قلة محطات الشحن ومكونات البطاريات وارتفاع أسعارها مشاكل تنتظر الحل

السيارات الكهربائية| شركات عالمية تؤجل إطلاق طرازاتها الجديدة.. وتراجع الطلب أهم الأسباب

صورة موضوعية
صورة موضوعية

في الوقت الذي كثر فيه الحديث عن تعزيز إنتاج الشركات العالمية من السيارات الكهربائية، والتوجه بقوة نحو إنهاء العمل بالوسائل التقليدية، والتوجه نحو الطاقة النظيفة، في إطار مواجهة التغيرات المناخية، والعمل على إنهاء استخدام الوقود الأحفوري، أعلنت اثنين من كبرى الشركات العالمية عن تأجيل خطط التوسع في إنتاج السيارات الكهربائية إلى ما بعد عام 2030.

البداية مع شركة "Mercedes-Benz" التى أعلنت تغييرًا فى استراتيجيتها، وتراجعت عن خطتها لإطلاق السيارات الكهربائية فى 2030، وأكدت هذه القرارات الحذر المتزايد بشأن وتيرة الانتقال إلى المركبات الكهربائية بعد تباطؤ المبيعات، حيث قررت "Mercedes-Benz" تعديل قرارها بعد 3 سنوات من الكشف عن خطتها، استجابةً لديناميكيات السوق، وفى الأصل كانت الشركة تتصور إنهاء كامل للمركبات التى تعمل بالغاز اعتمادًا على ظروف السوق.

لكن كشفت الشركة عن توقعات أكثر تعقيدًا، وتوقعت أن تكون 50% فقط من مبيعاتها كهربائية بالكامل، ما يشير إلى انحراف كبير عن التوقعات السابقة، واعترفت "مرسيدس" بأن وتيرة التحول سيحددها العملاء وواقع السوق، وتهدف الاستراتيجية الجديدة إلى استيعاب احتياجات المستهلكين المختلفة بتقديم كل أنظمة السيارات حتى العقد الثالث من القرن الحالي.

ويعكس التحول استجابة الشركة لواقع السوق الحالى، مع التركيز على المرونة عوضًا عن الالتزام الصارم بالخطط السابقة، كما أوضحت الشركة أن الانتقال الكامل إلى السيارات الكهربائية حتى فى أوروبا التى تعد أكبر سوق لها، بحلول 2030 غير مرجح، وأكدت على ضرورة النهج المتنوع.

تؤكد هذه التصريحات الاتجاه الجديد للشركات في صناعة السيارات، الذين ينتهجون الحذر بعد تباطؤ المبيعات، حيث تتماشى الاستراتيجية الجديدة مع رؤى قادة آخرين مثل إيلون ماسك الذى يتوقع انخفاض المبيعات فى 2024، وأجرت العديد من الشركات الأخرى تعديلاً فى توقعاتها بسبب ظروف السوق الحالية، وعلى الرغم من نمو السيارات الكهربائية، إلا أن تفضيلات المستهلكين تتطور، وتوجد الكثير من التحديات التى تواجه السيارات الكهربائية، ويجب التعامل معها بمرونة عالية.  

◄ مستوى الطلب
كما قررت شركة أستون مارتن "Aston Martin" تأجيل إصدار أول مركبة كهربائية لها لما لا يقل عن عام، ويأتى التأجيل غير المتوقع بسبب الشكوك فى مستوى الطلب على السيارات الكهربائية بين عملاء العلامة التجارية.

وكشفت الشركة فى العام الماضى عن خططها لإنتاج المركبات الكهربائية ضمن منتجاتها، وشملت المبادرة إطلاق أول سيارة كهربائية التى كان من المقرر لها أن تنطلق فى 2025، لكن تقدم تصريحات "لورانس سترول" رئيس مجلس الإدارة التنفيذى بشركة "أستون مارتن" إشارة إلى تأخر كبير فى طموحات الشركة، ويرجع السبب إلى نقص الاهتمام المتوقع من قبل المستهلكين فى السيارات الكهربائية.

وأقر "سترول" بتطور الاتجاهات الاستهلاكية، وأكد على أفضلية الطرازات الهجينة مقارنة بالسيارات الكهربائية بالكامل، وشدد على أهمية الحفاظ على تجربة قيادة السيارات الرياضية الأصلية، كما لفت النظر إلى أن العملاء يقدرون عناصر مثل ضوضاء المحرك والأداء، وهى عناصر ترتبط بالمحركات الاحتراقية التقليدية.

وعلى الرغم من التأجيل إلا أن الشركة تظل ملتزمة بالنهوض بالمركبات الكهربائية، ومن المتوقع أن تدخل سيارة "فالهالا" الهجينة التى توفر قوة 1000 حصان لمرحلة الإنتاج فى وقت لاحق هذا العام.

◄ اقرأ أيضًا | هوندا ونيسان.. شراكة تواكب العصر

ويعكس قرار "أستون مارتن" تقلبات سوق السيارات الكهربائية وعدم اليقين الذى يحيط بمستقبلها، كما أن التطورات الأخيرة مثل إعلان مرسيدس بنز تأجيل خططها هى الأخرى يؤكد على ذلك.
التوقعات الأولية

كما أعلنت شركة جاكوار لاند روفر "Jaguar Land Rover" تأجيل إطلاق نموذجين من المركبات الكهربائية، بعد اهتمام ملحوظ بنطاق رانج روفر الكهربائى، بعد بدء الطلبات فى ديسمبر.

