في عالم “الفن السابع”، وبالأخص الأعمال التاريخية، قد نقف طويلًا أمام تنوع الشخصيات والأدوار وكيفية قيام أحدهم بالإنسلاخ عن شخصه وعن كينونته ليقدم أكثر من شخصية بعدة أوجه مختلفة، بل وأن يصبغ عليها بصبغة مغايرة، وقد تكون هي الصبغة المعروفة فيما بعد!!
فاليوم نرى الإبهار الحقيقي في أداء العبقري واكين فينكس، الذي قدم مسيرة لا تنضب من الإبداع، ففي سنة 2000 قدم لنا دور الإمبراطور الروماني المجنون في رائعة ريدلي سكوت “Gladiator”، وكيف أن آداؤه قد لفت إليه الأنظار بشكلٍ غير مسبوق، إذ تمكن من تجسيد دور الشر والجنون، ورشح فيه لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد.
ويأتي مجددًا في العام 2006 بشكلٍ مغاير في فيلم Walk The Line إذ قدم قصة حياة مغني “Country” وكاتب الأغاني جوني كاش، ورشح فيه لجائزة “الأوسكار” لأفضل ممثل، قبل أن يقدم في 2013 فيلمه الهام “The Master” والذي رُشح فيه للمرة الثالثة لجائزة “الأوسكار” لكنه لم ينالها، لكن ثقله الفني كان مؤثرًا بحالٍ وضع على مصاف الممثلين الأكثر موهبة، وجاء دوره في فيلم “Her” المنتج في العام 2014 ليقدم شخصية المنطوي عاشق برنامج ذكاء اصطناعي على هاتفه المحمول، وقدم دور السيد المسيح عام 2018 في فيلم “Mary Magdalene” عام 2019 قيامه بدوره العبقري لفيلمه الأيقوني “Joker” والذي نال عنه جائزة “الأوسكار” عن جداره، ولم يتوقف طموحه عند ذلك الحد بل اليوم يقدم دور نابليون بونابرت في فيلم ريدلي سكوت “Napoleon” والذي نجح في إذهالنا بكيفية تنوعه وتنقله بين تلك الشخصيات، وكيف أن كافة تلك الأعمال كانت لصنع مسيرة تستحق الاهتمام والتعلم منها، فالفنان هو من يستطع إقناعك بكيفية أداء أكثر من لون وشخصية بشكلٍ مقنع وقريب الفكر!!
هذا المبدع قرر إصطحابنا عبر دروبه العميقة في تقديم أكثر من لونٍ ودرجة من الإبداع، مع الحرص التام عن الإبتعاد عن الأضواء وعن برامج Talk Shows””، فهو رجلٌ غير مؤمن سوى بعمله ولا يعنيه الخوض في حياته الشخصية وعرضها للجماهير، هو فقط مؤمن بموهبته دون استعراض أو مباهاة، وفي أحد اللقاءات القليلية سُئل عن رأيه في إحتمال فوزه بجائزة “الأوسكار” عن دوره في فيلم “الجوكر”، لكنه أشاح بيده بما يفيد بأن ذلك الأمر لا يشغله كثيرًا، وقد أثبت مقولته بأنه لا قيمة للجوائز لديه، فبعد فوزه بـ”الأوسكار” ذهب ليتناول شطيرة برجر مع شريكة حياته روبي مارا، وقد جلسا سويا على الرصيف ووضع إلى جوارهما على الأرض جائزة “الأوسكار”، بما يعني عدم إكتراثه كثيرًا بالأمر، فكل ما يشغله هو العمل والإبداع ولتذهب الشهرة والأضواء للجحيم!!