شاهد على الأمن السياسى

إيهاب فتحي
إيهاب فتحي

‭..‬المذكرات‭ ‬الشخصية‭ ‬ليست‭ ‬عملا‭ ‬شائعًا‭ ‬فى‭ ‬الثقافة‭ ‬المصرية‭ ‬والعربية‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬كتابة‭ ‬المذكرات‭ ‬شخصية‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬انخرطت‭ ‬فى‭ ‬العمل‭ ‬العام،‭ ‬ولكن‭ ‬فى‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬بدأت‭ ‬عملية‭ ‬نشر‭ ‬المذكرات‭ ‬الشخصية‭ ‬للسياسيين‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬والعالم‭ ‬العربى‭ ‬تأخذ‭ ‬مساحة‭ ‬معقولة‭ ‬فى‭ ‬المكتبة‭ ‬المصرية‭ ‬والعربية‭.‬

هذا‭ ‬الشح‭ ‬فى‭ ‬كتابة‭ ‬المذكرات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالسياسيين‭ ‬والمنخرطين‭ ‬فى‭ ‬العمل‭ ‬العام‭ ‬عندنا‭ ‬يقابله‭ ‬فى‭ ‬الغرب‭ ‬وتحديدًا‭ ‬فى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كثافة‭ ‬شديدة‭ ‬فى‭ ‬النشر‭ ‬فالمسئول‭ ‬السياسى‭ ‬أو‭ ‬العسكرى‭ ‬أو‭ ‬الأمنى‭ ‬أو‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬مجال‭ ‬من‭ ‬مجالات‭ ‬العمل‭ ‬العام‭ ‬بمجرد‭ ‬خروجه‭ ‬من‭ ‬منصبه‭ ‬تبدأ‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬فى‭ ‬التسابق‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التعاقد‭ ‬معه‭ ‬لنشر‭ ‬مذكراته‭.‬

تعتبر‭ ‬عملية‭ ‬نشر‭ ‬مذكرات‭ ‬الشخصيات‭ ‬العامة‭ ‬عملا‭ ‬شديد‭ ‬النظام‭ ‬والربحية‭ ‬فى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬فحسب‭ ‬دور‭ ‬الشخصية‭ ‬وشعبيتها‭ ‬فى‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وما‭ ‬أثارته‭ ‬من‭ ‬جدل‭ ‬حول‭ ‬قراراتها‭ ‬يكون‭ ‬الرقم‭ ‬المدفوع‭ ‬من‭ ‬دار‭ ‬النشر‭ ‬لصاحب‭ ‬المذكرات‭ ‬والذى‭ ‬يصل‭ ‬فى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬إلى‭ ‬رقم‭ ‬وأمامه‭ ‬ستة‭ ‬أصفار‭.‬

تحظى‭ ‬نوعية‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬المذكرات‭ ‬الشخصية‭ ‬باهتمام‭ ‬خاص‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬الأمريكية‭ ‬وهى‭ ‬مذكرات‭ ‬القادة‭ ‬العسكريين‭ ‬ورجال‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬لأن‭ ‬اسم‭ ‬صاحب‭ ‬المذكرات‭ ‬وموقعه‭ ‬يحفز‭ ‬القارئ‭ ‬على‭ ‬الشراء‭ ‬بسبب‭ ‬طبيعة‭ ‬عمل‭ ‬الشخصية‭ ‬صاحبة‭ ‬المذكرات‭ ‬وما‭ ‬سيكشفه‭ ‬من‭ ‬أسرار‭ ‬مثيرة‭.‬

آخر‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬المذكرات‭ ‬التى‭ ‬أثارت‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬قوية‭ ‬والصادرة‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬كانت‭ ‬بعنوان‭  ‬‭"‬نقطة‭ ‬الانصهار‭" ‬للجنرال‭ ‬كينيث‭ ‬ماكينزى‭ ‬قائد‭ ‬القيادة‭ ‬الوسطى‭ ‬فى‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكى‭.‬

تأتى‭ ‬الإثارة‭ ‬فى‭ ‬مذكرات‭ ‬الجنرال‭ ‬ماكينزى‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬المسئول‭ ‬المباشر‭ ‬عن‭ ‬عملية‭ ‬قتل‭ ‬قاسم‭ ‬سليمانى‭ ‬قائد‭ ‬فيلق‭ ‬القدس‭ ‬فى‭ ‬الحرس‭ ‬الثورى‭ ‬الإيرانى‭.‬

