فواصل

‫ إسرائيل… دولة تتصدع

أسامة عجاج
أسامة عجاج

ما الذى تغير فى لهجة بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى، الذى وقف فى فبراير قبل الماضى، أثناء التظاهرات التى شارك فيها مئات الآلاف، ضد خطته إدخال تعديلات جوهرية على النظام القضائى، ليرد بحسم على توقعات زعيم حزب الله حسن نصر الله، بأن إسرائيل ستشهد حربا أهلية، لينفى ويرد عليه زاعما بأن بلاده ستظل ديمقراطية موحدة الصفوف، وعاد للحديث عن خطر وجودى محدق بالكيان الصهيونى. ويقول (ينبغى ألا تندلع حرب أهلية بين الأشقاء بالانقسام، فالوحدة شرط النجاح).

ودعونا نكون صادقين مع النفس، أن هذا التغيير لا يعود فقط إلى ما جرى خلال الأشهر الماضية منذ أكتوبر من العام الماضى، فهى عامل مضاف وليس كل العوامل فى وصول الأمور إلى الخوف من حرب أهلية، فجزء من أزمة إسرائيل الوجودية، يعود إلى تركيبتها البنيوية كدولة وكيان، والذى يعصف به خلافات قائمة تحت السطح، وأسباب تآكل تحت الرماد، وتظهر فقط مع الأزمات الكبيرة، والتحديات الأكبر، ويتم التعبير عنها بشكل أو بآخر، وأتوقف هنا عند مظهرين الأول، الخلاف بين المستوى السياسى والعسكرى فى إسرائيل، ويخطئ من يظن أن ذلك يحدث لأول مرة، بل سبقه مثلا الخلاف بين رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق اسحاق رابين وبين رئيس الأركان فى ذلك الوقت دانيال شومرون، أثناء مواجهة الانتفاضة الأولى، ولكن ظرف طوفان الأقصى وتوابعه تتجاوز ما جرى فى تلك الانتفاضة، فقد خرجت الأمور عن السيطرة، وأصبح من الصعب التحكم فى تبعاته، بعد النيل من المؤسسة العسكرية والتشكيك فى قدراتها، التى حظيت منذ تأسيس الكيان بثقة واحترام، ضاعا مع انتقادات أطراف سياسية خاصة من اليمين المتطرف، ومن ذلك مواجهة رئيس الأركان هرتسى هليفى الأخيرة ، مع زعامات اليمين المتطرف بن غفير، أما المظهر الثانى، فهو الخلاف بين جماعات وأحزاب اليمين المتطرف وقطاعات عريضة من الشعب الإسرائيلى، حول العديد من القرارات، منها مطالبة حزب شاس بنقل صلاحيات تعيين الحاخامات من السلطات المحلية إلى وزارة الأديان، والخلاف حول قانون التجنيد.

وحقيقة الأمر، بأن الفترة الماضية عززت وكرست مخاوف إسرائيلية، من سيناريو (يوم القيامة) أو لعنة (العقد الثامن)، الذى يسيطر على الذهنية الإسرائيلية ومنهم قادة وسياسيون، مثل رئيس الوزراء السابق إيهود باراك مما يعنى تفكك أهم عنصر فى قيام الدولة، وهو تجميع اليهود من الشتات.

نحن إذاً أمام المرحلة الأصعب التى تواجه إسرائيل.