مع احترامى

حوادث القتل الخطأ

فرج أبو العز
فرج أبو العز

عندما نهدد الموظف الحكومى بالفصل من وظيفته حال عدم تقدمه للعلاج من الإدمان يجب ألا ننسى أن موظف الحكومة المدمن المهدد بالفصل من عمله معناه تحويل أسرة بكاملها لكيان بلا دخل وبالتالى نتركه لتقلبات المجتمع وما ينتظر تلك الأسرة من ويلات.. حال إصرارنا على ذلك كأسلوب للتحفيز على الإقلاع والعلاج من الإدمان -وهذا هدف نبيل تشكر عليه أجهزة الدولة- يجب أن نضمن لأسرة الموظف المفصول كونه مدمنا ما يكفيها للحياة الكريمة لسبب لا دخل لها فيه على الإطلاق بعد أن تفشت آفة الإدمان فى نسبة لا بأس بها فى مجتمعنا.. مع مراعاة أن الموظف المدمن يضر نفسه ولم يضر أحدا غيره بحكم سلوكه المفروض وغير المبرر على الإطلاق مهما كانت الدوافع.


المجتمع يشعر بالتناقض تجاه ما نفعله تجاه الموظف الحكومى المدمن حال ثبوت إدمانه وما يحدث فى قضايا القتل الخطأ التى يحمل القانون تجاهها تساهلا فى اعتقادى حال ثبوت إدمان الجانى الذى تسبب فى وفاة شخص أو أكثر جراء جريمته خاصة أن العقوبات الحالية لا تفى بحق القتيل ولا أسرته ولا المجتمع وقد يذهب الجانى للحصول على البراءة إذا ما كان محاميه بارعا فى ثغرات القانون والإجراءات.


هناك حالات بالفعل لحالات قتل خطأ ارتكبها مخمورون ومدمنون ومنها ما تسبب فى مقتل أكثر من شخص ولم يجد القاتل العقوبة الرادعة ولأن المحاكم لا تتعامل بالنوايا بل تتعامل بالأوراق يجد القاضى نفسه مضطرا لإصدار أحكام طبقا لنص القانون دون مراعاة لمشاعره تجاه القضية أو ضحاياها.. على البرلمان بغرفتيه «النواب والشيوخ» سرعة النظر فى مواد قانون العقوبات التى تتناول جريمة القتل الخطأ والعقوبة المقررة.. النص الحالى لبعض المواد لا يفى بعقاب رادع لمرتكب الجريمة حيث تنص المادة 238 من قانون العقوبات أن «من تسبب خطأ فى موت شخص بأن كان ذلك ناشئًا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تتجاوز مائتى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين».. وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 5 سنوات وغرامة لا تقل عن مائة ولا تجاوز 500 جنيه، أو بإحدى العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجانى إخلالاً جسيمًا بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطيًا مسكرًا أو مخدرًا عند ارتكابه الخطأ الذى نجم عنه الحادث، أو امتنع وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك».. وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 7 سنوات إذا نشأ عن الفعل وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة فى الفقرة السابقة كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على عشر سنوات.

هنا ينتهى نص المادة وفى اعتقادى أن تلك المادة يجب إعادة النظر فيها وبسرعة حتى لا تلقى القضايا من مثل هذا النوع شعورا بعدم الرضا فى المجتمع تجاه العقوبة الموجهة للجانى فى مثل تلك القضايا خاصة بعد ثبوت كونه مدمنا أو تعاطى خمورا بغض النظر عن مكان تناولها سواء هنا أو فى أى بلد قبل وصوله لمصر فلا أعتقد أنه كان سيقود سيارته تحت تأثير المخدر فى أى دولة كان يحمل جنسيتها بجانب جنسيته المصرية.. تحولات المجتمع ستظل تسبق اللوائح والقوانين والتشريعات ويجب علينا مراعاة ذلك برصد تحولات المجتمع أولا بأول ومواجهتها بتعديلات فى التشريعات لتتواكب مع مقتضيات الواقع.


كلى أمل فى أن يتحرك البرلمان لعلاج الثغرات الموجودة بشأن المواد التى تتعلق بجرائم القتل الخطأ التى يرتكبها مدمنون وسكارى وكذلك قضايا الأحداث أو بالمعنى الدارج «جرائم الأطفال».