أحمد العصار يكتب: الفقر والزيادة السكانية

أحمد العصار
أحمد العصار

تقول الوثيقة المحدثة من رؤية مصر 2030 أن ثلث سكان مصر يرزحون تحت خط الفقر وفقا للمعايير المحلية، كما تنص الوثيقة علي أن عدد سكان مصر قد زاد بأكثر من الضعف في ال 35 سنة الأخيرة. 

ويرتبط الفقر بالزيادة السكانية ارتباطا وثيقا، ويشكلان تحديا هائلا أمام الدولة المصرية، فالفقر مرض خبيث ومتوارث، وتحتاج الأسر الفقيرة إلي مد يد العون من الدولة لتخرج من هذه الدائرة المفرغة.

وعلي الجانب الآخر تمثل الزيادة السكانية المضطردة عبئا ثقيلا علي الدولة المصرية يأكل الأخضر واليابس، كما تعد معضلة اجتماعية ترتبط بموروثات عفا عليها الزمن. 

الخروج من هذا المأزق يتطلب تحقيق معدلات نمو مرتفعة جدا لسنين متعاقبة وتوزيعا عادلا لعوائد النمو، جنبا إلي جنب مع انخفاض ملموس في وتيرة الزيادة السكانية.

وتستهدف الدولة كبح جماح النمو السكاني في 2023-2024 إلي 1.69%، بدلا من 1.72% كانت متوقعة للعام 2022-2023، وأطلقت الحكومة في هذا الإطار المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية في فبراير 2022 و الذي يقوم علي محاور متعددة منها: التمكين الاقتصادي للمرأة ومساعدتها علي إقامة مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر لدعمها علي مواجهة أعباء الحياة وتحسين مستوي المعيشة. محور آخر هو التوعية وهو المحور الأهم من وجهة نظري لأننا نحتاج إلي تغيير المفاهيم الخاطئة المتجذرة في مجتمعنا للأسف الشديد.

ولو بدأنا بالتعليم في الصغر أعتقد أنا سننجح نجاحا كبيرا في القضاء علي هذه الأفكار المغلوطة من الجذور، من جهة أخري تنص الخطة علي إتاحة وسائل تنظيم الأسرة بالمجان وهو عنصر هام أيضا للمشاركة في التكلفة المادية للأسر الراغبة في تنظيم الأسرة و لكنها لا تملك المقومات المادية للحصول علي الوسائل المرتبطة بذلك. 

أعتقد أن علينا أن نشرك علماء الدين الإسلامي والمسيحي في هذا المشروع القومي، لما للخطاب الديني المستنير من أثر بالغ علي تصحيح المفاهيم الخاطئة، فأنا أعتقد أن الدين يمثل ركنا أصيلا في الحياة العامة والحياة الثقافية في مصر.

تعمل الدولة علي الجانب الآخر علي مواجهة الفقر متعدد الأبعاد من خلال محاور عدة، من أهمها: منظومة الدعم والتي أفضل أن تتجول تدريجيا إلي دعم نقدي مباشر وذلك للحد من الهدر و الفساد.

محور آخر هو برامج الحماية الإجتماعية مثل "تكافل و كرامة" والذي أثبت نجاحه في السنوات الماضية في دعم الأسر الأكثر فقرا، كما يمثل مشروع التأمين الصحي الشامل وجها من أوجه مجابهة الفقر متعدد الأبعاد.
لأنه بعد اكتماله سيوفر مظلة صحية متكاملة للمصريين مع إعفاء غير القادرين من سداد الاشتراكات وبالتالي من المفترض أن تنخفض أو تختفي تكلفة العلاج من مصاريف الأسر الفقيرة.

مشروع آخرهام هو "حياة كريمة"، حيث يساعد هذا المشروع في إتاحة وتحسين البنية التحتية الأساسية من مياه وصرف صحي وطرق ومدارس ومستشفيات، الخ. مما يسهم في الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري، ويسير هذا المشروع جنبا إلي جنب مع الطفرة التي شهدتها مصر في محاربة العشوائيات و توفير سكن لائق للمصريين.

التحديات الأبرز في مواجهة الفقر هي التمويل و الأزمة الإقتصادية و الأسعار، فالتمويل يرتبط بمشكلة عجز الموازنة المزمنة التي نعاني منها منذ عقود، والأزمة الاقتصادية لن تساعد في تحقيق معدلات النمو المستهدفة، وارتفاع الأسعار والتضخم سيؤثر بشكل مباشر في الدخل الحقيقي للأسر المصرية.

مصر أمامها تحديات جسام، تتطلب عملا متواصلا بدون انقطاع وتضافر للجهود من جانب الجميع، و لكني دائما ما أشك في استيعاب عموم المواطنين لما يواجه الدولة المصرية من تحديات، و أعتقد أن علي الحكومة والإعلام الدور الأبرز في الإيضاح والتوعية وشرح ما نواجهه من تحديات و مخاطر حتي نصبح جميعا علي قلب رجل واحد و نسير معا لتحقيق التقدم والازدهار.

[email protected]