فضفضة

المخدوعة

هالة فؤاد
هالة فؤاد

من قال‭ ‬إن‭ ‬الجزاء‭ ‬يكون‭ ‬دوما‭ ‬من‭ ‬جنس‭ ‬العمل‭.. ‬من‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬الكرامة‭ ‬حقيقة‭ ‬مؤكدة‭ ‬وأنه‭ ‬حتما‭ ‬كما‭ ‬تدين‭ ‬تدان‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬من‭ ‬خير‭ ‬سيعود‭ ‬عليك‭ ‬خيرا‭ ‬وماترتكبه‭ ‬من‭ ‬شرور‭ ‬ستجنيه‭ ‬حتما‭ ‬شرا‭.. ‬تبدو‭ ‬لى‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬القناعات‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬لها‭.. ‬مجرد‭ ‬كلمات‭ ‬نحاول‭ ‬أن‭ ‬نطيب‭ ‬بها‭ ‬أرواحنا‭ ‬المكسورة‭ ‬ونهدئ‭ ‬خواطرنا‭ ‬المضطربة‭ ‬ونخفف‭ ‬قدرا‭ ‬من‭ ‬ألم‭ ‬نفوسنا‭ ‬الجريحة‭. ‬

قاسية‭ ‬هى‭ ‬الحياة‭ ‬بأصحاب‭ ‬القلوب‭ ‬الرقيقة‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬الغش‭ ‬ولا‭ ‬الخداع‭ ‬ولا‭ ‬المعانى‭ ‬المزدوجة‭ ‬لما‭ ‬تنطقه‭ ‬الألسنة‭.. ‬غير‭ ‬مدربة‭ ‬على‭ ‬فك‭ ‬شفرات‭ ‬الرسائل‭ ‬التى‭ ‬تحملها‭ ‬العيون‭.. ‬تقرأ‭ ‬مايبدو‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬السطح‭.. ‬براءتها‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬كشف‭ ‬المزيف‭ ‬من‭ ‬المشاعر‭ ‬والكلمات‭.. ‬وبساطتها‭ ‬تجعلها‭ ‬ترى‭ ‬كل‭ ‬مايدور‭ ‬من‭ ‬حولها‭ ‬كما‭ ‬يتراءى‭ ‬لها‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تعى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬فى‭ ‬أعماق‭ ‬البشر‭ ‬وسرائرهم‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬خبثا‭ ‬وشرا‭ ‬ودناءة‭. ‬

كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يمر‭ ‬العمر‭ ‬كله‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكتشف‭ ‬حقائق‭ ‬البشر‭ ‬وحيلهم‭ ‬وألاعيبهم‭ ‬الخبيثة‭ ‬لكن‭ ‬جاءت‭ ‬الصفعة‭ ‬قوية‭ ‬لتوقظها‭ ‬من‭ ‬أوهامها‭ ‬وتكشف‭ ‬لها‭ ‬كم‭ ‬كانت‭ ‬مخدوعة‭ ‬وكم‭ ‬كانت‭ ‬تنسج‭ ‬من‭ ‬الأوهام‭ ‬حلما‭ ‬خياليا‭ ‬يجمل‭ ‬واقعا‭ ‬قبيحا‭ ‬تبدى‭ ‬لها‭ ‬بشاعته‭ ‬فتمنت‭ ‬من‭ ‬فرط‭ ‬قسوته‭ ‬لو‭ ‬ظلت‭ ‬على‭ ‬خداعها‭ ‬الحالم‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكتشفه‭. ‬

لكن‭ ‬تفاصيله‭ ‬المقبضة‭ ‬تحاصرها‭ ‬تقبض‭ ‬على‭ ‬روحها‭ ‬فتفشل‭ ‬معها‭ ‬كل‭ ‬محاولة‭ ‬للهروب‭ ‬أو‭ ‬الفكاك‭ .‬

