يحدث فى مصر الآن

محفوظ والغيطانى بمعرض الكتاب

يوسف القعيد
يوسف القعيد

مساء يوم الإثنين انتهت أعمال الدورة الرابعة والخمسين لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، والتى اعتُبرت بشهادة الجميع مصرياً وعربياً وعالمياً أنجح دوراته. وقد رأينا نحن الذين زرنا المعرض أكثر من مرة الدكتورة نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة التى تشرف على المعرض وتتولاه، والدكتور أحمد بهى الدين رئيس هيئة الكتاب المسئولة عن المعرض يبذلان من الجهد ما يفوق طاقة البشر ليظهر بأبهى صوره.

ترددت على المعرض أكثر من مرة وكانت هناك مفاجآت مفرحة لى فى مكتبات مصر والوطن العربى والعالم التى تعرض أحدث ما أخرجته للكبار أو الأطفال..

أتوقف أمام ظاهرتين. الأولى: نجيب محفوظ، سيد الرواية العربية ومؤسسها وأكثر من قدم لحظات عمره لتجويدها والوصول بها إلى العالمية وأنا عندى مؤلفاته الكاملة التى أصدرتها دار الشروق. أعرق دور النشر المصرية والعربية وأقدمها. أعود إليها بين الحين والآخر بعد أن أهدانى إياها صديقى المهندس إبراهيم المعلم صاحب الدار.. ولكن نجيب محفوظ هذا العام صدرت بعض أعماله فى مكتبة ديوان.

وقد ذهبت إلى المكتبة أبحث عن كتاب هدى نجيب محفوظ عن والدها. والذى يحمل الجديد فعلاً، ولكنى لم أجده.

وعرفت من زميلتى منة الأبيض الصحفية بالأهرام وشريكة هدى فى تأليف الكتاب أنه لم يصدر بعد. وإن كنت أعتبر أن صدوره يُعد حدثاً أدبياً مهماً للغاية..

سعدتُ فى معرض هذا العام عندما وجدت الشباب من الأجيال الطالعة يسألون عن نجيب محفوظ، ويتلهفون لاقتناء الكتب الصادرة عنه.

ويبذلون جهداً ضخماً بحثاً عن مؤلفاته. وهذا يؤكد أن الرجل بجهده وعرقه وأصالة عمله مازال جاذباً حتى للأجيال الشابة والطالعة.

أعرف أن مكتبة ديوان أصدرت بعض أعماله. وأتمنى لها الانتهاء من نشر كل مؤلفاته، فهو المؤسس الحقيقى لكتابة الرواية العربية بشكلها الحديث..

مفاجأة المعرض الثانية كانت صدور المؤلفات الكاملة لرفيق الدرب وتوأم الروح جمال الغيطانى عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وهو عمل لابد أن نحيى الهيئة عليه.

فهى دار النشر الكبرى مصرياً وعربياً التى تقوم بدورٍ ثقافى مهم فى توفير الثقافة لملايين المصريين والعرب بأرخص الأسعار. وفى أحيان كثيرة بسعر التكلفة. دون النظر لمسألة الربح والخسارة إطلاقاً. فهى تقوم بدور ثقافى أكثر من كونها تسعى لمردودات مالية معينة.

بل إنها لا تفكر فى ذلك فى الأصل والأساس.. وجمال الغيطانى صديق العمر وتوأم الروح جزء من تجربتى الأساسية فى الحياة الأدبية وفى القراءة والكتابة منذ أن جئت من قريتى فى ستينيات القرن الماضى واستقر بىَّ الحال فى القاهرة، مجنداً فى القوات المسلحة المصرية الباسلة، ثم صحفياً محترفاً بدار الهلال، إلى أن تفرغت للقراءة والكتابة تماماً.. جمال جزءٌ منى وأنا جزءٌ منه. وفرحى بصدور مؤلفاته التى كانت الناس تبحث عنها ليلاً ونهاراً لا حدود لها.

ورغم أن مؤلفاته تملأ أرفف مكتبتى فى طبعاتها المختلفة. إلا أننى أعتبر أن طبعة هيئة الكتاب لأعماله كما لو كانت تصدر لأول مرة. خاصة أن لدينا أجيالاً فى مصر والوطن العربى لم تعاصر صدور هذه الأعمال عندما صدرت.. ولهذا فإن طباعتها تُعد إحياءً لإرثه الثقافى المهم.