لا نأسف على للإزعاج

حكومة الجمهورية الجديدة

إسـلام عفيفى
إسـلام عفيفى

فى معركة الهيبة والنفوذ والتأثير تخوض مصر مواجهات شديدة الحساسية بإدارة بالغة الحكمة والمرونة، تطرح رؤيتها وتؤكد مواقفها فى ملفات شديدة التعقد والتشابكات، يجرى ذلك كله وفق محددات وثوابت أصبحت واضحة لكل الأطراف الفاعلة إقليميًا ودوليًا، ووسط منطقة تعيش أجواء صراعات وفوضى لم تشهدها على مدار تاريخها، يحاول البعض أن يفرض عليها مسارات غير محمودة العواقب، ما يلقى بظلاله على صناعة القرار داخليًا وخارجيًا، وهى مهمة ثقيلة خاصة مع تحولات عالمية كبرى فى المشهد الدولى سياسياً واقتصادياً وتحالفات ما زالت تتشكل ولم تتبلور بعد، مشهد لم يعد من السهل أن تنعزل عنه، أو تتفادى عواقبه ببساطة بمجرد قرار، فنحن جزء من هذا العالم نتفاعل معه فنؤثر فيه ونتأثر ونتأثر به. 

وفى ظل حرص القيادة السياسية على دفع وتيرة العمل بسرعات فائقة تواكب التطور العالمى، وتقطع مسافات وخطوات واسعة لاستكمال التجربة المصرية وحفاظًا على الهوية وتحقيق حياة كريمة، تأتى فلسفة التغيير وتجديد دماء الحكومة، باختيار قيادات قادرة على صياغة التوجهات الرئاسية فى برامج عمل وفق معدلات إنجاز تحظى بقبول القيادة السياسية التى تتابع بدأب شديد كل التفاصيل، وتنال رضا المواطن الذى يعلو سقف طموحاته وينتظر من حكومته الكثير، وهنا يكمن التحدى 

الجمهورية الجديدة

عندما أعلنت القيادة السياسية عن «الجمهورية الجديدة» لم يكن هذا الإعلان مجرد شعارا بل إيذان بملامح جديدة حقيقية ومواصفات حديثة لوطن يولد من جديد وفق متطلبات عصرية، وطن يكفل الحياة الكريمة لأبنائه ويحقق طموحات وآمال الملايين الذين يتطلعون لحاضر أفضل، وهى مهمة شاقة بالتأكيد خاصة أن بلوغ هذه الغاية يمر عبر جسور من التحديات والعمل المضنى، عمل يتشارك فيه الجميع، الحكومة والمواطن، فلن تحقق الحكومة «أى حكومة» إنجازًا يذكر إلا إذا كان المواطن مؤمنا بها وداعما لها و يقوم بدوره بإخلاص وتفان ووعى وإدراك للتحديات، وعلى الجانب الرسمى لن تنجح الحكومة لمجرد أن لديها رؤية صحيحة أو قرارات صائبة تتخذها بل يقاس نجاحها فى حالات كثيرة بقدرتها على تسويق نفسها وقراراتها بحيث تجعل المواطن مشاركًا ومقاتلاً معها على جبهات التحدى وأعتقد أن رسالة الرئيس عبدالفتاح السيسى وصلت لجميع المسؤولين بل والمواطنين أيضا بضرورة التواصل باعتباره فريضة والحديث إلى عموم المصريين باعتباره نهجًا لا تراجع عنه، لتظل الجبهة الداخلية صلبة متماسكة لا تستطيع قوى الشر اختراقها مهما مارست من آلاعيب وادعت من أكاذيب، ولا يعنى ذلك أن قنوات الاتصال بين المسؤولين والمواطن مغلقة فهناك العديد من الأدوات الإعلامية والوسائط الحديثة أصبحت حاضرة بقوة فى التواصل وتتيح لحظيًا تفاعل غير مسبوق ما يعكس مدى الرضا العام على قرارات الحكومة ما يعدّ استطلاعًا فوريًا للرأى. 

الحفاظ على محددات الأمن القومى المصرى

تكليفات الرئيس لحكومة الدكتور مصطفى مدبولى تأتى كما قلنا فى سياق تحديات إقليمية ودولية متصاعدة تواجه مصر، والحفاظ على محددات الأمن القومى المصرى يتطلب جهوداً مكثفة واستراتيجيات متقدمة ما يعنى جاهزية الحكومة الجديدة، لتطوير القدرات الشاملة للدولة لمواجهة أى تهديدات محتملة، وضرورة تنسيق الجهود لمواجهة الإرهاب والتطرف بكل الوسائل ومن بينها الفكرية والثقافية، مع ظهور تحد عصرى جديد هو الأمن السيبرانى وحماية البنية التحتية الرقمية، وذلك لحماية مصر من الهجمات السيبرانية التى أصبحت تشكل تهديداً حقيقياً فى العصر الحديث.

بناء الإنسان المصرى

لقد أولى الرئيس السيسى أهمية قصوى لبناء الإنسان المصرى، بالتركيز على مجالات الصحة والتعليم، فتنمية الإنسان هى الركيزة الأساسية لتقدم أى أمة، والحكومة الجديدة ستكون ملتزمة وفق التكليف الرئاسى بتحسين الخدمات الصحية وتوفير الرعاية الطبية لجميع المواطنين، بما يضمن تحقيق مستوى عالٍ من الصحة العامة.

