بعد 15 عام محادثات.. التواصل لمعاهدة لحماية أعالي البحار

الأمم المتحدة
الأمم المتحدة

اتفقت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، اليوم الأحد 5 مارس، بعد 15 عاماً محادثات إنشاء أول معاهدة دولية من أجل حماية منطقة " أعالي البحار" وهذه المياه التي تشكّل كنزا ويغطي حوالى نصف كوكب الأرض.

وقالت رئيسة المؤتمر رينا لي، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وسط تصفيق المندوبين لفترة طويلة " إن السفينة وصلت إلى الشاطئ"، ولم تنشر الصيغة الدقيقة للنص، لكن ناشطين عبّروا عن ارتياحهم، معتبرين أن التوصل إليه يشكّل خطوة على طريق حماية التنوّع البيولوجي.

اقرأ أيضًا: اليابان والولايات المتحدة تفاوضان على إعادة ضابط بحرية أمريكي محتجز إلى موطنه 

وقالت رينا لي للمفاوضين ،"لن تكون هناك إعادة فتح للقضايا أو مناقشات جوهرية بعد الأن".
وأعلنت أنه سيتمّ تبني الاتفاقية رسميا في وقت لاحق بعد عرضها على محامين وترجمتها إلى اللغات الرسمية الست للأمم المتحدة.

ومن جانبها، أكدت أحد أعضاء منظمة "السلام الأخضر"، " أن هذا يوم تاريخي  ويجب حفظه وإشارة إلى أنه في عالم منقسم يمكن أن تنتصر حماية الطبيعة والناس على الأوضاع الجيوسياسية".

ويذكر أن تلك المعاهدة  ضرورية للحفاظ على 30% من اليابس والمحيطات في العالم بحلول 2030، كما أكدت حكومات العالم في اتفاقية تاريخية تم توقيعها في مونتريال في ديسمبر الماضي.

وفي سياق متصل، وصف مفوّض الاتحاد الأوروبي لشؤون البيئة فيرجينيوس سينكيفيسيوس، التوصل إلى نص المعاهدة بأنه "خطوة حاسمة إلى الأمام للحفاظ على الحياة البحرية والتنوع البيولوجي الضروريين لنا وللأجيال القادمة".

وبعد أسبوعين من المحادثات المكثفة بما في ذلك جلسة ماراثونية استمرت ليل الجمعة السبت، وضع المندوبون اللمسات الأخيرة على نص لا يمكن تغييره الآن بشكل كبير.

وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بالمندوبين، مؤكدا، بحسب متحدث باسمه، أن الاتفاقية تشكّل "انتصارا للتعددية وللجهود العالمية لمواجهة الاتجاهات المدمّرة التي تواجه صحة المحيطات الآن وللأجيال قادمة".

أهمية أعالي البحار
وتبدأ أعالي البحار من النقطة التي تنتهي فيها المناطق الاقتصادية الخالصة للدول، على بعد 200 ميل بحري (370 كيلومترا) حدًّا أقصى عن الساحل. وهي لا تخضع لأي ولاية قضائية وطنية من الدول.

ومع أنها تمثّل أكثر من 60% من محيطات العالم وحوالى نصف مساحة سطح الكوكب، لم تعط الاهتمام نفسه الذي يمنح للمياه الساحلية.

وتنتج النظم البيئية للمحيطات نصف الأكسجين الذي تتنفسه البشرية، وتحدّ من الاحترار المناخي عبر تخزين جزء كبير من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من الأنشطة الصناعية.
وحوالى 1% فقط من أعالي البحار محمي حاليا.

وعندما تدخل المعاهدة الجديدة حيز التنفيذ، ستسمح بإنشاء مناطق بحرية محمية في هذه المياه الدولية.

وقالت ليز كاران من مؤسسة "صندوق بيو للأعمال الخيرية" إنه "يمكن للمناطق البحرية المحمية في أعالي البحار أن تلعب دورا حاسما في بناء مرونة لمواجهة تأثير تغير المناخ". ووصفت الاتفاقية بأنها "إنجاز بالغ الأهمية".

وستلزم المعاهدة الدول بإجراء تقييم للأثر البيئي للأنشطة في أعالي البحار.

وشكّل أحد الفصول الحساسة جدا بشأن تقاسم الفوائد المحتملة للموارد البحرية المكتشفة حديثًا إحدى النقاط المحورية للخلافات قبل أن تُحسم أخيرًا،
بينما تجاوزت المحادثات المهلة المحددة لانتهائها الجمعة وتم تمديدها يوما واحدا.

أرباح المعاهدة
وكافحت البلدان النامية التي لا تملك الوسائل الكفيلة بتحمّل نفقات الأبحاث المكلفة، من أجل عدم استبعادها من المكاسب المتوقعة من تسويق المواد المحتملة المكتشفة في المياه الدولية.

وقد تتحقّق أرباح من الاستخدام الصيدلاني أو الكيميائي أو التجميلي للمواد البحرية المكتشفة حديثًا ولا يملكها أحد.

وكما هو الحال في المنتديات الدولية الأخرى ولا سيما مفاوضات المناخ، تحوّل النقاش إلى جدل حول مسألة ضمان المساواة بين جنوب العالم الأفقر والشمال الأكثر ثراءً، كما لاحظ مراقبون.

وفي خطوة اعتبرت محاولة لبناء الثقة بين الدول الغنية والفقيرة، تعهّد الاتحاد الأوروبي بتقديم 42 مليون دولار في نيويورك لتسهيل التصديق على المعاهدة وتنفيذها في وقت مبكر.

وأعلن الاتحاد الأوروبي أيضًا خلال مؤتمر "محيطنا" في بنما الذي اختتم الجمعة، عن 860 مليون دولار للبحث والمراقبة والحفاظ على المحيطات في العام 2023.

وقالت بنما إن الدول تعهدت بتقديم ما مجموعه 19 مليار دولار.

في 2017، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يدعو الدول إلى وضع معاهدة لأعالي البحار.
وقالت لورا ميلر من منظمة "جرينبيس" تعليقا على الإعلان عن الاتفاق، "يمكننا الآن أخيرًا الانتقال من الكلام إلى تغيير حقيقي في البحر".