الهوية الوطنية

د. عبد الحليم منصور
د. عبد الحليم منصور

يجب أن يضطلع الخطاب الدينى فى هذه الآونة بتثبيت وترسيخ وتعميق معانى الهوية الوطنية لدى جموع المواطنين، لأن حب الأوطان والموت فى سبيلها هو قمة مراتب الجهاد فى سبيل الله عز وجل.


إن حب الوطن غريزة متأصلة فى النفوس، تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه، ويحن إليه إذا غاب عنه، ويدافع عنه إذا هُوجم، ويغضب له إذا انتقص.  
ومن يتابع التاريخ المصرى يدرك تمام الإدراك أن الأمة المصرية  كانت تقدم عن طواعية واختيار خيرة شبابها إلى الجيش المصري، لينضم إلى كتائب الدفاع عن الوطن، وكانت الأسرة ولا تزال تفخر بأن لها شهيداً قتل فى الدفاع عن الأرض والعرض والوطن، ولا تزال هذه الثقافة متأصلة ومتجذرة فى العمق المصرى والثقافة المصرية، ومتأصلة فى أعماق جموع المصريين شباباً وشيباناً.


بعض الجماعات الإرهابية التى عكرت صفو منظومة الحياة الفطرية لدى الناس لا تؤمن بحب الأوطان، وتربى أبناءها على أن الأوطان عبارة عن حفنة من التراب لا قيمة لها، وهذا جهل مطبق بقواعد الدين، وأحكام الفطرة الإنسانية.

فصاحب الشريعة عليه الصلاة والسلام يعطى البشرية درساً فى حب الوطن والانتماء إليه، حينما أخرج من مكة كرهاً، إذ التفت إلى مكة يناجيها كمن يناجى خليلاً أو حبيباً، ويخاطبها خطاب من يعقل، وكأنه يجسد من كل حبة رمل روحاً يناجيها، وقلباً يخاطبه: «والله إنك لأحب بلاد الله إلى الله، وأحب البلاد إلي، ولولا أن قومك أخرجونى منك ما خرجت».


لأجل ذلك كان حتماً على كل المعنيين بالخطاب الدينى المنتسبين إلى علماء الدين أن يعملوا على تحصين العقل المصرى من الاختطاف، وتثبيت الهوية الوطنية لدى الكافة، ومواجهة الفكر المنحرف الذى لا يؤمن بالأوطان، ويقدم عليها المصالح الشخصية، وترسيخ وتعميق كل ذلك لدى شباب الأمة، والتأكيد على أن الانتماء إلى الوطن وحبه والتضحية فى سبيله من أهم مرتكزات الإيمان.