 فى مجال التعليم، ستسعى الحكومة إلى تطوير النظام التعليمى بشكل شامل، بدءاً من تحديث المناهج الدراسية لتواكب التطورات العالمية، مروراً بتحسين بيئة التعليم وتوفير الأدوات والتقنيات الحديثة، وصولاً إلى تدريب وتأهيل المعلمين لضمان تقديم تعليم متميز وستواصل الحكومة التركيز أيضاً على التعليم الفنى والتدريب المهني، لتمكين الشباب من اكتساب المهارات اللازمة لدخول سوق العمل والمساهمة فى التنمية الاقتصادية.

وفى مجال الصحة الجناح الثانى لبناء الإنسان المصرى قامت الرئاسة بمبادرات هامة لتحسين القطاع الصحى وضمان وصول الخدمات الطبية للجميع. من أبرز هذه المبادرات «مبادرة 100 مليون صحة»، التى تهدف إلى الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة مثل فيروس الكبد الوبائى (C) والأمراض غير السارية مثل السكرى وارتفاع ضغط الدم، أسهمت هذه المبادرات فى تحسين جودة الحياة وزيادة الوعى الصحى بين المواطنين، كما ساعدت فى خفض معدلات الإصابة بالأمراض المزمنة، وهى أفكار غير تقليدية لتجاوز تحديات التمويل بإجراءات غير مسبوقة وهو منهج رئاسى تم اعتماده فى التفكير وطرح الحلول حسب ظروف ومعطيات الواقع المصرى.

 هذا البناء للإنسان الذى هو صانع التنمية وهدفها لن يكون دوره مجرد متلقى، وإنما فاعل من خلال المشاركة السياسية الفعالة أحد الأهداف الرئيسية التى تسعى الحكومة لتحقيقها، فى إطار تكليفات الرئيس السيسى. فالمشاركة السياسية تعتبر حجر الزاوية فى بناء مجتمع ديمقراطى يتمتع فيه المواطنون بالقدرة على التأثير فى صنع القرارات. لذا، ستعمل الحكومة على تفعيل قنوات الحوار والتواصل مع المواطنين، وتشجيعهم على المشاركة فى العملية السياسية.

الحوار الوطنى وتعزيز المشاركة السياسية

 و يُعَدُّ الحوار الوطنى أداةً حيويةً لتعزيز المشاركة السياسية والتواصل الفعّال بين مختلف فئات المجتمع والحكومة و يُسهم فى فتح قنوات للتواصل البنّاء بين الحكومة والمواطنين، مما يعزز الثقة المتبادلة ويساهم فى تحقيق الاستقرار السياسى والاجتماعي. من خلال هذا الحوار، ناقشنا قضايا هامة مثل الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، وحقوق الإنسان، والتحديات الاجتماعية، وتم تبادل الآراء والأفكار بحرية وشفافية، أحدثت حراكًا سياسيًا، ولنا فيما جرى منذ إطلاق الرئيس مبادرة الحوار الوطنى وتبنيه لمخرجاته نموذجًا يحتذى فى المشاركة والاستجابة. 

المشاركة السياسية الفعّالة تعتمد على إدماج جميع فئات المجتمع فى عملية صنع القرار والتعبير عن آرائهم ومواقفهم، ويُشجع على تبنى سياسات تعكس احتياجات وتطلعات المجتمع، تساهم هذه المشاركة فى تعزيز الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية، حيث يشعر الأفراد بأنهم جزء من عملية اتخاذ القرارات التى تؤثر على حياتهم ومستقبلهم.

فى بلدٍ يقدم تجربته الخاصة فى البناء والتحديث رغم الاضطرابات العنيفة التى يشهدها الإقليم تأتى قضايا الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب فى مقدمة أولويات الحكومة الجديدة، وذلك حسب تكليفات الرئيس السيسى فالأمن والاستقرار هما الأساس لأى تنمية مستدامة، والحكومة الجديدة ستواصل جهودها فى مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله، من خلال تعزيز القدرات الأمنية.

استراتيجيات شاملة لمكافحة الإرهاب

 ، وتبنى استراتيجيات شاملة لمكافحة الإرهاب، تعتمد على تحديث الأجهزة الأمنية والتكنولوجية، بالإضافة إلى ذلك، ستعمل الحكومة على تعزيز دور المجتمع فى مكافحة الإرهاب، من خلال نشر الوعى بأهمية الأمن والاستقرار، وتشجيع المواطنين على المشاركة فى جهود مكافحة الإرهاب. وستسعى الحكومة إلى معالجة الأسباب الجذرية للإرهاب، من خلال تحسين الظروف المعيشية وتوفير فرص العمل بتنفيذ المشروعات العملاقة التى أدت إلى تراجع معدلات نسبة البطالة 

 يعتبر تطوير ملفات الثقافة والوعى الوطنى والخطاب الدينى المعتدل من أولويات الحكومة الجديدة، وحائط الصد فى مواجهة حروب التطرف والتشدد والإرهاب وفقاً لتكليفات الرئيس السيسى، فالثقافة تلعب دوراً حاسماً فى تعزيز الهوية الوطنية وترسيخ قيم المواطنة والسلام المجتمعى وفى هذا السياق يعتبر دعم المؤسسات الثقافية والفنية، وتشجيع المبادرات التى تهدف إلى نشر الوعى الثقافى وتعزيز الهوية الوطنية، ليس من قبيل الرفاهية.

هى ملفات متنوعة ومتشابكة ولا بديل سوى العمل فى كل الاتجاهات بتحديد أولويات وأجندة تحرك صاغتها بالفعل القيادة السياسية فأصبح لدينا مسار واضح عبر جهود استمرّت عشر سنوات تم فيها فض اشتباكات سياسية واقتصادية كثيرة ومعقدة على مستوى المفاهيم والتطبيق والأدوار، ما يعطى قوة دفع للانطلاق دون ثمّة عوائق نحو تحقيق ما نتمناه ونطمح إليه لشعبنا وبلدنا.