أى أغنية جوابها بسيط ومعروف.. كذلك يُستعمل تعبير «ليه» استعمالات نسائية عديدة.. أشهرها توجيه هذا التعبير للزوج عند وصوله متأخراً عن ميعاده كالديزل.. وقد يطوف هذا التعبير برأس الرجل وهو يجلس وحيداً.. ثم يهز رأسه فى حسرة وندم متمتماً «ليه ؟».

• أي ليه اتجوزت ؟!
أحمد رجب
«آخر ساعة» -٢ سبتمبر ١٩٦٥