مجازر إسرائيل.. عرض مستمر

تاريخ أسود.. قتل وحرق من «دير ياسين» لـ«خيام رفح»

مساجد فلسطين  شهدت أكثر من مجزرة.. أشهرها الحرم الإبراهيمى بالخليل ومذبحة الأقصى الأولى عام 1990
مساجد فلسطين شهدت أكثر من مجزرة.. أشهرها الحرم الإبراهيمى بالخليل ومذبحة الأقصى الأولى عام 1990

 بقلم: مروة جابر 

لم تكن مجزرة «خيام رفح» جنوب قطاع غزة-والتى قتلت فيها إسرائيل أكثر من مائة شهيد فلسطينى بينهم نساء وأطفال- استثناء فى التاريخ الإرهابى لدولة الاحتلال.. فتاريخ إسرائيل سلسلة حافلة من المذابح التى اقترفتها بحق المدنيين العزل وعلى رأسهم النساء والأطفال على مر العصور.

فطالما كان العدوان الإسرائيلي الغاشم متجردا من إنسانيته فى مذابحه التى يشنها على الأبرياء، لم تفرق قوات الاحتلال بين مدني وعسكري، أو بين شيوخ ونساء أو حتى أطفال، وصواريخه تستهدف المدارس والمستشفيات والمواقع الميدانية التى تؤوى العزل والمصابين.

على مدار أكثر من 70 عاما عانت خلالها فلسطين وشعبها من ويلات الاحتلال، رصدت مراكز أبحاث فلسطينية وقوع أكثر من 100 مجزرة كبرى منذ 1947 والتى كثرت إبان إنشاء وقيام الدولة العبرية وقد كان الهدف الكامن وراء تلك المذابح تفريغ المدن والقرى الفلسطينية من أهلها لتوطين اليهود القادمين من الخارج.

مذابح التأسيس

فى 31 ديسمبر 1947، أغارت عصابات «الهاجاناه» على قرية بلدة الشيخ ويطلق عليها الآن «تل حنان» ولاحقت المدنيين العزل، أدت المذبحة إلى استشهاد العديد من النساء والأطفال وبلغت حصيلة المذبحة نحو 600 شهيد وجدت جثث غالبيتهم داخل منازل القرية. مجازر إسرائيل لم تبدأ مع إقامة دولتها اليهودية واغتصاب أرض فلسطين، بل من قبل ذلك وفى عهد الانتداب البريطاني، فلم ولن ينسى التاريخ مذبحة دير ياسين غرب القدس وراح ضحيتها نحو 360 شهيدا فى 9 أبريل 1948، ونفذتها الجماعتان الصهيونيتان الإرجون وشتيرن. ورغم مرور أسبوعين فقط على توقيع معاهدة سلام بين أهالي القرية ورؤساء المستوطنات اليهودية المجاورة، حدثت تلك المجزرة لتخرق المذبحة عهود السلام ويقوم اليهود بالمجزرة ليلاً، ويحكم الاحتلال قبضته على هذه القرية، فتم تفجير كل منازلها، وقتل غالبية سكانها بمن فيهم الأطفال والنساء والشيوخ، وتجاوزت عمليات القتل للتعذيب ولتقطيع الأطراف واغتصاب الفتيات أمام أهاليهنّ.

ولم يمض شهران على دير ياسين لتحل مجزرة جديدة فى يوليو 1948، وأسفرت عن استشهاد 426 شخصا، عندما انتفض سكان مدينة اللد القريبة من رام الله على الغطرسة الإسرائيلية، فما كان من الوحدات التابعة لقوات البلماخ الخاصة بمنظمة الهاجاناه إلّا أن اجتاحتها فى 11 يوليو 1948، وأخرجت جميع الرجال الذين يتجاوز عمرهم 16 سنة، لتعدمهم بالرصاص الحي، وبعد ذلك بدأت تطلق الرصاص على كل من يتحرك، فكانت النتيجة تناثر الجثث فى الشوارع.

وفى 29 أكتوبر 1956، نفذ حرس الحدود الإسرائيلى مذبحة ضد مواطنين فلسطينيين عُزَّل فى قرية كفر قاسم راح ضحيتها 49 مدنيًا منهم ثلاثة وعشرون طفلًا دون الثامنة عشرة، حاولت حكومة إسرائيل بقيادة بن جوريون التستر على المجزرة ومنع نشرها إلا أنه تم اكتشافها فى النهاية.

