بينى وبينك

المعلمون لا يرحلون

زينب عفيفى
زينب عفيفى

تأتى الأيام مسرعة تذكرنا بموعد رحيله.
قضيت -ما يقرب من خمسة وعشرين عاما تحت رئاسته-، لجريدة أخبار اليوم معلما، وأستاذا، وناصحا، دون أن يشعرنا بأنه المعلم والأستاذ، تعلمنا من مقالاته التى كانت تهز الرأى العام، والحملات الصحفية التى كانت تكتب فى وجوده، فتثير الجدل بين الوزراء والقراء.
 تعلمت منه كتابة العناوين اللافتة، والتحقيقات المثيرة للجدل، أذكر فى بداية حياتى الصحفية، أننى قمت بعمل تحقيق صحفي، حول اتهام إسرائيل للبرتقال المصرى «أبوصرة» وكانت حملة شعواء ضد تصدير المنتجات الزراعية المصرية للخارج، واختار لى عنوانا لافتا: تركوا «اليافاوي» واتهموا «أبو صرة»، وحين ألتقيت الأستاذ مصطفى أمين أمام مصعد الجريدة، أثنى على التحقيق وأشاد بالعنوان - وكنت حينذاك متدربة فى أخبار اليوم -، لكنى قلت له باستحياء: الأستاذ إبراهيم سعده من اختار العنوان، فقال بصوته المعهود: برافو.
وتحضرنى قصة أخري: حين دعانى الفنان التشكيلى الكبير يوسف فرنسيس لقضاء يوم فى بيت أحد أصدقائه فى فيلا بمنطقة سقارة، فوجدت هناك جمعا من كبار المثقفين والأدباء والصحفيين من بينهم الكاتب والمفكر توفيق الحكيم، رأيته لأول مرة فى حياتي، ولم أستطع أن أخفى انبهارى بهذا المفكر الكبير جلست بجواره طوال اليوم صامتة، اتابعه، واستمع إلى كل كلمة وتعليق له، لم يلحظ وجودى وأنا بجواره، ثم عدت إلى بيتي، لأكتب صفحة كاملة بعنوان «يوم فى حياة توفيق الحكيم»، أذكر أن الأستاذ إبراهيم سعده أثنى على الموضوع وأخبرنى أن هناك كاتب سعودىا معروفا كتب عنى وعن مقالتى فى جريدة الشرق الأوسط.


لقد كان رحمه الله مشجعا ومعلما، بل مكتشفا لمواهبنا دون أن نشعر، هكذا يفعل نجوم الصحافة.