أخر الأخبار

الجوكر!

هيثم مصطفى
هيثم مصطفى

في‭ ‬عالم‭ ‬“الفن‭ ‬السابع”،‭ ‬وبالأخص‭ ‬الأعمال‭ ‬التاريخية،‭ ‬قد‭ ‬نقف‭ ‬طويلًا‭ ‬أمام‭ ‬تنوع‭ ‬الشخصيات‭ ‬والأدوار‭ ‬وكيفية‭ ‬قيام‭ ‬أحدهم‭ ‬بالإنسلاخ‭ ‬عن‭ ‬شخصه‭ ‬وعن‭ ‬كينونته‭ ‬ليقدم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬شخصية‭ ‬بعدة‭ ‬أوجه‭ ‬مختلفة،‭ ‬بل‭ ‬وأن‭ ‬يصبغ‭ ‬عليها‭ ‬بصبغة‭ ‬مغايرة،‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬هي‭ ‬الصبغة‭ ‬المعروفة‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭!!‬

فاليوم‭ ‬نرى‭ ‬الإبهار‭ ‬الحقيقي‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬العبقري‭ ‬واكين‭ ‬فينكس،‭ ‬الذي‭ ‬قدم‭ ‬مسيرة‭ ‬لا‭ ‬تنضب‭ ‬من‭ ‬الإبداع،‭ ‬ففي‭ ‬سنة‭ ‬2000‭ ‬قدم‭ ‬لنا‭ ‬دور‭ ‬الإمبراطور‭ ‬الروماني‭ ‬المجنون‭ ‬في‭ ‬رائعة‭ ‬ريدلي‭ ‬سكوت‭ ‬“Gladiator”،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬آداؤه‭ ‬قد‭ ‬لفت‭ ‬إليه‭ ‬الأنظار‭ ‬بشكلٍ‭ ‬غير‭ ‬مسبوق،‭ ‬إذ‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬تجسيد‭ ‬دور‭ ‬الشر‭ ‬والجنون،‭ ‬ورشح‭ ‬فيه‭ ‬لجائزة‭ ‬الأوسكار‭ ‬لأفضل‭ ‬ممثل‭ ‬مساعد‭.‬

ويأتي‭ ‬مجددًا‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2006‭ ‬بشكلٍ‭ ‬مغاير‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬Walk The Line‭ ‬إذ‭ ‬قدم‭ ‬قصة‭ ‬حياة‭ ‬مغني‭ ‬“Country”‭ ‬وكاتب‭ ‬الأغاني‭ ‬جوني‭ ‬كاش،‭ ‬ورشح‭ ‬فيه‭ ‬لجائزة‭ ‬“الأوسكار”‭ ‬لأفضل‭ ‬ممثل،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬في‭ ‬2013‭ ‬فيلمه‭ ‬الهام‭ ‬“The Master”‭ ‬والذي‭ ‬رُشح‭ ‬فيه‭ ‬للمرة‭ ‬الثالثة‭ ‬لجائزة‭ ‬“الأوسكار”‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬ينالها،‭ ‬لكن‭ ‬ثقله‭ ‬الفني‭ ‬كان‭ ‬مؤثرًا‭ ‬بحالٍ‭ ‬وضع‭ ‬على‭ ‬مصاف‭ ‬الممثلين‭ ‬الأكثر‭ ‬موهبة،‭ ‬وجاء‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬“Her”‭ ‬المنتج‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2014‭ ‬ليقدم‭ ‬شخصية‭ ‬المنطوي‭ ‬عاشق‭ ‬برنامج‭ ‬ذكاء‭ ‬اصطناعي‭ ‬على‭ ‬هاتفه‭ ‬المحمول،‭ ‬وقدم‭ ‬دور‭ ‬السيد‭ ‬المسيح‭ ‬عام‭ ‬2018‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬“Mary Magdalene”‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬قيامه‭ ‬بدوره‭ ‬العبقري‭ ‬لفيلمه‭ ‬الأيقوني‭ ‬“Joker”‭ ‬والذي‭ ‬نال‭ ‬عنه‭ ‬جائزة‭ ‬“الأوسكار”‭ ‬عن‭ ‬جداره،‭ ‬ولم‭ ‬يتوقف‭ ‬طموحه‭ ‬عند‭ ‬ذلك‭ ‬الحد‭ ‬بل‭ ‬اليوم‭ ‬يقدم‭ ‬دور‭ ‬نابليون‭ ‬بونابرت‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬ريدلي‭ ‬سكوت‭ ‬“Napoleon”‭ ‬والذي‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬إذهالنا‭ ‬بكيفية‭ ‬تنوعه‭ ‬وتنقله‭ ‬بين‭ ‬تلك‭ ‬الشخصيات،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬كافة‭ ‬تلك‭ ‬الأعمال‭ ‬كانت‭ ‬لصنع‭ ‬مسيرة‭ ‬تستحق‭ ‬الاهتمام‭ ‬والتعلم‭ ‬منها،‭ ‬فالفنان‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يستطع‭ ‬إقناعك‭ ‬بكيفية‭ ‬أداء‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬لون‭ ‬وشخصية‭ ‬بشكلٍ‭ ‬مقنع‭ ‬وقريب‭ ‬الفكر‭!!‬