وفى نوفمبر من العام نفسه، نفذ الجيش الإسرائيلى مجزرة بحق اللاجئين الفلسطينيين في مخيم خان يونس راح ضحيتها أكثر من 250 فلسطينيا، وبعد تسعة أيام نفذت وحدة من جيش الاحتلال مجزرة وحشية أخرى، راح ضحيتها نحو 275 شهيدًا من المدنيين فى نفس المخيم، كما قتل أكثر من مائة فلسطينى من سكان مخيم رفح للاجئين فى نفس اليوم، وقد امتدت هذه المذبحة حتى حدود بلدة بنى سهيلا.. وفي أكتوبر 1990 حدثت مذبحة الأقصى الأولى، عندما حاول متطرفون يهود ممن يسمون بجماعة أمناء جبل الهيكل بوضع حجر الأساس بما يسمى للهيكل الثالث فى ساحة المسجد الأقصى بمدينة القدس، فقام أهل القدس بمنع المتطرفين اليهود من ذلك، فاندلعت اشتباكات بين المصلين وعددهم نحو أربعة آلاف مصل وبين المتطرفين اليهود الذين يقودهم جرشون سلمون، فتدخل على الفور جنود الاحتلال الإسرائيلى الذين انتشروا فى ساحات المسجد وأمطروا المصلين بزخات من الرصاص دون تمييز، مما أدى إلى استشهاد 21 وإصابة 150 بجروح مختلفة واعتقال 270 شخصاً.

وفى 25 فبراير 1994، قام باروخ جولدشتاين، وهو طبيب يهودى بمذبحة الحرم الإبراهيمى فى مدينة الخليل الفلسطينية بالتواطؤ مع عدد من المستوطنين والجيش فى حق المصلين حيث اطلق النار على المصلين فى المسجد الإبراهيمى أثناء أدائهم الصلاة فجر يوم جمعة فى شهر رمضان، وقتل 29 مصليًا وجرح 150 آخرين قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون ويقتلوه.. أما مذبحة الأقصى الثانية، فكانت فى سبتمبر 1996 وأطلق عليها انتفاضة النفق.

ووقعت هذه المذبحة بعد إعلان سلطات الاحتلال فتح النفق المجاور للجدار الغربي للمسجد الأقصى حيث وقعت اشتباكات عنيفة بين الفلسطينيين والشرطة الفلسطينية ضد جنود الاحتلال فى كافه أرجاء فلسطين دفاعاً عن المسجد الأقصى المبارك، وقد أسفرت هذه المواجهات العنيفة عن استشهاد 51 فلسطينيًا وإصابة 300.

الانتفاضة الثانية

وفى سبتمبر 2000، قام شارون بزيارة إلى المسجد الأقصى الأمر الذى اعتبره الفلسطينيون تدنيسا لأرض المسجد الطاهر وقام شباب فلسطينى بالتصدى له لإفشال الزيارة، وفى اليوم التالى، قام جنود الاحتلال بفتح النيران على رؤوس المصلين قبل التسليم من صلاة الجمعة وجرت مواجهات فى ساحات الأقصى أسفرت عن أبشع مذبحة فى تاريخ الإنسانية راح ضحيتها 250 فلسطينيا بين شهيد وجريح، وأبرزهم الطفل محمد الدرة..

وفى 2 أبريل 2002، اقتحمت قوات الاحتلال مخيم جنين بالضفة الغربية بتعزيزات عسكرية تقدر بـ 20 ألفا من قوات الاحتياط وأكثر من 400 دبابة ، واستخدم الاحتلال شتى أنواع المدفعية والصواريخ بقتل العُزل والاعتقال العشوائى بطرق مهينة وتعذيب المعتقلين، ومنع وصول الأغذية والدواء للمحاصرين والمصابين، ومنع تسليم جثث الشهداء لذويهم مع القصف العشوائى لمنازل ومبانى المدينة.

مذابح لبنان

ولم يكتف الاحتلال باستهداف الفلسطينيين فى أراضيهم بل امتد لخارج الحدود، ففى سبتمبر 1982 ، وقعت مذبحة بمخيم صابرا وشاتيلا الفلسطيني، وذلك بعد دخول الاحتلال إلى العاصمة اللبنانية بيروت وإحكام سيطرته على القطاع الغربى منها ، وراح ضحية تلك المذبحة 1500 شهيد من الفلسطينيين واللبنانيين العزّل، بينهم الأطفال والنساء، فضلًا عن اغتصاب النساء.. وفى عام 1996 ، ارتكب الاحتلال مجزرتين فى قرية قانا جنوب لبنان، الأولى عندما تم قصف موقع لجأ إليه المدنيون هربا من عملية عناقيد الغضب التى شنها العدو على لبنان، ليسقط 106 قتلى ضحية هذه المجزرة، أما الثانية فكانت فى عام 2006 خلال العدوان الإسرائيلى على لبنان وراح ضحيتها 55 شهيدا أغلبهم من الأطفال.