سكينة سلامة تكتب: معاش الشهامة

سكينة سلامة
سكينة سلامة

بقلم: سكينة سلامة

ذكر لى أحد الأصدقاء موقفا تعرض له الأسبوع الماضى حيث كان يقود سيارته على أحد الطرق السريعة و رأى شخصا ملقى على الأرض وحوله 3 أفراد يحاولون المساعدة. يقول الصديق انه تجاوز موقعهم بعدة أمتار قبل أن يقرر أن يعود أدراجه ويرى كيف يمكنه المساعدة. فور ترجله من السيارة ركض أحد الواقفين إليه يشكره و يطلب منه بعض الماء والمناديل الورقية لمساعدة الرجل الملقى على الأرض ، بالفعل قدم لهم الصديق زجاجة ماء وعرض عليهم أن يأخذ المريض إلى المستشفى ولكنهم أصروا أنه لا داع لذلك، وودعوه بالكثير من عبارات الثناء والدعاء كونه الوحيد الذى قرر أن يتوقف ويعرض المساعدة!

عندما حكى صديقى هذا الموقف أردفت إحدى الجالسات بالقول انها لم تكن لتتوقف خوفا من تعرضها للسرقة أو الخطف أو غيرها من الجرائم التى نسمع عنها، ووصفته بأنه سعيد الحظ فبعض تلك الحوادث تكون عبارة عن تمثيلية لحث سائقى السيارات على التوقف ومن ثم سرقة ما يحملون أو سرقة السيارة.
الشهامة لم نعد نسمع تلك الكلمة تتردد فى مجتمعاتنا، تعرف الشهامة فى المعجم بعزة النَّفس وحرصها على مُبَاشرَة أُمُور عَظِيمَة تستتبع الذّكر الْجَمِيل، وشهامة الفرد هى عزة نفسه وترفعه وإقدامه.

لست متأكدة كيف نشرح لأبنائنا هذا المعنى أو بالأحرى تطبيقه. هل نقول لهم أن  الشهامة هى كرم الأخلاق خاصة عندما لا يكون هناك مقابل ، وعندما لا تعرف الشخص الذى تقدم له المساعدة ، وأنها فى هذه الحال من أنبل و أكرم ما يمكن للإنسان القيام به وأن الكريم لا يضام؟ وماذا سيحدث عندما يتصرفون بناء على هذا ثم يتعرضون للسخرية والاستغلال فى أفضل السيناريوهات ، و ربما لخطر الإصابة أو الخطف أو القتل فى سيناريوهات أسوأ!! 

من الصعب أن تحاول غرس قيمة ما منفردا، ولكن إذا توافق المجتمع ككل  على قيمة ما  وأدرك أهمية تواجدها وتعزيزها لدى أطفالنا وشبابنا وأصبح الوعى المجتمعى هو القوة المحركة لتواجد تلك القيمة فستختلف الصورة تماما. سعدت كثيرا بحملة «تجمل بالأخلاق» التى نراها على شاشات التلفاز هذه الأيام وما أشد حاجتنا إليها. وأتفهم مخاوف الكثير منا للقيام بعمل إنسانى خشية العواقب، لهذا اقترح أن يكون هناك تقدير مجتمعى للشهامة والمروءة  وأن نرى ربما «معاشا للشهامة»، معا يقدم لأسرة الفرد الذى قد يخسر حياته فى محاولة لمساعدة الغير، ودرعا للشهامة تقدمه الدولة للأفراد الذين يقدمون على عمل خير دون حسابات لأى عواقب ليكونوا بذلك مثالا حيا لأبنائنا وتشجيعا لهم فى عدم التردد فى مساعدة أى شخص عندما تتاح لهم الفرصة لذلك.