وبعد تقرير البيع القوى للربع الثالث المالى كشفت الشركة عن خطتها لإطلاق أربعة موديلات للسيارات الكهربائية الجديدة خلال السنتين القادمتين، ويُشير هذا التعديل إلى تحول عن التوقعات الأولية التى أعلنتها لاند روفر فى 2021، إذ خططت للكشف عن 6 مركبات كهربائية بالكامل تغطى سلسلة رانج روفر وديسكفرى وديفندر بحلول 2026.

وأقر الرئيس التنفيذى أدريان مارديل ببطء جدول إطلاق المركبات الكهربائية، وشدد على التزام الشركة بضمان أن المركبات الكهربائية القادمة تمثل قمة القدرات الهندسية.

يتزامن قرار التأجيل مع الاهتمام الهائل بالرانج روفر الكهربائية، مع وجود أكثر من 16 ألف مشترٍ محتمل على قائمة الانتظار، ويرجع ذلك إلى وصفها كأكثر رانج روفر رفيعة المستوى أُطلقت على الإطلاق، وتتمتع السيارة بتقنية جديدة لإلغاء ضجيج الطريق النشط، ما يعد ببيئة هادئة داخل المقصورة، ويعد بقدرات استثنائية فى القيادة على الطرق الوعرة.

وكثفت "جاكوار" برنامجها لاختبار نماذج الرانج روفر، لضمان أعلى معايير الأداء والموثوقية، ويُتوقع أن يُعلن عن إصدار الرانج روفر الكهربائى بالكامل فى وقت لاحق.

يستند كلا النموذجين إلى منصة "MLA" المستخدمة فى محركات الاحتراق الداخلى والنماذج الهجينة القابلة للشحن، كما ستعتمد الموديلات القادمة على منصة "EMA"، وفى حين أن المناقشات مستمرة فى تحويل رانج روفر فيلار إلى كهربائية، لم تقدم الشركة أى تأكيد بعد.

وتتجه "جاكوار" نحو عصر جديد مع إطلاق أول سيارة كهربائية وهى سيارة "GT" بأربعة أبواب بسعر 126 ألف دولار، كما خُطط للموديل الثانى بالفعل إذ أشار "مارديل" إلى الإصدار التالى بعد إطلاق النماذج الكهربائية الصغيرة القائمة على "EMA" والرانج روفر الكهربائية.

◄ عقبات أساسية
من جانبه قال اللواء حسين مصطفى خبير السيارات، إن ما يحدث هو شيء متوقع، فهناك العديد من العقبات التى تواجه وستواجه انتشار السيارات الكهربائية رغم ما حدث لها من انتشار خلال السنوات القليلة الماضية.

وأضاف أن أول العقبات هى عدم الانتشار الكبير والمناسب لمحظات الشحن على مستوى العالم، فالصين تعانى من هذا الأمر رغم أن هناك أكثر من 460 ألف محطة شحن كهربائى بها، وكذلك الأمر نفسه فى الولايات المتحدة الأمريكية رغم وجود ما يزيد عن 60 ألف محطة شحن كهربائية للسيارات، وأشار إلى أن من ضمن الأسباب أيضًا وهو الأكثر أهمية البطاريات الكهربائية لأنها تتكون من الليثيون والتيتانيوم وهى مواد طبيعية نادرة تتواجد بشكل أساسى فى عدد من دول أفريقيا وأمريكا اللاتينية، وتسيطر على أسواقها دول محددة.

وأشار إلى أنه يجرى الآن العديد من البحوث على مواد وسبائك آخرى لصناعة البطاريات الكهربائية بحيث تؤدى نفس الغرض وتكون ذات سعة كبيرة وتصلح للسير لمسافات كبيرة، وأضاف أن المواد الآخرى لا تمتلك نفس السعة حتى الآن وهو ما يؤكد أن السيارات الكهربائية غير قابلة للانتشار بشكل كامل فى كل أنحاء العالم فى الوقت الراهن.

وأوضح أن عدد السيارات بالعالم الآن تقريبا يصل إلى 1.4 مليار مركية وأن عدد السيارات الكهربائية لا يتجاوز 30 إلى 40 مليون سيارة، أى أن النسبة لا تزيد عن 0.02 % من حجم السيارات العالمية، كما تظهر مشكلة أخرى فى هذا الإطار وهى صعوبة التخلص من نفايات البطاريات الكهربائية، فالعالم حتى الآن لم يتوصل إلى طريقة آمنة للتخلص من تلك النفايات، وقال: "نحن هنا لا نهاجم السيارات الكهربائية ولكننا نتحدث عن تحديات يجب أن يتعامل معها العالم بشكل أكبر حتى نصل إلى المعدل المناسب لاستخدام السيارات الكهربائية".

وأضاف أنه يجرى أيضًا الآن العمل على إدخال الهيدروجين الأخضر فى مجال البطاريات، لكن الأمر ما زال محدود للغاية لوجود خطورة فيما يتعلق بعوامل الملء والتخزين والشحن، وبالتالى لا يزال العمل جاريا لإيجاد أدوات تمنع هذا الأمر، وقال إن أحد الأسباب المهمة أيضا للتراجع عن انتشار السيارات الكهربائية هو ارتفاع ثمنها مقابل فئتها من السيارات التقليدية بسبب أسعار بطارياتها المرتفعة للغاية.