تعود‭ ‬لسنوات‭ ‬مضت‭ ‬تتذكر‭ ‬تلك‭ ‬التفاصيل‭.. ‬يتصدر‭ ‬المشهد‭ ‬دوما‭ ‬بصورته‭ ‬الدائمة‭ ‬الحضور‭ ‬فى‭ ‬قلبها‭ ‬وروحها‭ ‬وكل‭ ‬كيانها‭.. ‬شاب‭ ‬يكبرها‭ ‬بأعوام‭ ‬قليلة‭ ‬مازال‭ ‬يخطو‭ ‬أولى‭ ‬خطواته‭ ‬العملية‭ ‬مثلها‭.. ‬من‭ ‬أسرة‭ ‬متوسطة‭.. ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬مثل‭ ‬ملايين‭ ‬غيره‭ ‬تكاليف‭ ‬الزواج‭.. ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مثل‭ ‬كثيرات‭ ‬فى‭ ‬مثل‭ ‬سنها‭ ‬يبالغن‭ ‬فى‭ ‬الطلبات‭ ‬المادية‭.. ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تحفل‭ ‬كثيرا‭ ‬بالمظاهر‭.. ‬وتوقن‭ ‬أن‭ ‬متعة‭ ‬المشاركة‭ ‬فى‭ ‬تأثيث‭ ‬بيت‭ ‬الزوجية‭ ‬يضفى‭ ‬على‭ ‬الزوجين‭ ‬مشاعر‭ ‬أكثر‭ ‬دفئا‭ ‬وقوة‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬ترابطهما‭ ‬وتمسكهما‭ ‬باستمرار‭ ‬ونجاح‭ ‬حياتهما‭ ‬معا‭. ‬

بهذه‭ ‬القناعة‭ ‬بدأت‭ ‬طريق‭ ‬التنازلات‭ ‬كما‭ ‬وصفته‭ ‬صديقاتها‭ ‬وشقيقاتها‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تكترث‭ ‬كثيرا‭ ‬بتلك‭ ‬التحذيرات‭.. ‬اكتفت‭ ‬بدبلة‭ ‬ذهبية‭ ‬تحمل‭ ‬اسمه‭ ‬الذى‭ ‬تتضاءل‭ ‬أمامه‭ ‬كل‭ ‬كنوز‭ ‬الدنيا‭.. ‬ساعدته‭ ‬فى‭ ‬شراء‭ ‬الشقة‭.. ‬تحملت‭ ‬معه‭ ‬كل‭ ‬التكاليف‭ ‬التى‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬الالتزام‭ ‬بها‭.. ‬اكتفت‭ ‬بحفل‭ ‬بسيط‭ ‬للزواج‭ ‬عكس‭ ‬رغبة‭ ‬أهلها‭.. ‬قنعت‭ ‬بحياتها‭ ‬البسيطة‭ ‬بيقين‭ ‬أن‭ ‬مشوار‭ ‬حياتهما‭ ‬الصعب‭ ‬سيكلل‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬بكل‭ ‬نجاح‭ ‬ومعه‭ ‬ستعيش‭ ‬أجمل‭ ‬أيام‭ ‬عمرها‭. ‬