بالتأكيد‭ ‬دارالنشر‭ ‬تعلم‭ ‬جيدا‭ ‬أنها‭ ‬ستعوض‭ ‬ما‭ ‬دفعته‭ ‬لأصحاب‭ ‬تلك‭ ‬المذكرات‭ ‬سواء‭ ‬سياسيين‭ ‬أو‭ ‬قادة‭ ‬عسكرين‭ ‬ورجال‭ ‬الاستخبارات‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬المبيعات‭ ‬للنسخ‭ ‬المطبوعة‭ ‬و‭ ‬نسخ‭ ‬ال‭ ‬PDF‭  ‬هذا‭ ‬غير‭ ‬حقوق‭ ‬نشر‭ ‬المعلومات‭ ‬فى‭ ‬المذكرات‭ ‬لذلك‭ ‬توجد‭ ‬وظيفة‭ ‬مرتبطة‭ ‬بعملية‭ ‬النشر‭ ‬تلك‭ ‬وهى‭ ‬وظيفة‭ "‬الكاتب‭ ‬الشبح‭ ".‬

هذا‭ "‬الكاتب‭ ‬الشبح‭ " ‬هو‭ ‬كاتب‭ ‬محترف‭ ‬وفى‭ ‬الأغلب‭ ‬يكون‭ ‬صحفي‭ ‬متمرس‭ ‬يتولى‭ ‬إعادة‭ ‬صياغة‭ ‬المعلومات‭ ‬التى‭ ‬توفرها‭ ‬له‭ ‬الشخصية‭ ‬صاحبة‭ ‬المذكرات‭ ‬فى‭ ‬حال‭ ‬أن‭ ‬صاحب‭ ‬المذكرات‭ ‬لايمتلك‭ ‬موهبة‭ ‬الكتابة‭ .‬

بنسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬أغلب‭ ‬المذكرات‭ ‬التى‭ ‬كتبتها‭ ‬شخصيات‭ ‬عامة‭ ‬أمريكية‭ ‬تولى‭ ‬صياغتها‭ "‬الكاتب‭ ‬الشبح‭"‬‭ ‬الذى‭ ‬حاز‭ ‬على‭  ‬هذه‭ ‬الصفة‭ ‬لأن‭ ‬اسمه‭ ‬لايظهر‭ ‬على‭ ‬غلاف‭ ‬المذكرات‭ ‬لذلك‭ ‬يظل‭ ‬شبحًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬للقارئ‭ ‬ويتلقى‭ ‬أجره‭ ‬من‭ ‬دار‭ ‬النشر‭ ‬التى‭ ‬تتولى‭ ‬طبع‭ ‬ونشر‭ ‬المذكرات‭.‬

لا‭ ‬تأتى‭ ‬أهمية‭ ‬هذه‭ ‬المذكرات‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬فقط‭ ‬تحقق‭ ‬أرباحًا‭ ‬أو‭ ‬تعطى‭ ‬لصاحبها‭ ‬شهرة‭ ‬فوق‭ ‬شهرته،‭ ‬تتمثل‭ ‬الأهمية‭ ‬الأكبر‭ ‬فى‭ ‬أنها‭ ‬وثائق‭ ‬تاريخية‭ ‬تسهم‭ ‬فى‭ ‬بناء‭ ‬ذاكرة‭ ‬الأمة‭ ‬وتفسر‭ ‬للمواطن‭ ‬الذى‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬السياسى‭ ‬والدولة‭ ‬طبيعة‭ ‬وظروف‭ ‬القرار‭ ‬الذى‭ ‬أتخذ‭ ‬وقتها‭ ‬مما‭ ‬يعطى‭ ‬ثقة‭ ‬للمواطن‭ ‬فى‭ ‬دائرة‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬داخل‭ ‬دولته‭ ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬القرارات‭ ‬متعلقة‭ ‬بالجوانب‭ ‬الأمنية‭ ‬والاستخباراتية‭ ‬التى‭ ‬تظل‭ ‬لحساسيتها‭ ‬سرية‭ ‬ولا‭ ‬يكشف‭ ‬عنها‭ ‬إلا‭ ‬وفق‭ ‬مدد‭ ‬زمنية‭ ‬محددة‭ ‬وممن‭ ‬عاصروها‭. ‬

