إنها مصر

جيل ورا جيل!

كرم جبر
كرم جبر

كل جيل يبكى على حاله، ويستدعى السابقين ويترحم على أيامهم، والمطرب العظيم سيد درويش منذ أكثر من قرن كان يشكو من تدهور المستوى الأخلاقى فى أغنيته الشهيرة "فين المصرى بتاع زمان"، ومن قبله ومن بعده يفعلون نفس الشيء.


وبالمناسبة لمن لا يعرف سيد درويش هو باعث نهضة الموسيقى فى مصر والوطن العربي، من مواليد كوم الدكة بالإسكندرية، وبدأ حياته الفنية بالغناء مع عملاقين فى هذا الزمن، هما الشيخ سلامة حجازى والشيخ حسن الأزهرى.


لكل وقت أذان، وزمان كنا نشاهد طلبة الجامعة فى أفلام الأبيض والأسود، يرتدون البدلة كاملة، حتى لو كانت فقيرة، والكرافت والأحذية اللامعة، ومصففى الشعر وحليقى الذقون.
بنات أمس، شبه نادية لطفى وزبيدة ثروت وفاتن حمامة، هوانم، رقة وذوق وشياكة، واستايل مصرى أصيل يوحى بالروعة وعنوانه "الست دى مصرية"، وكانت الفتاة المصرية وردة العرب.
الجيل الحالى يمتلك "القدرة" ويفتقد "القدوة"، والشباب مولع بالبحث عن مثل أعلى، يقتنع به ويؤمن بمبادئه ويسير على دربه.
النجم محمد صلاح أصبح زعيما للشباب العربي، لأنهم وجدوا فيه ما يفتقدونه فى غيره.


ومن ناحية المضمون، فالتغيرات التى طرأت على الشخصية المصرية حادة.. فتراجعت الشهامة وكانت علامة مميزة للجدعان أولاد الشارع والحارة، فيهبون لنجدة امرأة مأزومة، ويمنعون المعاكسات ودخول الغرباء، أما الآن اخترع الأشرار أساليب شيطانية للشر، يعجز القلم عن وصفها.


الموبايل تحول إلى شيطان، إذا صدمت سيارة مواطنا ودمه يسيل، التف الناس حوله ليس لإنقاذه ولكن لتصويره بالموبايل، ولا تطمئن وأنت تتحدث مع صديق أو غريب، لأنه يسجل كلامك، وإذا دخلت أى مكان تجد الجميع منشغلين عن الحديث والتواصل، باللعب فى الموبايل.


وانتشر الكذب.. وفى الواقعة الواحدة تتعدد الشهادات، وفى المحاكم ظهرت فئة اسمها شهود الزور، وإذا صادفك حظك العثر بأولوية المرور مع سيارة أخرى، فسوف تسمع ما لا تحبه ولا ترضاه، دا غير لو ركنت سيارتك خطأ أمام مقهى أو محل عصير، فتجد الكاوتش على الأرض، حتى لا تفعلها ثانية.
ومن بين كل أسباب "اللا أخلاق"، تظهر صور نادرة للشهامة والمروءة، نتمنى تسليط الأضواء عليها.