سطور جريئة

مهزلة الساعات المعتمدة بالكليات النظرية

 رفعت فياض
رفعت فياض

لاشك أن تطوير التعليم فى مصر لايعنى استجلاب نٌظم من دول أخرى لا تصلح للتطبيق فى الجامعات المصرية والإلزام بتطبيقها.. ولنا فى تطبيق نظام الساعات المعتمدة مثال واضح حيث تم إلزام الجامعات فى مصر بتطبيقه فى كلياتها المختلفة بغض النظر عن طبيعتها.

ولقد تحدثت كثيرا فى أكثر من مقال فى هذا المكان من قبل عن عدم ملاءمة هذا النظام للكليات ذات الأعداد الكبيرة مثل كليتى التجارة والحقوق. ولو نظرنا للتطبيق العملى لما يسمى بنظام الساعات المعتمدة فى هذه الكليات نجد أنه لا يتفق مع الفلسفة التى يقوم عليها ولا آلياته، فالأصل فى نظام الساعات المعتمدة هو أن يتم تقسيم الطلاب الى مجموعات لا يزيد العدد فى أى منها على خمسين طالبا. وهذا يتطلب توافر أماكن كافية فى الكليات..

فكيف يتسنى ذلك فى كليات الاعداد الكبيرة؟ أضف إلى ذلك أن نظام الساعات المعتمدة هذه بشكله الصحيح عند تطبيقه أنه يسمح للطالب باختيار المواد التى يدرسها والتى يجب أن يقرها المرشد الأكاديمى بالكلية، وهذا يعنى أن هذا النظام يشترط عند تطبيقه بشكل صحيح ضرورة وجود ما يطلق عليه الإرشاد الاكاديمي.

وأن يكون المرشد الاكاديمى من أعضاء هيئة التدريس.. فهل هذا مطبق فى هذه الكليات النظرية التى بها عشرات الآلاف من الطلاب،  وعدد محدود من أعضاء هيئة التدريس مثلما أشرنا فى مقالاتنا الأخيرة عن الوضع الكارثى فى كليات الحقوق على سبيل المثال؟ والإجابة بالطبع لا..

والأخطر من ذلك أن هناك كليات للأسف تكلف المعيدين والمدرسين المساعدين بالقيام بهذه المهمة !! مهمة المرشد الأكاديمى !! وهذا يعنى أن مسمى الساعات المعتمدة عندنا بالجامعات المصرية لاعلاقة له بنظام الساعات المعتمدة فى الدول المتقدمة، وأننا استوردنا الشكل فقط دون أن نطبق المضمون بشكل صحيح.

وهنا أتساءل : هل يسمح بالفعل للطلاب باختيار المقررات التى يدرسها كل منهم فى كل فصل دراسى كما هو مطلوب فى أساسيات تطبيق نظام الساعات المعتمدة؟ إن مجرد الاطلاع على اللوائح الداخلية للكليات النظرية عندنا يبين لنا أنها تتضمن فقط جداول بالمقررات التى تقدم فى كل فصل دراسى كمقررات اجبارية، وليس للطالب حق الاختيار من بينها، فهل نعتبر بعد كل ذلك أننا نطبق بالفعل وبشكل صحيح نظام الساعات المعتمدة بالكليات النظرية المحشوة بعشرات الآلاف من الطلاب ؟ أعتقد أن الإجابة الصحيحة «لا» طبعا.

وهناك نقطة أخرى لابد أن أشير إليها فى نظام الساعات المعتمدة هذه، حيث يعتمد تطبيق هذا النظام على أساس التقييم المستمر للطالب على مدار الفصل الدراسي، وتخصص للاختبار النهائى فيه نسبة تتراوح بين ٣٠٪، ٤٠٪ من الدرجة الكلية للمقرر، كما تخصص باقى الدرجة للأعمال الفصلية من إسنادات واختبارات مفاجئة واختبارات فصلية، ويحرم الطالب من حضور الاختبار النهائى إذا لم يستوف نسبة الحضور والتى تكون عادة ٧٥٪ من عدد المحاضرات..

وهنا يكون السؤال مرة أخرى : هل هذه المتطلبات تتوافر فى كليات الاعداد الكبيرة ؟ أعتقد أن الاجابة واضحة للعيان وهى النفى، هذا بالاضافة الى عدم تطبيق اللوائح الداخلية للكليات. مما شجع الطلاب على عدم حضور المحاضرات.

ومما زاد الطين بلة كما يقول الصديق د0إسماعيل جمعة الأستاذ بكلية التجارة بجامعة الإسكندرية انه لكى يتم إعلان النتائج بسرعة لجأت كل هذه الكليات للأسف الى جعل الاختبارات النهائية فى كل المقررات بنظام الاختيار من متعدد، أو الخطأ والصواب، مما أفقد العملية التعليمية ركنا أساسياً فى تقييم الطلاب وأصبح الطلاب غير قادرين على التفكير النقدي، أو التحليل، أو التعبير، وأصبحت الاختبارات تقيس فقط قدرة الطالب على الغش او التخمين.

ويؤكد د.جمعة أنه عايش نظام الساعات المعتمدة كطالب وكأستاذ فى جامعات أمريكية. وأعلم أن ما هو مطبق فى كلياتنا ذات الاعداد الكبيرة لا يتفق مع هذا النظام لعدم ملاءمته لها، لذلك فإننى أتمنى أنا ود.إسماعيل جمعة أن يعاد النظر فى تطبيق نظام الساعات المعتمدة فى كليات الاعداد الكبيرة لعدم توافر شروط تطبيقه بها على الإطلاق هذا إذا أردنا إصلاحا حقيقيا للتعليم الجامعى عندنا فى مصر. اللهم بلغت اللهم فاشهد.