الزوج المصري والحكومة المصرية.. «دراسة مقارنة»

نشوى الغندور
نشوى الغندور

١
رغم أنها دراسة لا تعتمد على أبحاث وعيِّنات ودراسات حالة واستبيانات، وغيرها مما يلزم الدراسات العلمية لتعكس الواقع وتكون أقرب إلى الحقيقة، فإنها نتاج مواقف وملاحظات وعدد لا بأس به في المحاكم من قضايا الخلع والطلاقات، ومثلُ هذه الدراسة كمَثلِ القول بأننا شعب ساخر وابن نكتة أو أننا شعب متدين بطبعه، فكلها جاءت نتيجة لظواهر عديدة ثابتة ومتكررة، لا نتيجة دراسة علمية.
وبالطبع بغضّ النظر عمّا إذا كانت تلك الظواهر مستمرة أم أزالتها الريح وأظهرت سوأتها.

٢
لقد نشأ هذا الذَّكَر على أن واجب الأنثى هو الخنوع والطاعة، ولأن طبيعتها الأنثوية لا ترقى إلى طبيعته الذكورية فهو يأخذ دائمًا قرارات فردية، وما عليها إلا التنفيذ، إن لم يكُن برضاها فرغمًا عنها، وإن تَضرَّرَت فعليها اللجوء إلى القضاء.
وهكذا الحكومة، تعتبر الشعب بطبعه لا يرقى إليها بمسؤوليتها ومسؤوليها، تأخذ القرارات تبعًا لِمَا تراه هي، وعلى الشعب التنفيذ رضي ذلك أم لم يرضَ، وعلى المتضرر اللجوء إلى الله.

٣
وكما أن لسان حال الذَّكَر المصري ولسان فِيه أيضًا يقول إن الأنثى المصرية نكدية مابيعجبهاش العجب مُتَطَلِّبة لا تكفّ عن التذمُّر، ومهما بذلْتَ من جهد لا تقدّر ولا تشكر وسريعة النسيان، فإن الحكومة أيضًا تصف شعبها بذات الوصف، بل وتستخدم نفس الجمل التي يستخدمها الذَّكَر المصري مع زوجته، لكن بمصطلحات علمية (حكومة بقى أومال إيه؟)، مثلًا، ترشيد الاستهلاك، بمعنى امسكي إيدك شوية، عجز الميزانية بمعنى أجيب لك منين؟ دا اللي باخده بتصرفي قده مرتين وباسدّ الباقي بالدين، ضَعف الناتج الإجمالي المحلِّي للفرد نتيجة زيادة السكان بمعني إنتي السبب؛ كل سنة تجيبي عيِّل، والحال على القدّ يادوب أاكّلهم عيش حاف.

٤
الزوج المصري لا يتهاون أبدًا في حقوقة، حتى ما يتطلب منها أن يقدّم لنفسه أولًا فهو يأخذ ولا يفعل، كذلك الحكومة تأخذ حقّها من الشعب فواتير وغرامات ومخالفات دُونَ تأخير أو تبرير أو شكوى، وإن كان لا بد من الشكوى فعلى المشتكِي أن يسدّد أولًا!

٥
ويقطع الزوج على نفسه آلاف الوعود، وقد يُقسِم على ذلك أيضًا.
هاشترى شقة جديدة، هنروح المصيف السنة دي، مش هاتأخر، هاقضِّي وقت أطول معاكم في البيت... ولا يتحقق من ذلك إلا "هاقضى وقت أطول معاكم في البيت" علشان أنكّد عليكم، كذلك الحكومة تقطع عديدًا من الوعود بالصلاح والتجديد والرخاء وانخفاض الأسعار والأمل في غدٍ أفضل، ولا يتحقق من ذلك إلا الغد الأفضل، ليس أفضل ممَّا قبله، لكن أفضل ممَّا سيأتي بعده!

٦
وكما أن الزوج المصري قبل الزواج يتحدث ويغازل ويجامل وبعد الزواج يصيبه ما يُعرَف بالخرس الزوجي فلا كلام ولا فعل، كذلك الحكومة في بداية تعيين المسؤول يغازل الشعب بحلو الكلام وجميل الوعود، وبعدها يبدأ ما يُعرَف بالصمت الوظيفي الذي يَصعُب معه بعد فترة تذكُّر اسم المسؤول حتى يخرج من منصبه.

٧
ورغم كل ما فنَّدناه من دراسات مقارنة بين الزوج المصري والحكومة، يصفون الزوجة المصرية كذبًا وبهتانًا بأنها هي الحكومة، والزوج المصري -قال إيه- هو الشعب المغلوب على أمره! والكلام ده بيفكّرني بالجمله الشهيرة بتاعة إن المسؤولين موظَّفين عند الشعب وقائمين على رعايتهم ومصالحهم، وبدون تعليق، لو صدَقَت هذه الجملة لصَدَقَ وصف الزوجة المصرية بـ"الحكومة".