وقفة

مايعرفوش مصر على حقيقتها

أسامة شلش
أسامة شلش

دائما ما أقول وأردد أن يوم ٩ يونيه ١٩٦٧ هو أسوأ يوم فى تاريخ مصر منذ عرف التاريخ اسمها ودونه. دمر جيشنا واستبيحت سماء مصر وأرض سيناء وعند المساء كان خطاب التنحى لرئيس مصر، كانت جحافل اليهود قد وصلت لشاطئ القناة الشرقى واحتلته ولم يكن هناك جندى واحد من السويس حتى القاهرة، ولكن خشيت إسرائيل رغم كل تلك المغريات ان تتقدم خطوة واحدة خوفا من شعب مصر الذى خافت مواجهته مباشرة.
صباح اليوم التالى كانت الآلاف قد خرجت فى الشوارع ترفض الهزيمة وكانت مطالبتها بعبدالناصر  بالعدول عن التنحى حتى ولو سيرت المظاهرات فى جزء منها بالأمر هى أول الرفض لما حدث رغم هول الكارثة وثقل الهزيمة النكراء. عبر شعب مصر عن معدنه الأصيل، فمصر ليست هى الدولة التى تهزم بتلك الطريقة وهو ما أكده الرئيس السادات فيما بعد عندما قال إن هزيمة ١٩٦٧ كانت عارضا ولم تكن أبدا القوات المسلحة المصرية السبب فيها ولكنها كانت الضحية بسبب الصراعات التى تتكشف ابعادها مع الزمن وبسبب المؤامرات الخارجية التى كانت تستهدف تدمير الجيش.
الشعب الذى خرج للشوارع يرفض الهزيمة وفى ظرف حالك الظلام اعلن التحدى وربط على بطنه من أجل اعادة بناء الجيش لاستعادة الأرض وليس على لسانه إلا قول واحد: ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة بعد أن عرف ان العدو لا يفهم إلا لغة السلاح.
معركة البناء لم تكن سهلة ولكنها كانت شاقة وصعبة للغاية ولكن لم يكن أمامنا إلا الصمود والصبر ومواجهة التحديات لاسترداد الأرض ومحو عار الهزيمة وعند بداية شهر يوليه كانت القوات المسلحة قد بدأت فى إنجاز مواقع الدفاع النشط وكانت أولى معارك المواجهة المباشرة فى رأس العش واستطاعت كتيبة من رجال الصاعقة التصدى لمحاولات العدو الاستيلاء على منطقة بورفؤاد فدمرت آلياته وقتلت جنوده وهزمته شر هزيمة فى أول مواجهة.
وتجرأت إسرائيل على ضرب مدن القناة الثلاث مما استدعى إخلاءها من السكان وتهجيرهم إلى المحافظات القريبة ليعطوا الفرصة للقوات للتعامل مع العدو الغادر وجاءت حرب الاستنزاف لتؤكد صلابة الجيش وبداية استعداده لمعركة الثأر الذى تحقق فيما بعد عام ١٩٧٣، بالعبور العظيم من عاش تلك الفترة يعرف جيدا كيف كانت الحياة صعبة ولكن المصريين كانوا شعبا عظيما، ربطوا الأحزمة على بطونهم لتوفير السلاح تبرعوا بذهبهم من اجل المجهود الحربى ولم يكن لهم هم إلا إعادة بناء الجيش وتوفير متطلباته من أجل محو عار الهزيمة، هذا الشعب العظيم ضرب المثل فى العطاء والصمود والتضحية.
تجربة مصر مع هزيمة ثم انتصار ١٩٧٣ هى اكبر دليل على أن هذا الشعب لا يعرفه اعداؤه ولا حتى اصدقاؤه يرفض الذل والهوان والهزيمة ويأبى أن يسيطر عليه أحد، ينقض كالمارد إذا أراد وإذا واجهته المحن والعقبات ليحقق المستحيل وهل ننسى كيف صور الاعداء وقبلهم الاصدقاء، ان عبور قناة السويس هو من رابع المستحيلات فحققها الجندى المصرى فى ٦ ساعات فقط.
الذين يتوهمون الآن  من العملاء داخل الوطن من المتأمرين علينا من الخارج فى قطر أو تركيا انهم قادرون على تحطيم الجيش المصرى واهمون فهو فى رباط إلى يوم الدين بشهادة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - صحيح يسقط الشهداء منهم ولكننا نرى كيف تزفهم أمهاتهم للجنة راضين مرضيين لانهم دافعوا عن بلدهم الذى يحدق به الخطر.
لن تنالوا من مصر  أيها الجبناء فكل مصرى محب لهذا البلد هو مشروع شهيد من اجل ان تبقى مصر عالية الهامة مرفوعة صواريها لا تخاف إلا الله وحده.
ذلك الشعب الذى خرج فى ٣٠ يونيه يرفض الاخوان على استعداد ان يخرج مرات ومرات من اجل الا يمس ارض مصر ولا رئيسها ولا ابناءها السوء وتحيا مصر.