إذا‭ ‬كانت‭ ‬حركة‭ ‬نشر‭ ‬المذكرات‭ ‬للشخصيات‭ ‬السياسية‭ ‬المصرية‭ ‬والعربية‭ ‬شهدت‭ ‬نشاطًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬فى‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬النوعية‭ ‬الخاصة‭ ‬بمذكرات‭ ‬الشخصيات‭ ‬المصرية‭ ‬والعربية‭ ‬التى‭ ‬عملت‭ ‬فى‭ ‬المجال‭ ‬الاستخبارى‭ ‬والأمنى‭ ‬شديدة‭ ‬الندرة،‭ ‬بحثت‭ ‬طويلا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬المذكرات‭ ‬فى‭ ‬المكتبة‭ ‬المصرية‭ ‬والعربية‭ ‬ووجدت‭ ‬عددًا‭ ‬لا‭ ‬يخرج‭ ‬عن‭ ‬أصابع‭ ‬اليد‭ ‬الواحدة‭ ‬ومنذ‭ ‬سنوات‭ ‬قرأت‭ ‬عن‭ ‬مذكرات‭ ‬اللواء‭ ‬حسن‭ ‬طلعت‭ ‬مدير‭ ‬المباحث‭ ‬العامة‭ ‬السابق‭ ‬والذى‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬أصبح‭ ‬جهاز‭ ‬مباحث‭ ‬أمن‭ ‬الدولة‭ ‬وحاليا‭ ‬جهاز‭ ‬الأمن‭ ‬الوطنى‭ .‬

صدرت‭ ‬هذه‭ ‬المذكرات‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ "‬فى‭ ‬خدمة‭ ‬الأمن‭ ‬السياسى‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1939‭ ‬الى‭ ‬عام‭ ‬1971‭ " ‬وكانت‭ ‬طبعتها‭ ‬الأولى‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬1983‭ ‬،‭ ‬طوال‭ ‬سنوات‭ ‬بحثت‭ ‬عن‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المذكرات‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬أوفق‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عثرت‭ ‬على‭ ‬نسخة‭ ‬منها‭.‬

هناك‭ ‬أسباب‭ ‬عديدة‭ ‬تحرك‭ ‬شغف‭ ‬أى‭ ‬محب‭ ‬لتاريخ‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬فى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المذكرات‭ ‬لعل‭ ‬أولها‭ ‬الفترة‭ ‬التاريخية‭ ‬التى‭ ‬تغطيها‭ ‬مذكرات‭ ‬اللواء‭ ‬حسن‭ ‬طلعت‭ ‬وهى‭ ‬فترة‭ ‬شديدة‭ ‬الغنى‭ ‬بالأحداث‭ ‬الفاصلة‭ ‬فى‭ ‬تاريخ‭ ‬الوطن‭ ‬الأمرالآخر‭ ‬أن‭ ‬النافذة‭ ‬التى‭ ‬سنطل‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬نافذة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬رغم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الكتابات‭ ‬التى‭ ‬غطت‭ ‬نفس‭ ‬الفترة‭ ‬تاريخيًا،‭ ‬لأن‭ ‬صاحب‭ ‬المذكرات‭ ‬ليس‭ ‬شخصية‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬عامة‭ ‬يمكن‭ ‬لها‭ ‬التصريح‭ ‬الدائم‭ ‬بما‭ ‬تفعله‭ ‬أوشرح‭ ‬طبيعة‭ ‬قراراتها‭ ‬بل‭ ‬عمله‭ ‬كرجل‭ ‬أمن‭ ‬وتوليه‭ ‬أعلى‭ ‬درجات‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬فرضت‭ ‬عليه‭ ‬السرية‭ ‬التامة‭ ‬فى‭ ‬قراراته‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬له‭ ‬بالتأكيد‭ ‬شرحها‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬مدة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭.‬