لم‭ ‬يتغير‭ ‬الحال‭ ‬بعد‭ ‬الزواج،‭ ‬ظل‭ ‬عطاؤها‭ ‬بلا‭ ‬حدود،‭ ‬ومشاركتها‭ ‬فى‭ ‬تحمل‭ ‬أعباء‭ ‬الحياة‭ ‬بلا‭ ‬حساب‭.. ‬لم‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬دخلها‭ ‬من‭ ‬مرتبها‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يصل‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬مساعدات‭ ‬أهلها‭.. ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬يوما‭ ‬لتتساءل‭ ‬أيهما‭ ‬ينفق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الآخر‭ ‬أو‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬تساهم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬مصاريف‭ ‬يفوق‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬ينفقه‭ ‬زوجها‭.. ‬لم‭ ‬تتردد‭ ‬حتى‭ ‬بعدما‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬ميراثها‭ ‬الشرعى‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬والديها‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تجنب‭ ‬تلك‭ ‬الأموال‭ ‬لعلها‭ ‬تنفعها‭ ‬فى‭ ‬يوم‭ ‬تقسو‭ ‬فيه‭ ‬الأيام‭.. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬للحذر‭ ‬مكان‭ ‬فى‭ ‬عقلها‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬لقسوة‭ ‬الأيام‭ ‬معنى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يدركه‭ ‬قلبها‭ ‬البريء‭ ‬الذى‭ ‬لم‭ ‬تخدشه‭ ‬مشاعر‭ ‬مكر‭ ‬أو‭ ‬خبث‭ ‬أو‭ ‬دهاء‭. ‬

لكن‭ ‬الحياة‭ ‬لا‭ ‬ترحم‭ ‬المغفلين‭.. ‬وأعترف‭ ‬أننى‭ ‬من‭ ‬أكبرهم‭.. ‬للأسف‭ ‬لم‭ ‬أدرك‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬صفعة‭ ‬دامية‭.. ‬اكتشفت‭ ‬خداع‭ ‬زوجى‭ ‬لى‭.. ‬حملنى‭ ‬مسئولية‭ ‬مصاريف‭ ‬البيت‭ ‬مدعيا‭ ‬قلة‭ ‬الحيلة‭ ‬وضعف‭ ‬المرتب‭ ‬بينما‭ ‬نجح‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬فى‭ ‬إدخار‭ ‬مبالغ‭ ‬ضخمة‭ ‬اشترى‭ ‬بعدها‭ ‬شقة‭ ‬فخمة‭ ‬وأثثها‭ ‬بأفخر‭ ‬الأثاث‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬هدفه‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬ينقلنا‭ ‬لمستوى‭ ‬أفضل‭ ‬ويعوضنى‭ ‬جزءا‭ ‬مما‭ ‬تحملته‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬تعب‭.. ‬لكنه‭ ‬كان‭ ‬يسعى‭ ‬لحياة‭ ‬جديدة‭ ‬وعروس‭ ‬صغيرة‭ ‬يراها‭ ‬الأجدر‭ ‬بتلك‭ ‬الحياة‭. ‬

