هشام مبارك يكتب: يا عزيزى "كلكم" لصوص !

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

"الحرامى بشيلته" مثل شعبي شهير يعني أنك لا تستطيع أن تتهم أحد بالسرقة إلا إذا ضبطته متلبسا بـ المسروقات التى سرقها فلا يكون أمامه أية فرصة للإنكار.الغريب هذه الأيام هي حالة البجاحة التي يتصف بها بعض اللصوص الجد,الأغرب أنهم يجدون من يفتح لهم القنوات ليدافعوا عن سرقاتهم المتلبسين بها صوتا وصورة.هكذا عينى عينك دون خجل أو حتى مواربة.

مثال حى على هذه النوعية من اللصوص تلك الأغنية التى ذيعت مؤخرا لمحمد منير واسمها "للى".ادعى الممثل أكرم حسنى الشهير بأبو حفيظة أنه صاحب الكلمات واللحن.ثم ظهر شاعر صعيدى مغمور قال أن الاغنية مسروقة من كلمات قصيدة له كتبها منذ فترة طويلة.مؤكدا أنه الجملة الاساسية فى الاغنية " واللى فتح باب الوجع واجب عليه رده" موجود بحذافيرها في قصيدته.لكن اكرم أصر على أنه لم يسرق شيئا وقال ربما يكون هناك توارد خواطر وهو أمر وارد فى الفن.طبعا دفاع ضعيف جدا وحجة غير منطقية حيث أن روح الأغنية وكلماتها من الصعب أن يكون فيها نوع من توارد الخواطر.تلك الكلمات مثل "

سألته هل داء الولع كان الجواب صدّه

.. ساق الدلال ساق الدلع مفاتيح هواه صدّوا
ومشيت أوشوش في الودع ولا جاني ليه ردّه؟

اللي فتح باب الوجع واجب عليه ردّه

تلك النوعية من التعبيرات لا تخرج إلا من قاموس صعيدى شحط محط.

ثم جاءت المفاجأة الثانية عندما قال الملحن محمود المنسي بأن اللحن مسروق من لحن له لاغنية "يونس خطب فى الشام بنت الهلالية" وكان رد أكرم حسنى أن اللحن فلكلور رغم أنه سبق له قبيل إذاعة الاغنية أن صرح بأنه يعد أغنية من كلماته والحانه لمحمد منير.وعندما سئل لماذا لم تشر إلى ذلك قال:ليس هناك قانون يجبرنى على الإشارة لذلك.وماذا عن قانون احترام الناس يبدو أن ابو حفيظة لا يوجد فى قاموسه ذلك النوع من الاحترام.المثير أنه عندما شعر بحرج موقفه راح يدخل فى مزايدة غريبة قائلا بدون مناسبة انه ابن المؤسسة العسكرية ولا يمكن لابن المؤسسة العسكرية أن يسرق!!

طبعا اللحن مسروق كلية من التراث وأذكر ونحن اطفال كنا نغنيه فى الأفراح التي كان يحييها المعازيم أنفسهم وربما لم نعد نسمعه بعد انتشار الدي جى الذي يحيي الأفراح حاليا بأغنيات حديثة.لكن ألحان الهلالية وغيرها من الألحان التراثية لاتزال موجودة وحية.ويمكن لأى مستمع أن يبحث عن أغنيات أساطين الغناء الشعبى فى مصر مثل خضرة محمد خضر وبدرية السيد وسيجد ذلك اللحن بحذافيره.

كان الأكرم لأكرم حسنى أن يعترف منذ البداية ان الشطر الاساسي فى الاغنية للشاعر عادل صبري واللحن فلكلور استخدمه كثيرون قبله.ولو فعل ذلك منذ البداية لوفر على نفسه هذه السقطة التى لا تسقط مع مرور الوقت ولا ينساها الناس.ظل عار عملية السطو على لحن عمر الجيزاوى مصر اليوم فى عيد يطارد الملحن جمال سلامة رغم رفضه الاعتراف بتلك السرقة الواضحة.

إن أي متذوق للموسيقى كان سيدرك للوهلة الأولى من سماع اللحن أنه من التراث وكان يجب الاشارة لذلك.حتى لو لم يكن اسم الملحن معروفا,هذا لا يعني استباحة العمل ونسبه لأشخاص آخرين.لا أدري كيف فات ذلك الأمر على مطرب بحجم محمد منير من المؤكد أن أخلاقياته ترفض أداء لحن دون الاشارة لصاحبه لو كان له صاحب وهو ما فعله عندما أعاد غناء رائعة حسين السيد ومنير مراد حارة السقايين لشريفة فاضل وغيرها من اغانى وردة وشادية ونجاة الصغيرة.

طبعا يبدو أنه قد تمت ترضية محمود المنسي صاحب الشكوى التي أدت لحذف الاغنية من على اليوتيوب رغم أنه ليس صاحب اللحن الاصلى فعاد واعتذر لاكرم حسنى (!!) وعادت الأغنية من جديد لكن هذا لن ينفى واقعة السرقة وستظل عارا يلاحق كل أصحابها.

سبق هذه السرقة فضيحة غادة والى التى سرقت لوحات فنان عالمى شهير ونسختها بالكربون ولصقتها على جدران محطات مترو الأنفاق على أن جداريات من تصميمها ومن بنات افكارها وخرجت تشرح للناس فى التليفزيون كيف كانت تصل الليل بالنهار للوصول لهذا الابداع الذي لهفت نظيره ملايين الملايين ثم تبين أنها مسروقة مما اضطر المسئولين لنزع صور الرسومات فى محاولة لتسوية الأمر مع الفنان العالمى الذي قال انه مصمم على اتخاذ الإجراءات القانونية ضد مصر.الغريب أننا لم نقرأ أن غادة والى اعتذرت عن فعلتها وأنها ردت فلوس الدولة.كما لم نقرا شيئا عن التحقيق معها مثلا أو معاقبتها, بل سكت الجميع وكأن شيئا لم يكن ربما اعتقادا منهم أن هذا الصمت سيجعل الفنان الروسي يقلع عن فكرة ملاحقتنا!

قديما قالوا ان الاعتراف بالحق فضيلة وان الاعتذار من شيم الشجعان, لكن يبدو أن مثل هذه القيم فى طريقها للانقراض فى ظل إعلام لا يتحرى الدقة ويصفق للباطل ليل نهار بحثا عن الترند والمشاهدات ولو على حساب الحق وأصحاب الحقوق.