من‭ ‬ضمن‭ ‬الأسباب‭ ‬العديدة‭ ‬التى‭ ‬تعطى‭ ‬لهذه‭ ‬المذكرات‭ ‬أهمية‭ ‬خاصة‭ ‬غير‭ ‬طبيعة‭ ‬منصب‭ ‬صاحبها‭ ‬أنها‭ ‬تكشف‭ ‬مراحل‭ ‬صعود‭ ‬خطر‭ ‬الفاشية‭ ‬الإخوانية‭ ‬وتهديدها‭ ‬لمفهوم‭ ‬الدولة‭ ‬سواء‭ ‬فى‭ ‬العهد‭ ‬الملكى‭ ‬أو‭ ‬بعد‭ ‬ثورة‭ ‬23‭ ‬يوليو‭ ‬لتثبت‭ ‬المعلومات‭ ‬الواردة‭ ‬فى‭ ‬المذكرات‭ ‬أن‭ ‬الفاشية‭ ‬الإخوانية‭ ‬ودون‭ ‬شك‭ ‬تستهدف‭ ‬الدولة‭ ‬فى‭ ‬الأساس‭ ‬مهما‭ ‬اختلف‭ ‬النظام‭ ‬السياسى‭ ‬ملكى‭ ‬أو‭ ‬جمهورى‭.‬

يضع‭ ‬صاحب‭ ‬المذكرات‭ ‬رؤية‭ ‬محددة‭ ‬فى‭ ‬البداية‭ ‬للأحداث‭ ‬التى‭ ‬سيتناولها‭ ‬لتكون‭ ‬محايدة‭ "‬لم‭ ‬يكن‭ ‬اتصالى‭ ‬بالأحداث‭ ‬السياسية‭ ‬اتصالا‭ ‬صانعا‭ ‬أو‭ ‬مفجرا‭ ‬لها‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬اتصال‭ ‬رجل‭ ‬أمن‭ ‬يعايشها‭ ‬أو‭ ‬يداورها‭ ‬أو‭ ‬لتفاجئه‭ ‬بدورها‭ ‬فتجرفه‭ ‬معها‭ ‬وقد‭ ‬تزامنت‭ ‬خدمتى‭ ‬بالشرطة‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الأحداث‭ ‬العظام‭ ‬التى‭ ‬عاشتها‭ ‬مصر‭ ‬خلال‭ ‬أربعة‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬أواسط‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ".‬

رغم‭ ‬غنى‭ ‬هذه‭ ‬المذكرات‭ ‬بالكثير‭ ‬بالمعلومات‭ ‬التاريخية‭ ‬الهامة‭ ‬والمثيرة‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الحلقات‭ ‬لنشرها‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الصراع‭ ‬مع‭ ‬الفاشية‭ ‬الإخوانية‭ ‬فى‭ ‬مراحله‭ ‬المتعددة‭ ‬من‭ ‬الملكية‭ ‬إلى‭ ‬الجمهورية‭ ‬يؤكد‭ ‬طبيعة‭ ‬هذا‭ ‬التظيم‭ ‬الإرهابى‭ ‬وعمالته‭ ‬لقوى‭ ‬الاستعمار‭ ‬وأن‭ ‬غرضه‭ ‬الأساسى‭ ‬الصدام‭ ‬مع‭ ‬الأمة‭ ‬والدولة‭ ‬المصرية‭ ‬بكافة‭ ‬الوسائل‭ ‬المنحطة‭.‬

أول‭ ‬صدام‭ ‬بين‭ ‬صاحب‭ ‬المذكرات‭ ‬والجماعة‭ ‬الفاشية‭ ‬كان‭ ‬فى‭ ‬مدينة‭ ‬الإسماعيلية‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تعيينه‭ ‬ضابط‭ ‬القلم‭ ‬الخصوص‭ ‬أو‭ ‬البوليس‭ ‬السياسى‭ ‬المسئول‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬السياسى‭ ‬بالمحافظة‭.‬