للأسف‭ ‬اكتشفت‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬التفاصيل‭ ‬بالصدفة‭ ‬عندما‭ ‬رآه‭ ‬شقيقى‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬العمارات‭ ‬وبدا‭ ‬عليه‭ ‬الارتباك‭ ‬وحاول‭ ‬أن‭ ‬يختلق‭ ‬القصص‭ ‬الملفقة‭ ‬يحاول‭ ‬بها‭ ‬أن‭ ‬يحجب‭ ‬حقيقة‭ ‬امتلاكه‭ ‬لشقة‭ ‬بتلك‭ ‬العمارة‭.. ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬أتخلى‭ ‬عن‭ ‬سذاجتى‭ ‬وأسعى‭ ‬لمعرفة‭ ‬الحقيقة‭.. ‬وتأكدت‭ ‬من‭ ‬كذبه‭ ‬وعرفت‭ ‬أنه‭ ‬يتردد‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الشقة‭ ‬ويضع‭ ‬فيها‭ ‬لمساته‭ ‬الأخيرة‭ ‬بصحبة‭ ‬زوجته‭ ‬المستقبلية‭ ‬الجديدة‭. ‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬صفعة‭ ‬المواجهة‭ ‬أقل‭ ‬قسوة‭ ‬من‭ ‬صفعة‭ ‬اكتشاف‭ ‬الخديعة‭.. ‬خرجت‭ ‬كلماته‭ ‬متبجحة‭ ‬صفيقة‭ ‬متعالية‭.. ‬مدعيا‭ ‬لنفسه‭ ‬الحق‭ ‬فى‭ ‬الحياة‭ ‬مع‭ ‬زوجة‭ ‬جديدة‭ ‬وأن‭ ‬الشرع‭ ‬كفل‭ ‬له‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬وأنه‭ ‬لم‭ ‬يطلب‭ ‬منى‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬قدمته‭ ‬من‭ ‬تضحية‭ ‬لأنى‭ ‬قدمتها‭ ‬عن‭ ‬طيب‭ ‬خاطر،‭ ‬ولم‭ ‬يطلب‭ ‬منى‭ ‬تحمل‭ ‬كل‭ ‬نفقات‭ ‬البيت‭ ‬لأنى‭ ‬من‭ ‬قدمت‭ ‬ذلك‭ ‬برضائى،‭ ‬ولم‭ ‬يطلب‭ ‬منى‭ ‬صرف‭ ‬ميراثى‭ ‬على‭ ‬احتياجات‭ ‬الأولاد‭ ‬لأنى‭ ‬فعلت‭ ‬ذلك‭ ‬بمحض‭ ‬إرادتى‭ ‬سعيا‭ ‬لتوفير‭ ‬الحياة‭ ‬التى‭ ‬أتمناها‭ ‬لأولادى‭ ‬فآثرت‭ ‬استثمار‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أملكه‭ ‬من‭ ‬مال‭ ‬لتعليمهم‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬حقى‭ ‬أن‭ ‬ألومه‭ ‬عن‭ ‬تقصير‭ ‬لأنى‭ ‬لم‭ ‬أطلب‭ ‬منه‭ ‬يوما‭ ‬أى‭ ‬مساعدة‭ .‬

فعلا‭ ‬لن‭ ‬ألوم‭ ‬إلا‭ ‬نفسى‭ ‬فليخرج‭ ‬من‭ ‬حياتى‭ ‬ولأتحمل‭ ‬بعد‭ ‬خروجه‭ ‬كل‭ ‬مسئولية‭ ‬أولادى‭..‬لم‭ ‬أعد‭ ‬فى‭ ‬حاجة‭ ‬إليه‭.. ‬لم‭ ‬أعد‭ ‬أتحمل‭ ‬رؤية‭ ‬وجهه‭.. ‬صارت‭ ‬ملامحه‭ ‬أقرب‭ ‬للشياطين‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬لشياطين‭ ‬الإنس‭ ‬وجوه‭ ‬أكثر‭ ‬بشاعة‭ ‬ونفوس‭ ‬أكثر‭ ‬قبحا‭. ‬

فليذهب‭ ‬إلى‭ ‬الجحيم‭ ‬بطمعه‭ ‬وجشعه‭ ‬وجحوده‭ ‬وأنانيته‭.. ‬للأسف‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬قناعتى‭ ‬وتنازلاتى‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬أيضا‭ ‬تقل‭ ‬سذاجة‭ ‬وغباء‭ ‬وخيابة‭ ‬فى‭ ‬نظر‭ ‬أهلى‭ ‬وصديقاتى‭ ‬عن‭ ‬تنازلاتى‭ ‬الأولى‭.. ‬يدفعنى‭ ‬الجميع‭ ‬للوقوف‭ ‬فى‭ ‬وجهه‭ ‬ومطالبته‭ ‬بكل‭ ‬مصاريف‭ ‬أولاده‭ ‬وإجباره‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬مسئولية‭ ‬تخليه‭ ‬عنها‭ ‬بإرادته‭ ‬وساعدته‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬بسذاجتى‭ ‬وبراءتى‭. ‬

مازلت‭ ‬مترددة‭ ‬ومازلت‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬أموال‭ ‬الدنيا‭ ‬لن‭ ‬تعوض‭ ‬الإحساس‭ ‬بمرارة‭ ‬الخديعة‭ ‬وانكسار‭ ‬الروح‭ ‬بعدما‭ ‬يتبدى‭ ‬أمام‭ ‬أعيننا‭ ‬الواقع‭ ‬بكل‭ ‬قبحه‭ ‬فتنطفئ‭ ‬فينا‭ ‬كل‭ ‬رغبة‭ ‬فى‭ ‬الحياة‭ .‬

