سجود المجوس للطفل يسوع

المطران د. منير حنا أنيس - مطران الكنيسة الأسقفية/الأنجليكانيه بمصر وشمال أفريقيا والقرن الأفريقى
المطران د. منير حنا أنيس - مطران الكنيسة الأسقفية/الأنجليكانيه بمصر وشمال أفريقيا والقرن الأفريقى

بقلم/ المطران د. منير حنا أنيس

فى عيد الميلاد أود أن أتأمل فى حدث من الأحداث العجيبة التى صاحبت ميلاد المسيح، وهى زيارة المجوس للطفل الوليد يسوع المسيح. وهنا نسأل من هم المجوس؟ ولماذا كانوا حريصين على زيارة الطفل المولود؟ والمجوس والمعروفون أيضًا بالحكماء هم طائفة من الكهنة وكانوا يعيشون فى مملكة فارس، وأشار إليهم سفر النبى دانيال عندما سلط نبوخذنصر دانيال على كل ولاية بابل وجعله رئيسًا على جميع حكماء بابل، أى المجوس.
وكان المجوس يعملون فى مجال الفلك والنجوم ويقول لنا القديس متى فى إنجيله «وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِى بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، فِى أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيم قَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِى الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ».» (متى ٢: ١-٢)
وربما نتساءل لماذا يتحمل المجوس مشقة السفر من بلاد بعيدة لكى يأتوا إلى فلسطين لكى يسجدوا إلى طفل مولود معتقدين أنه ملك اليهود المنتظر، وذلك بعد أن رأوا نجمه فى المشرق.
لكن المجوس توقعوا أن يكون الملك المولود لابد أن يكون فى القصر الملكى لذلك ذهبوا إلى أورشليم حيث قصر هيرودس الملك، الذى عندما سمعهم يتحدثون عن ملك لليهود وُلِد مؤخرًا، اضطرب واضطرب معه كل شعب أورشليم ، لأنه أحس بالتهديد لوجود ملك آخر غيره.
ثم تقول القصه أن المجوس دخلوا إلى البيت ورأوا الصبى مع مريم أمه، فخروا وسجدوا له مدركين أنه المسيا أى الملك الذى كان ينتظره الشعب، لقد سجدوا له بالرغم من وجوده فى منزل حقير لايوحى أنه ملك. ثم قدموا له هدايا ،ذهباً ولباناً ومراً، وهذه الهدايا ترمز إلى عمل وخدمة المسيح، فالذهب يرمز إلى ملكوته وبره الالهى واللبان أو البخور يرمز إلى خدمته ككاهن يتشفع من أجل شعبه والمر يرمز إلى الالم والموت الذى تحقق عندما مات على الصليب.
ثم بعد ذلك ظهر الملاك فى حلم ليوسف وقال له «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ.فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلًا وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ.» (متى 2 :13ب -14) وهنا نرى خطة الله وحمايته للمسيح من هيرودس الذى كان ينوى قتله وبالفعل أمر هيرودس بقتل كل أطفال بيت لحم. وهذه القصه أيضاً تُظهر لنا مصر التى رحبت بالطفل يسوع، وأصبحت ملجأ له، وتحققت النبوة «من مصر دعوت ابنى» ، وبسبب لجوء المسيح إلى مصر بارك الله مصر، التى كانت وثنيه فى ذلك الوقت،وكتب أيضاً «مبارك شعبى مصر».
أحبائى إننا عندما نتأمل فى قصة الميلاد وزيارة المجوس، نجد ثلاث مجموعات من الناس لهم ثلاثة ردود فعل مختلفة نحو المسيح وأنا أثق أن ردود الفعل هذه مازالت موجوده لنا الآن، فنحن نجد مجموعه من الناس التى ترفض المسيح كهيرودس ورؤساء الكهنه الذين كانوا معه. ولقد وصل درجه رفضهم إلى أنه اقتادوه لبيلاطس وصرخوا اصلبه..اصلبه...وقالوا أيضاً ليس لنا ملك إلا قيصر.
والمجموعه الثانيه هم هؤلاء الذين فرحوا بميلاد المسيح واتخذوه ملكاً لهم وسجدوا لهم مثل المجوس والرعاه.
والمجموعه الثالثه هم هؤلاء الذين لم يكترثوا ولم يهتموا بحدث الميلاد وهم الغالبيه التى كانوا يعيشون فى بيت لحم ولم يهتموا بما يحدث فى مدينتهم ولم يكن لديهم أى فضول أن ياتوا ليروا المسيح المولود الذى طالما انتظروه. فأى من المجموعات أنت اليوم أهو الملك على حياتك، أم أنك ترفضه أم أنك لاتهتم به.
- مطران الكنيسة الأسقفية/الأنجليكانيه بمصر وشمال أفريقيا والقرن الأفريقى