تكشف‭ ‬الواقعة‭ ‬التى‭ ‬يثبتها‭ ‬فى‭ ‬مذكراته‭ ‬تأصل‭ ‬مفهوم‭ ‬الخداع‭ ‬والكذب‭ ‬فى‭ ‬الجماعة‭ ‬الفاشية‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬مرشدها‭ ‬ومؤسسها‭ ‬حسن‭ ‬البنا،‭ ‬قررت‭ ‬الجماعة‭ ‬الفاشية‭ ‬الاحتفال‭ ‬بذكرى‭ ‬تأسيسها‭ ‬العشرين‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬48‭ ‬بمدينة‭ ‬الإسماعيلية‭ ‬لأنها‭ ‬المدينة‭ ‬التى‭ ‬شهدت‭ ‬بدايتها‭ ‬مع‭ ‬مرشدها‭ ‬حسن‭ ‬البنا‭ ‬وقررت‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬والمحافظة‭ ‬رفض‭ ‬التصريح‭ ‬بالاحتفال‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يرتكب‭ ‬عناصر‭ ‬الإخوان‭ ‬أعمال‭ ‬عنف‭.‬

من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬خبرات‭ ‬صاحب‭ ‬المذكرات‭ ‬وقتها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تتيح‭ ‬له‭ ‬اكتشاف‭ ‬مدى‭ ‬خسة‭ ‬وانحطاط‭ ‬هذه‭ ‬الجماعة‭ ‬ومرشدها‭ " ‬لحسن‭ ‬ظنى‭ ‬بالناس‭ ‬فقد‭ ‬تصديت‭ ‬لإقناع‭ ‬المسئولين‭ ‬بالموافقة‭ ‬على‭ ‬إقامة‭ ‬الاحتفال‭ ‬لأهمية‭ ‬المناسبة‭ ‬عند‭ ‬أفراد‭ ‬الجماعة‭ (..) ‬واعتمدت‭ ‬على‭ ‬ماقدمه‭ ‬لى‭ ‬قادة‭ ‬الإخوان‭ ‬بالإسماعيلية‭ ‬من‭ ‬تعهدات‭ ‬ووعود‭ ‬بأن‭ ‬الأحتفال‭ ‬سيقتصر‭ ‬على‭ ‬تلاوة‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬وإلقاء‭ ‬بعض‭ ‬الكلمات‭ ‬وتقرر‭ ‬إقامة‭ ‬الاحتفال‭ ‬وأصبحت‭ ‬المسئول‭ ‬شخصيًا‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬الإخلال‭ ‬بالأمن‭ ‬العام‭ " ‬قدم‭ ‬المرشد‭ ‬وقادة‭ ‬الجماعة‭ ‬كافة‭ ‬الوعود‭ ‬للضابط‭ ‬حسن‭ ‬طلعت‭ ‬بأن‭ ‬احتفالهم‭ ‬لن‭ ‬يخرج‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أعلنوه‭ ‬عن‭ ‬تلاوة‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬والكلمات‭.‬

يسرد‭ ‬اللواء‭ ‬حسن‭ ‬طلعت‭ ‬دهشته‭ ‬وصدمته‭ ‬مما‭ ‬فعلته‭ ‬الجماعة‭ ‬الفاشية‭ ‬وأنها‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬أى‭ ‬سلمية‭ ‬فى‭ ‬تحركاتها‭ ‬ولا‭ ‬تحفظ‭ ‬أى‭ ‬وعود‭  "‬أخذت‭ ‬جموع‭ ‬الإخوان‭ ‬تنهال‭ ‬على‭ ‬المدينة‭ ‬مستخدمين‭ ‬كافة‭ ‬وسائل‭ ‬النقل‭ ‬ولم‭ ‬يأت‭ ‬المساء‭ ‬حتى‭ ‬كان‭ ‬بالمدينة‭ ‬عدة‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬الجماعة‭ ‬القادمين‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬البلاد‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أتوقعه‭ ‬أو‭ ‬أحسب‭ ‬له‭ ‬حسابا‭ ‬وبدأ‭ ‬الاحتفال‭ ‬باصطفاف‭ ‬أفراد‭ ‬الجماعة‭ ‬فى‭ ‬طابور‭ ‬عرض‭ ‬تقودهم‭ ‬سيارة‭ ‬جيب‭ ‬بها‭ ‬ميكرفون‭ ‬تتبعها‭ ‬فرقة‭ ‬موسيقية‭ ‬نحاسية‭ ‬وتحرك‭ ‬الطابور‭ ‬مخترقا‭ ‬شوارع‭ ‬المدينة‭ ‬ضاربين‭ ‬باتفاقنا‭ ‬عرض‭ ‬الحائط‭ "‬‭ .‬

