رئيس قسم الدعوة بجامعة الأزهر: دور كبير للمساجد في حماية وتماسك المجتمع

شهر رمضان فرصة عظيمة لانطلاق دعاة الحق للتأثير فى الخلق
شهر رمضان فرصة عظيمة لانطلاق دعاة الحق للتأثير فى الخلق

الواجب يحتم علينا أن تتضافر جهودنا، وتتحد قلوبنا، وتتكاتف سواعدنا لحماية وطننا من أى خطر متوقع، وأى ضرر ينتظر، وذلك بأن نكون صفا واحدا، نابذين العداء والبغضاء والفساد، حتى نفوت على العدو فرصته فى زرع بذور التفرق، والتنازع والشقاق.. هذه المعانى الراقية يؤكدها د. مجدى عبد الغفار حبيب، أستاذ الدعوة بكلية أصول الدين، ورئيس قسم الدعوة بكلية الدراسات العليا، جامعة الأزهر الشريف. ويضيف أن المسجد يعد أهم ميادين الحماية الداخلية للمجتمع، وإن وحدة المسلمين هدف أساسى لرسالة المسجد، فهو مركز ممارسة الصلاة، وملتقى المسلمين، يؤدون فيه صلاتهم جماعة واحدة خلف إمام واحد.

الأفكار والأذكار
يوضح د. مجدى أن شهر رمضان بمثابة الفرصة المواتية، والزمن المتاح لانطلاق دعاة الحق للتأثير فى الخلق، وأجواؤه تتناسب من خلال من يشهدون صلاة الجمع والجماعات والقيام؛ فالمسلم حين يتخطى عتبة المسجد ينتقل من حال إلى حال أخرى، وكثيرا ما نرى بين جدران المساجد حين يسمع القرآن من إمام خاشع مؤثر أحد رواد المسجد ذائبا فى دموعه، بل قد ترى الإمام نفسه وقد خنقته الشهقات والانفعالات.

وإذا كانت الأخوة الإسلامية التى جعلها الإسلام أهم ركائز المجتمع الإسلامى قد تفتر بالتباعد حينا وبالانشغال بالأمور المعاشية حينا آخر، فإن المسجد يحتم على المسلم أن يلقى أخاه المسلم خمس مرات فى اليوم والليلة، يلتقى معه على عبادة الله تعالى والوقوف بين يديه صفا واحدا وإن اختلفت الأفكار، فليس هناك تقسيم مصنف للسلفية فى المسجد الواحد صف، وللصوفية صف، ولأصحاب فكر صف وللمخالف له فى الفكر صف آخر؛ بل ينتظمون جميعا رغم اختلاف أفكارهم فى صف واحد، وقبلة واحدة، والإمام الواحد والآمال الواحدة، ورغم اختلاف الأفكار تتفق الأذكار، فليس لمن جاورك وإن اختلفت معه فكريا ذكر يختلف عن ذكرك، أو تسبيح يختلف عن تسبيحك، أو قراءة تختلف عن قراءتك، ففاتحة الكتاب لا تعرف تصنيفا لقارئها، أى ليست هناك فاتحة بقراءة سلفية أو بقراءة صوفية أو بقراءة تبليغية، فالفاتحة واحدة والأذكار واحدة فتعالوا لنخرج بدرس من دروس المسجد فى رمضان وهو أن يلتمس بعضنا لبعضنا الأعذار فى اختلاف الأفكار وأن نعمق قوة التكاثر فيما بيننا باتفاق الأذكار.

اقرأ أيضاً | د. مجدى حبيب.. رئيس قسم الدعوة بجامعة الأزهر: دور كبير للمساجد فى حماية وتماسك المجتمع

سمات أهل السنة
ويشير د. مجدى حبيب إلى أنه من سمات أهل السنة الاجتماع والائتلاف، وهم من أشد الناس حرصا عليه ودعوة له، كيف لا وهم الجماعة وهم السواد الأعظم: (يعرفون الحق ويعذرون الخلق)، روى الإمام ابن جرير الطبرى عن الحسن قال:(ولذلك خلقهم)، قال: أما أهل رحمة الله فإنهم لا يختلفون اختلافا يضرهم. وروى فيها عن ابن عباس قوله: (ولذلك خلقهم)، قال: خلقهم فريقين: فريقا يرحم فلا يختلف، وفريقا لا يرحم يختلف.

وروى أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال: «إن «الشيطان» ذئب الإنسان، كذئب الغنم، يأخذ الشاة القاصية، «والناحية»، فإياكم والشعاب، وعليكم بالجماعة، والعامة، والمسجد»، والحديث حسن لغيره، وهذا سند رجاله ثقات إلا أنه منقطع، العلاء بن زياد لم يسمع من معاذ.

وقال النووى حول حديث: «إن الله يرضى لكم ثلاثا»: «وأما قوله: (ولا تفرقوا) فهو أمر بلزوم جماعة المسلمين وتألف بعضهم ببعضٍ، وهذه إحدى قواعد الإسلام؛ ثم إن بعض الناس ممن يثيرون الفرقة يدفعهم لذلك الحرص والاجتهاد الخاطئ، لكن يغيب عنهم أن مصالح الاجتماع لا تقارن بالمفاسد الناشئة عن الافتراق والاختلاف.

وسائل وحدة الصف
ويتابع د. مجدى حبيب أن علينا إدراك وتعميق أهمية وحدة الصف، قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا....)، وتقوية أواصر المجتمع، قال تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليمٌ خبيرٌ).

وقال صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، والموازنة بين قول الحق ووحدة الصف، إذ لا يتصور أن يسعى مسلم بقصد وإرادة إلى شق وحدة الأمة، لكن ربما هو الشعور بالغيرة على الدين، والرغبة منه فى بيان ما يعتقد أنه هو الحق والصواب؛كذلك من الصواب أن تقول الحق لكن من الأصوب ألا تقول كل الحق، لذلك بوب الإمام البخاري، رحمه الله، فى كتاب العلم من صحيحه: باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية ألا يفهموا، وأورد فيه أثرا لسيدنا على رضى الله عنه:(حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله).