مع إحترامي

الرعب القادم من كابول

فرج أبوالعز
فرج أبوالعز

نعترف أو ننكر، نتفق أو نختلف، نصدق أو لا نصدق، لكن العالم كله يعيش رعب عودة مرتع ومفرخة الإرهاب فى أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان على الحكم.. تلك البقعة التى شكلت منذ قرابة 40 عاما ملجأ الإرهابيين حول العالم والذين سرعان ما يعودون لبلادهم أو بلاد أخرى لنشر الإرهاب بما يشكل أكبر تشويه لسمعة المسلمين ويلصق بهم وصمة الإرهاب.  

السيطرة السريعة لطالبان على أفغانستان ترسم علامات استفهام كبيرة حول الدور الأمريكى الخفى فيما حدث فى كابول فبعد ساعات فقط من بدء إجلاء القوات الأمريكية تقع أفغانستان بأكملها تحت سيطرة طالبان التى استولت على أسلحة الجيش النظامى الأمريكية الصنع.  

علامات استفهام كثيرة حول هدف تواجد القوات الأمريكية فى أفغانستان منذ 20 عاما.. هل كان دورها فقط القضاء على القاعدة انتقاما من حادث تفجير برجى مركز التجارة العالمى فى نيويورك أم بناء جيش أفغانى قوي؟ الواقع يؤكد أن أمريكا فشلت فى كل ذلك مع تزايد عودة القاعدة لنشاطها وكذلك نحو 20 تنظيما إرهابيا آخر تتخذ من أفغانستان مقرا لها، بجانب فشلها فى بناء جيش وطنى قوى لم يستطع الصمود أمام مليشيات طالبان.. وفى اعتقادى أن ذلك الفشل الأمريكى الذريع فى أفغانستان يعيد إلى الأذهان الفشل الأمريكى فى فيتنام فى ستينيات القرن الماضي.  

فوضى خطة إجلاء  القوات الأمريكية التى اتبعتها أمريكا وراء الرعب المنتشر فى أفغانستان الآن من مخاوف الحكم المتشدد لطالبان وهذا يبدو جليا من محيط مطار كابول الذى امتلأ براغبى الهروب من الرعب المنتظر الأمر الذى أدى لتوقف عمليات الإجلاء حتى بالنسبة لجزء من القوات الأمريكية. أمام الوضع الضبابى فى أفغانستان يجب على المجتمع الدولى أن يقوم بدور سريع وحاسم تجاه التحديات الانسانية الخطيرة هناك ومشهد سقوط قتلى تعلقوا بطائرة إجلاء أبلغ دليل على خطورة الوضع من الناحية الإنسانية بل والأمنية أيضا.  

على منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى التحرك بسرعة فالخطر لا يهدد الشعب الأفغانى فقط بل يهدد العالم أجمع فلا شك أن أفغانستان تحت حكم طالبان ستشكل للعالم كله شوكة ومزرعة لتصدير الإرهاب وسط تقديرات تشير إلى وجود 10 آلاف إرهابى أجنبى على أرض  أفغانستان وانتشارهم لمختلف بقاع الكرة الأرضية خاصة للدول الإسلامية أمر ليس ببعيد ولا غريب فقد شكلت أفغانستان خلال الأربعين عاما الماضية قاعدة إطلاق للإرهابيين.. على الأمم المتحدة أن تتحرك من باب «حفظ ماء الوجه» بتشكيل لجنة دولية عاجلة لبحث الوضع ميدانيا فى أفغانستان وتهيئة المناخ لإجراء انتخابات حرة يحدد فيها الشعب الأفغانى وحده مصيره.  

السؤال الذى يفرض نفسه بقوة على الساحة: أين دور منظمات العمل الإسلامى المشترك فى منع الرعب القادم من كابول والتى عادة ما يتغلب على مواقفها الشجب والاستنكار والتحذير دون عمل يلامس الواقع ويعيد الأمور إلى نطاقها الصحيح؟  
ما يحدث فى أفغانستان الآن وما حدث من تنكيل بالأقليات الإسلامية فى دول كثيرة أحدثها ما يعنيه مسلمى الروهينا يفرض بقوة التفكير بل المبادرة بتطوير آلية العمل الإسلامى المشترك لدرجة تتجاوز أعمال الإغاثة الإنسانية إلى دور أكبر يفرض كلمته على الأحداث بحيث لا يبقى ديدنا دائما «نحن نشجب وندين ونناشد».