بالتأكيد‭ ‬كانت‭ ‬الجماعة‭ ‬الفاشية‭ ‬تقوم‭ ‬باستعراض‭ ‬قوة‭ ‬وقتها‭ ‬ولم‭ ‬يجد‭ ‬صاحب‭ ‬المذكرات‭ ‬إلا‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬حسن‭ ‬البنا‭ ‬وصهره‭ ‬عبدالله‭ ‬الصولى‭ ‬رئيس‭ ‬شعبة‭ ‬الإخوان‭ ‬فى‭ ‬الإسماعيلية‭ ‬لكى‭ ‬يتراجعوا‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الاستعراض‭ ‬العسكرى‭ ‬الذى‭ ‬ينبئ‭ ‬بوقوع‭ ‬أعمال‭ ‬عنف‭ ‬ولكن‭ ‬البنا‭ ‬وصهره‭ ‬اختفيا‭ ‬تمامًا‭.‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬قوات‭ ‬الشرطة‭ ‬المتواجدة‭ ‬مع‭ ‬الضابط‭ ‬حسن‭ ‬طلعت‭ ‬تتجاوز‭ ‬15‭ ‬جنديًا‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬الآلاف‭ ‬بالإضافة‭ ‬لضابط‭ ‬المباحث‭ ‬الجنائية‭ ‬وأدرك‭ ‬وقتها‭ ‬أن‭ ‬الإخوان‭ ‬بهذا‭ ‬الحشد‭ ‬يريدون‭ ‬الصدام‭ ‬وإشاعة‭ ‬الرعب‭ ‬فى‭ ‬المدينة‭ ‬ليتأكد‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬قوتهم‭. ‬

‭" ‬قررنا‭ ‬عند‭ ‬ذلك‭ ‬التصدى‭ ‬للمسيرة‭ ‬مهما‭ ‬كلفنا‭ ‬الأمر‭ ‬وعدم‭ ‬السماح‭ ‬لها‭ ‬بالمرور‭ ‬من‭ ‬النفق‭ ‬ــ‭ ‬نفق‭ ‬السكك‭ ‬الحديدية‭ ‬ــ‭ ‬وكان‭ ‬موقفنا‭ ‬لابأس‭ ‬به‭ (‬‭..) ‬وعندما‭ ‬حاولت‭ ‬طلائع‭ ‬المسيرة‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬مدخل‭ ‬النفق‭ ‬أطلقنا‭ ‬عدة‭ ‬أعيرة‭ ‬نارية‭ ‬فى‭ ‬الهواء‭ ‬وكم‭ ‬كانت‭ ‬دهشتنا‭ ‬عندما‭ ‬ارتد‭ ‬الطابور‭ ‬على‭ ‬أدراجه‭ ‬راجعًا‭ ‬الى‭ ‬السرادق‭ ‬طاويًا‭ ‬أعلامه‭ ‬مخرسًا‭ ‬أبواقه‭ ‬وعند‭ ‬ذلك‭ ‬ظهر‭ ‬حسن‭ ‬البنا‭ ‬وعبدالله‭ ‬الصولى‭ ‬وذكرا‭ ‬لى‭ ‬أن‭ ‬ماحدث‭ ‬كان‭ ‬بغير‭ ‬علمهما‭ ‬ومخالفا‭ ‬لأوامرهما‭". ‬

تكشف‭ ‬هذه‭ ‬الواقعة‭ ‬أن‭ ‬منهج‭ ‬الفاشية‭ ‬الإخوانية‭ ‬لا‭ ‬يتغير‭ ‬فى‭ ‬الخداع‭ ‬والكذب‭ ‬وعلى‭ ‬رأس‭ ‬المخادعين‭ ‬والكذابين‭ ‬مرشدهم‭ ‬وأن‭ ‬اللغة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التى‭ ‬تخرسهم‭ ‬هى‭ ‬لغة‭ ‬القوة‭ .‬

