باختصار

البيطار.. وشاهيناز

عثمان سالم
عثمان سالم

فى أسبوع واحد.. تقريبا.. ودعنا اثنين لهما من القدر والتقدير فى الوسط الصحفى.. وارتبطت بهما طوىلا.. الأول الإذاعى القدير الأستاذ كامل البيطار أحد أبرز نجوم الميكروفون فى عهده الذهبى.. التقطت أذناه صوته الرخيم، مع بداىة ستينيات القرن الماضى حيث كان ىقدم برنامج «مع العمال العرب» فى الواحدة ظهرا.. ودارت الأيام وكان من حسن حظى أن ألتقى به كثيرا فى نادى الزمالك حيث تزاملنا فى النادى الصحى والجمانزيوم» وقد أطلق اسمه عليه المستشار مرتضى منصور خلال رئاسته للنادى وكان البيطار مستشاره الإعلامى. وللأمانة فقد كان الرجل صاحب مواقف وابتعد بنفسه عن المشاكل حتى لا يحسب على أحد.. لقد اختير عضوا بمجلس الإدارة.. ولم يبخل على النادى وأعضائه فى العطاء بسخاء.. لقد تعودت على صوته ىأتينى عبر التليفون الأرضى لتسجيل بعض حلقات «المجلة الرياضية التى كان لها نصيب كبير من المتابعة بىن الجماهير المصرية والعربية وكان له مريدون كثيرون فى الدول الشقيقة.. ورافقته فى رحلة إلى تونس منذ ثلاثة أعوام -تقريبا- ورأيته جميل العشرة محبا لكل من يعرفه ومن لا يعرفه خفيف الظل لا تشبع من الحديث معه.. كنت أتصل به أحيانا فى منزله على الأرضى لأنه لم يقتن الموبايل لقناعته بعدم أهميته بل تصوره مزعجا وهو يمنعه من الراحة والهدوء.. أكثر شىء أحزنه حرمانه من الميكروفون الذى ظل صديقه سنوات طوالا.. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم أسرته الصبر والسلوان.
النموذج الثانى المعطاء بلا حدود الأستاذة شاهيناز مصطفى رئيس قسم المعلومات الرياضية بالأخبار.. امتدت بها الحياة إلى ٧٧ عاما قضت حوالى ٦٠ عاما بىن ملفات أرشيف الرىاضة.. لقد كان لدينا مركز للمعلومات يحسدنا علىه كل الزملاء فى المؤسسات الصحفية فى زمن الاعتماد على الأوراق بدرجة أساسية.. لقد ساهم هذا الأرشيف فى درجات الماجستير والدكتوراة لكثير من أساتذة كلىات التربية الرياضية فى مصر بل والعالم العربى منهم د.أشرف صبحى وزىر الشباب والرياضة أستاذ التسويق الرياضى فى الكلية.. شاهيناز لم تزوج.. لقد رفضت كل العروض التى تقدمت إليها فهى بقايا أتراك جميلة ورشيقة حتى فى لحظات حياتها الأخيرة فلم يجد الزميل الإنسان إبراهيم ربيع مشقة فى حملها من المنزل إلى سيارته حتى أمضيا معها الساعات الأخيرة فى المستشفى.. كانت شاهيناز مجاملة إلى أبعد الحدود وكانت متواجدة فى كل مناسباتنا.. هى التى تتصل لتسأل عنا بعد جلوسها فى المنزل مفضلة الراحة بعد عمر طويل قضته بىن الملفات التى اعتبرتها أبناءها.. كانت تتصل من المنزل لتطمئن على عودة الملفات إلى الأدراج وكانت تثور فى وجه أى أحد يهمل فى التعامل معها.. شاهدت الحزن فى عيونها وهى تبعد عن أبنائها الملفات فى السنوات الأخيرة حىث يتعامل الجيل الجديد معها بعدم الاهتمام المطلوب وكان حزنها أشد وهى تراها تنتقل إلى المخازن بعد توثيقها فى الميكروفيلم.. ولهذا اعتذرت عن التجديد بعد بلوغ سن التقاعد لقد كانت صاحبة رأى فى الأحداث وكانت يسارية الانتماء منذ عملت مع الراحل الكبير محمود أمين العالم رئيس مجلس الإدارة.. وكانت كثيرة الصدام فى المواقف فهى لا تقبل بأنصاف الحلول.. تغمدها الله بواسع رحمته وأسكنها فسيح جناته بقدر ما قدمت من عطاء إنسانى نبيل.