مع احترامى

ع اللى جرى من مهاويسك

فرج أبوالعز
فرج أبوالعز

كل يوم تطالعنا الصحف بجرائم يهتز لها البدن بل وعرش السماء، فتلك زوجة تضرب زوجها حتى الموت بالاشتراك مع صديقها وأخرى تؤجر بلطجيا لقتل زوجها ومسجل خطر يختطف طفلا ويغتصبه وزوجة تعذب زوجها حتى الموت لتفكيره فى الزواج بأخرى.
تلك الجرائم ليست جديدة وكنا نسمع عنها منذ فترة على سبيل الاستثناء والشيء غير المألوف والغريب وغير الطبيعى أما وقد كثرت مثل تلك الحوادث المشينة فإن الأمر يتطلب وقفة بل وقفات.
الأمر جد خطير يجب التحرك سريعا لمعالجته على كافة المستويات وإذا كان المثل الفرنسى الشهير «فتش عن المرأة» فالواقع الحالى يؤكد أن المتهم مواقع التواصل الاجتماعى مثل الفيس بوك وأخواته الذى يضرب بعرض الحائط كل القيم والأعراف.. لابد من دراسات متخصصة لمراكز البحوث الاجتماعية لتوضيح المشكلة وأسباب وكشف ماذا «جرى من مهاويس مواقع التواصل» على المجتمع والناس.
نعم التقنية أو بالأصح ثورة المعلومات محايدة والعيب فى مستخدميها لكن عندما يصل الأمر لهدف هدم الأسر وتدمير الأخلاقيات فلابد من أن ندق ناقوس الخطر فالفرد لبنة الأسرة والأسرة لبنة المجتمع والخطر هنا يهدد المجتمعات بأسرها.
المجلس القومى للمرأة يقوم وفق إمكانياته التى أظن أنها محدودة بجهود محثوثة لمحاربة جرائم العنف ضد المرأة وأبرزها التحرش لكن ماذا يمنع من أن نطور التشريعات المنظمة لذلك الكيان المهم لجعله مجلسا للأسرة بأكملها فالخطأ كل الخطأ أن نعالج جزئيات بينما كيان الأسرة فى مجتمعنا فى خطر داهم.
بالفعل هناك أسباب اقتصادية واجتماعية فى ظل عالم معلوماتى يكاد يتغير كل لحظة وليس كل يوم لكن الذى لا شك فيه أن التعامل الخاطئ مع مواقع التواصل الاجتماعى يشكل خطرا على الأسرة والمجتمع ولا أشك أيضا أن هناك جهات بل دولا وراء هذا الخلل وتدعمه لتشويه مجتمعات كثيرة عرفت تقليديا بمراعاة الأصول والأخلاق التى تعليها جميع الشرائع السماوية.
محترفو الجرائم التقليدية والالكترونية يتطورون بشكل أسرع من نمو الوعى بمخاطر ما تقدمه دنيا المعلوماتية ووسائل الاتصال وعلينا مراقبة حركة المجتمع بدقة وسرعة تواكب التطور فى عالم الجريمة الإلكترونية والتى تمثل عنصرا أساسيا وشكلا من أشكال حروب الجيل الرابع.
لماذا لا نشكل لجنة من خبراء الاقتصاد والاجتماع وعلم النفس وخبراء الجريمة لتفسير بشكل مقنع ما يحدث فى المجتمع من تطورات متسارعة أفرزت جرائم من هذا النوع البشع وأكثرها تتعلق بالعنف الأسرى سواء لأسباب اقتصادية أو طمع فى أشياء مادية أو تحت وهم الحب الحرام المنتشر فى أوساط مواقع التواصل الاجتماعى والتى أغلبها ما تكون فخاخا لهدم أسر وبعدها تصطدم أو يصدم بواقع أشد مرارة وقساوة وأنه أو أنها وقعت فريسة لأوهام مواقع التواصل وأن كل ذلك لا يعدو غير سراب.
علينا كما نهتم ببرامج التوك شو أن نفرد مساحات كافية وفترات مهمة فى وسائل إعلامنا المقروء والمشاهد والمسموع للقضايا الاجتماعية الخطيرة التى برزت فى المجتمع وتكاد تهدد مفهوم الأسرة التى كادت أن تسرقه تماما وسائل الاتصال الحديثة فكل «ملهيا فى شاشته» ولا عزاء للتواصل الأسري.
جرائم العنف الإنسانى خاصة جرائم العنف الأسرى باتت خطرًا يهدد المجتمع وكشفت دراسة حديثة أن 63% من الجرائم أصبحت ترتكب داخل نطاق الأسرة.. كما أوضحت دراسة للدكتورة حنان سالم أستاذ علم الاجتماع الجنائى بجامعة عين شمس أن جرائم العنف الأسرى تمثل من ربع إلى ثلث إجمالى جرائم القتل، وهو معدل كبير بل ومخيف.
الدولة تبذل كل ما فى وسعها لدعم الأسر ذات الدخل المحدود وحمايتها وعلينا كمؤسسات تربوية وتعليمية وإعلامية ودينية أن نقوم بدورنا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.