نأتى‭ ‬لواقعة‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭  ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬المدينة‭ ‬الإسماعيلية‭ ‬عندما‭ ‬التقى‭ ‬صاحب‭ ‬المذكرات‭ ‬بمحمود‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬طالب‭ ‬كلية‭ ‬الطب‭ ‬البيطرى‭ ‬قبل‭ ‬إعدامه‭ ‬والذى‭ ‬اغتال‭ ‬النقراشى‭ ‬باشا‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬ووزير‭ ‬الداخليةعقب‭ ‬حل‭ ‬الجماعة‭ ‬فى‭ ‬1948‭ ‬نتيجة‭ ‬للاغتيالات‭ ‬والتفجيرات‭ ‬التى‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬الفاشية‭ ‬الإخوانية‭.‬

‭"‬فقد‭ ‬ضبط‭ ‬الذى‭ ‬أطلق‭ ‬النار‭ ‬عليه‭ ‬وأتضح‭ ‬أنه‭ ‬طالب‭ ‬بكلية‭ ‬الطب‭ ‬البيطرى‭ ‬يدعى‭ ‬محمود‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬والتزم‭ ‬الصمت‭ ‬أثناء‭ ‬التحقيقات‭ ‬وأنكر‭ ‬صلته‭ ‬بقيادة‭ ‬الجماعة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أصدر‭ ‬حسن‭ ‬البنا‭ ‬بيانًا‭ ‬فى‭ ‬الصحف‭ ‬استنكر‭ ‬فيه‭ ‬تلك‭ ‬الجريمة‭ ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬الذين‭ ‬ارتكبوها‭ ‬ليسوا‭ ‬إخوانا‭ ‬وليسوا‭ ‬مسلمين‭ ‬عندئذ‭ ‬غضب‭ ‬محمود‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬واعترف‭ ‬وقدم‭  ‬تفصيلا‭ ‬مطولا‭ ‬لطريقة‭ ‬تجنيده‭ ‬ومبايعته‭ ‬المرشد‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬السمع‭ ‬والطاعة‭, ‬وكيف‭ ‬اجتمع‭ ‬بمفتى‭ ‬الإخوان‭ ‬الشيخ‭ ‬سيد‭ ‬سابق‭ ‬الذى‭ ‬أفتى‭ ‬أن‭ ‬قتل‭ ‬النقراشى‭ ‬حلال‭ ‬وأنه‭ ‬فى‭ ‬حكم‭ ‬المرتد‭" ‬وثبت‭ ‬فى‭ ‬التحقيق‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬أفراد‭ ‬الجماعة‭ ‬كان‭ ‬مكلفًا‭ ‬بقتل‭ ‬الجانى‭ ‬محمود‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬ليموت‭ ‬ومعه‭ ‬سره‭.‬

يقدم‭ ‬هنا‭ ‬صاحب‭ ‬المذكرات‭ ‬شهادة‭ ‬هامة‭ ‬عن‭ ‬ضحايا‭ ‬الجماعة‭ ‬الفاشية‭ ‬الذين‭ ‬خدعوا‭ ‬بمنهجها‭ ‬الإجرامى‭ ‬وساروا‭ ‬فى‭ ‬طريق‭ ‬الإرهاب‭ " ‬وقد‭ ‬شاهدت‭ ‬محمود‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬قبل‭ ‬إعدامه‭ ‬عندما‭ ‬حضر‭ ‬الى‭ ‬الإسماعيلية‭ ‬تحت‭ ‬الحراسة‭ ‬للإرشاد‭ ‬عن‭ ‬بقعة‭ ‬بصحراء‭ ‬عين‭ ‬غصين‭ ‬بالإسماعيلية‭ ‬كان‭ ‬يتدرب‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬المختلفة‭ ‬وقد‭ ‬صاحبته‭ ‬حوالى‭ ‬الساعتين‭ ‬ونحن‭ ‬نتجول‭ ‬فى‭ ‬الصحراء‭ ‬على‭ ‬الأقدام‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬المكان‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬يقصده‭ ‬فوجدته‭ ‬شابًا‭ ‬وديعًا‭ ‬يفيض‭ ‬ندمًا‭ ‬وأسفا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬جنت‭ ‬يداه‭ ‬فامتلأ‭ ‬قلبى‭ ‬همًا‭ ‬وحزنًا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الشاب‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عدة‭ ‬لمصر‭ ‬وقد‭ ‬حكم‭ ‬على‭ ‬شركائه‭ ‬بالأشغال‭ ‬الشاقة‭ ‬المؤبدة‭. ‬وعندما‭ ‬قامت‭ ‬ثورة‭ ‬23‭ ‬يوليو‭ ‬أخلت‭ ‬سبيلهم‭ ‬ليبدأوا‭ ‬صفحة‭ ‬جديدة‭ ‬فى‭ ‬خدمة‭ ‬بلادهم‭ ‬وقد‭ ‬التقيت‭ ‬بأحد‭ ‬هؤلاء‭ ‬الشركاء‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أتم‭ ‬دراسته‭ ‬وشغل‭ ‬منصبًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬فى‭ ‬أحدى‭ ‬شركات‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬وهو‭ ‬الأستاذ‭ ‬محمود‭ ‬كامل‭ ‬وقد‭ ‬قص‭ ‬على‭ ‬كيف‭ ‬كانت‭ ‬سيطرة‭ ‬حسن‭ ‬البنا‭ ‬عليهم‭ ‬طاغية‭ ‬وكيف‭ ‬شحن‭ ‬نفوسهم‭ ‬بالإقناع‭ ‬بأن‭ ‬الجريمة‭ ‬التى‭ ‬سيقدمون‭ ‬على‭ ‬ارتكابها‭ ‬هى‭ ‬جهاد‭ ‬فى‭ ‬سبيل‭ ‬الله‭ ‬يرقى‭ ‬بهم‭ ‬إلى‭ ‬مرتبة‭ ‬الشهداء‭ ‬من‭ ‬صحابة‭ ‬النبى‭ ‬وأنهم‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ينطلقوا‭ ‬إلى‭ ‬مواقعهم‭ ‬كانوا‭ ‬يقبلون‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬مودعين‭ ‬ومتواعدين‭ ‬على‭ ‬اللقاء‭ ‬فى‭ ‬الجنة‭ " .‬

