تساؤلات

بحب شيكابالا

أحمد عباس
أحمد عباس

يعرف صديقي الأهلاوي جيدًا أنني لا أهوى الكُرة ولست من مشجعيها ولا لعبتها يومًا حتى من باب التجربة، ولذلك أسباب طويلة لا سياق لها.
المهم أنني وبرغم هجمات التنمر التي تعرضت لها بسبب عدم حبي لكُرة القدم والتي كانت مريرة ومتكررة بل ودائمة لكن مع اختلاف نوعها وقدر سماجتها، لم أبدل طبيعتي ولم أتغير، بقيت كما أنا لا أحب كُرة القدم.


وبالتالي فأنا لا أميل لنادٍ مطلقًا، وبحياتي لم أشترْ فانلة لاعب ولا أحفظ أسماء المحترفين ولا أعرف أرقامهم، حتى أشكالهم بالنسبة لي مُبهمة تمامًا وهذا طيلة عمري، وبالمناسبة عايش وسعيد جدًا.
ولست متحزبًا أو مُشجعًا مراهقًا ولا أؤيد فوز فريق على آخر، أُتابع مباريات القمم فقط متى أُتيحت لي فرصة سواء قمة محلية أوعربية أو أفريقية، ولا أحب سيرة كأس العالم.
صديقي الذي يعرف عني ذلك جيدًا أهلاوي، تورطت بسببه في نقاشات طويلة أنا في غنى عنها ولا أحبها، يثق هو بأنني لا أدعي الجهل بالأشياء ومع ذلك يغضب لما أصارحه بتحفظي على ناديه وفريقه، فيعلو صوته فجأة بلا سبب ويرفع سبابته في وجهي ويقول: على فكرة أنت زملكاوي!
صديقي لما يفوز فريقه وهو دائم الفوز وأن هذه طبيعة الأشياء فالوقت لا يمضي أبدًا عكس عقارب الساعة، وهذه سُنة كونية سائرة، والشمس حتى الآن لم تطلع من مغربها، وأن الأهلي لا يخسر أبدًا مهما كانت حال الفريق والنادي والمدرب والمدير الفني، ويردد: الأهلي بمن حضر، ثم يطلق ضحكته الساخرة ويهز رأسه بفخر ويغادرني وهو يغني: فريق كبير فريق عظيم أديله عمري وبردو قليل.


ولما ينهزم فريقه يصمت تمامًا ولا يرفع رأسه ولما يناديه أحد ليسأله كم ملعقة سكر يحتاجها في الشاي، يخبط على مكتبه بعنف ويقول: أنت أكيد زملكاوي.
ما هذا التعصب والله لا أفهمه لماذا أصلًا!، يفوز الأهلي دائمًا ولم يُحقق أحد حجم بطولاته وهذه مسألة اعتيادية نصدق فيها، لكن يخسر الأهلي أحيانًا وعادي جدا أن يخسر أين المشكلة ولم هذا الضجيج!
لا أتحدث عن روح رياضية كما تتبناها البرامج والمقالات فلا شيء اسمه روح رياضية، هناك مكسب وخسارة والكسبان سعيد ومُتنمر، والخاسر مُنطفئ وهذه طبيعة بشرية، فادعاء الروح الرياضية يسقط فورًا حينها، أنا لا أعرف لماذا لا يقبل الناس خسارة فريقهم بسلاسة، والحق أنني سألته مرة بوضوح هذا السؤال فقال: ماتعودناش نخسر، إذن جاءت اللحظة ليتعود الجميع على الفوز ويتعودون أيضًا على الخسارة وهذا هو المنطق العادل.


وعقب مباراة نهائي كأس مصر الأخيرة التى اضطرتني ظروف العمل لمتابعتها داخل صالة تحرير جريدة «الأخبار» ودفعتني نفس الظروف للجلوس إلى جانب صديقي المراهق كرويًا، ولما دخل الهدف الثاني للزمالك صفقت وليتني ما فعلت، فلو كان يملك حينها أن يقطع وجهي لفعل ولولا أنني أكبر منه سنًا لفعلها بلا تردد لكن الحمد لله ربنا ستر، لكنني لم أنجْ من قطيعة هو فرضها، حاولت إقناعه بأنني انفعلت لصناعة الهدف لا للون الفانلة لكنني فشلت، وهو أصر أنني خائن وعميل وربما زملكاوي متخفٍ ومؤكد أن بداخلي «شيكابالا صغير».


أكره جدا هذه المراهقة الكروية ولا أحب تبادل السباب والتنمر عقب كل مباراة، وتؤذيني الشتيمة والكوميكسات البذيئة وأحب أن يفرح فريق لم يعتد جماهيره الفرح ولا أحب المزايدات، فريق واحد سيكسب والآخر يخسر هذه سُنة اللعب، أما أن تربح دائمًا فاذهب ولاعب نفسك واكسب نفسك واحكم لنفسك وشجع نفسك وصفق لنفسك، المهم أن تريح نفسك بنفسك، لكن لا تشارك أحدًا ولا تستكثر الفرحة على أحد.
وبالمناسبة.. «بحب شيكابالا»