هذا‭ ‬المبدع‭ ‬قرر‭ ‬إصطحابنا‭ ‬عبر‭ ‬دروبه‭ ‬العميقة‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬لونٍ‭ ‬ودرجة‭ ‬من‭ ‬الإبداع،‭ ‬مع‭ ‬الحرص‭ ‬التام‭ ‬عن‭ ‬الإبتعاد‭ ‬عن‭ ‬الأضواء‭ ‬وعن‭ ‬برامج‭ ‬Talk Shows””،‭ ‬فهو‭ ‬رجلٌ‭ ‬غير‭ ‬مؤمن‭ ‬سوى‭ ‬بعمله‭ ‬ولا‭ ‬يعنيه‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬الشخصية‭ ‬وعرضها‭ ‬للجماهير،‭ ‬هو‭ ‬فقط‭ ‬مؤمن‭ ‬بموهبته‭ ‬دون‭ ‬استعراض‭ ‬أو‭ ‬مباهاة،‭ ‬وفي‭ ‬أحد‭ ‬اللقاءات‭ ‬القليلية‭ ‬سُئل‭ ‬عن‭ ‬رأيه‭ ‬في‭ ‬إحتمال‭ ‬فوزه‭ ‬بجائزة‭ ‬“الأوسكار”‭ ‬عن‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬“الجوكر”،‭ ‬لكنه‭ ‬أشاح‭ ‬بيده‭ ‬بما‭ ‬يفيد‭ ‬بأن‭ ‬ذلك‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يشغله‭ ‬كثيرًا،‭ ‬وقد‭ ‬أثبت‭ ‬مقولته‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬للجوائز‭ ‬لديه،‭ ‬فبعد‭ ‬فوزه‭ ‬بـ”الأوسكار”‭ ‬ذهب‭ ‬ليتناول‭ ‬شطيرة‭ ‬برجر‭ ‬مع‭ ‬شريكة‭ ‬حياته‭ ‬روبي‭ ‬مارا،‭ ‬وقد‭ ‬جلسا‭ ‬سويا‭ ‬على‭ ‬الرصيف‭ ‬ووضع‭ ‬إلى‭ ‬جوارهما‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬جائزة‭ ‬“الأوسكار”،‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬عدم‭ ‬إكتراثه‭ ‬كثيرًا‭ ‬بالأمر،‭ ‬فكل‭ ‬ما‭ ‬يشغله‭ ‬هو‭ ‬العمل‭ ‬والإبداع‭ ‬ولتذهب‭ ‬الشهرة‭ ‬والأضواء‭ ‬للجحيم‭!!‬


 

;