تؤكد‭ ‬هذه‭ ‬الشهادة‭ ‬الهامة‭ ‬تطابق‭ ‬منهج‭ ‬الفاشية‭ ‬الإخوانية‭ ‬فى‭ ‬التجنيد‭ ‬والإجرام‭ ‬مع‭ ‬كافة‭ ‬التظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬الأخرى‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬داعش‭ ‬الفارق‭ ‬الوحيد‭ ‬أن‭ ‬الفاشية‭ ‬الإخوانية‭ ‬هى‭ ‬الأصل‭ ‬الذى‭ ‬أنتج‭ ‬كل‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭.‬

‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬تشير‭ ‬هذه‭ ‬الشهادة‭ ‬إلى‭ ‬أمر‭ ‬هام‭ ‬،‭ ‬أن‭ ‬ثورة‭ ‬23‭ ‬يوليو‭ ‬لم‭ ‬تتخذ‭ ‬فى‭ ‬البداية‭ ‬أى‭ ‬موقف‭ ‬عدائى‭ ‬تجاه‭ ‬عناصر‭ ‬الجماعة‭ ‬الفاشية‭ ‬بل‭ ‬أفرجت‭ ‬عن‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬اشتركوا‭ ‬فى‭ ‬جرائم‭ ‬الفاشية‭ ‬وأعطتهم‭ ‬فرصة‭ ‬ليستعيدوا‭ ‬حياتهم‭ ‬ولكن‭ ‬الجماعة‭ ‬الفاشية‭ ‬هى‭ ‬من‭ ‬حاربت‭ ‬الثورة‭ ‬والدولة‭ ‬وأرادت‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬سلطة‭ ‬الحكم‭ ‬لها‭ ‬بكافة‭ ‬الوسائل‭ ‬العنيفة‭ ‬والإرهابية‭ .‬

مازالت‭ ‬المذكرات‭ ‬تحوى‭ ‬تفاصيل‭ ‬متعددة‭ ‬حول‭ ‬تصاعد‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬مع‭ ‬الفاشية‭ ‬الإخوانية‭ ‬بعد‭ ‬قيام‭ ‬ثورة‭ ‬23‭ ‬يوليو‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الموضوعات‭ ‬شديدة‭ ‬الأهمية‭ ‬لنطل‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬التاريخية‭ ‬من‭ ‬نافذة‭ ‬نادرة‭ ‬فى‭ ‬إطلالتها‭ .. ‬لكن‭ ‬إلى‭ ‬مساحة‭ ‬أخرى‭ .‬

;