لصاحبة‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬أقول‭:‬

نفرط‭ ‬أحيانا‭ ‬فى‭ ‬العطاء‭ ‬فندفع‭ ‬الآخرين‭ ‬فى‭ ‬استنزافنا‭ ‬واستغلالنا‭ ‬دون‭ ‬قصد‭ ‬أحيانا‭ ‬وعن‭ ‬قصد‭ ‬وسوء‭ ‬نية‭ ‬فى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭.. ‬أسرفت‭ ‬فى‭ ‬تحمل‭ ‬المسئولية‭ ‬واندفعت‭ ‬لإنفاق‭ ‬كل‭ ‬ماتملكه‭ ‬يديك‭ ‬لتوفير‭ ‬احتياجات‭ ‬أسرتك‭.. ‬فتحت‭ ‬الباب‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬ليتسلل‭ ‬زوجك‭ ‬متخليا‭ ‬عن‭ ‬واجباته‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعفيه‭ ‬بالطبع‭ ‬من‭ ‬المسئولية‭ ‬فربما‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬شخصا‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الوفاء‭ ‬والشهامة‭ ‬والنخوة‭ ‬لكان‭ ‬قدر‭ ‬كل‭ ‬مافعلته‭ ‬أفضل‭ ‬تقدير‭ ‬ولجعلك‭ ‬ملكة‭ ‬متوجة‭ ‬فى‭ ‬بيتك‭ ‬وحاول‭ ‬رد‭ ‬جميلك‭ ‬قدر‭ ‬ما‭ ‬يستطيع‭.. ‬لكنها‭ ‬الأنانية‭ ‬والجحود‭ ‬ونكران‭ ‬الخير‭ ‬كلها‭ ‬أعمته‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬معدنك‭ ‬الطيب‭ ‬وزللت‭ ‬له‭ ‬الحياة‭ ‬بعيدا‭ ‬عنك‭ ‬مع‭ ‬أخرى‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬نقيضك‭ ‬لتستنزف‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬ادخره‭ ‬فى‭ ‬غفلتك‭ ‬وحسن‭ ‬ظنك‭.. ‬رغم‭ ‬مرارة‭ ‬التجربة‭ ‬التى‭ ‬عشتها‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تجاوزها‭ ‬سيفتح‭ ‬لك‭ ‬بابا‭ ‬لحياة‭ ‬أكثر‭ ‬واقعية‭ ‬تكونى‭ ‬فيها‭ ‬أكثر‭ ‬قوة‭ ‬ونضجا‭ ‬فى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬زلات‭ ‬البشر‭.. ‬وأولى‭ ‬خطواتك‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬ألا‭ ‬تتنازلى‭ ‬عن‭ ‬حقك‭ ‬وحقوق‭ ‬أولادك‭.. ‬دعيه‭ ‬يتحمل‭ ‬نفقاتهم‭ ‬ويكفيه‭ ‬سنوات‭ ‬اللامبالاة‭ ‬والانسحاب‭ ‬والتخلى‭.. ‬فليتحمل‭ ‬مسئوليته‭ ‬كاملة‭ ‬وليتحمل‭ ‬نتيجة‭ ‬اختياراته‭ ‬المريرة‭.. ‬ويدفع‭ ‬أخيرا‭ ‬فواتير‭ ‬كانت‭ ‬مستحقة‭ ‬عليه‭ ‬دفعتها‭ ‬أنت‭ ‬طيلة‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬لكنه‭ ‬للأسف‭ ‬لم‭ ‬يقدر‭ ‬قيمتها‭ ‬ولاقيمتك‭. ‬