بأقلام الأشقاء

المطلوب تخريج مخترعين... لا باحثين عن عمل

طلال أبوغزالة
طلال أبوغزالة

طلال أبوغزالة

يتفق العلماء أن ليس هناك دماغان متطابقان أو حتى طفلان يولدان فى أى عائلة لديهما نفس الدماغ. وهنا أود أن أسأل: إذا كان هذا هو الحال، لماذا يقدّم نظامنا التعليمى نفس النوع من التعليم لأنواع مختلفة من العقول، فى حين أن الأطباء يعطون لكل مريض العلاج المناسب لخصائص جسده؟


تبعا لذلك نحتاج إلى تغيير الثقافة العائلية التى تركز على توجيه الأبناء نحو الوظائف التى تحقق عوائد مالية ثابتة سعياً إلى الاستقرار، أو تلك التى توفر مكانة مهنية او اجتماعية تتحقق معها الوجاهة الاجتماعية، بصرف النظر عما هو التوظيف الأمثل للقدرات العلمية للأبناء.


وفى عصر المعرفة، كما أشرت فى كتابى الحديث «العالم المعرفى المتوقّد»، نحن بحاجة إلى تعليم مبنى على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ولهذا نحن بحاجة إلى مدارس المعرفة وجامعات المعرفة ونحتاج إلى الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعى فى التعليم.نحن بحاجة إلى حاضنات للابتكار، وليس إلى ساحات لعب وحرم جامعي. نحن بحاجة إلى التعلّم عن طريق الذكاء الاصطناعي، وإلى تعزيز ثقافة رأس المال المعرفي، وإلى برامج لتحويل الاختراعات إلى منتجات تجارية. ينبغى استثمار موارد البحث والتطوير لدينا فى المخترعين الصغار، ويجب توجيههم نحو الابتكار. فى كلية طلال ابوغزالة الجامعية للابتكار، الطالب لا يتخرج بامتحان بل اختراع.


يجب أن يتحول المعلمون إلى مستشارين تقنيين لأطفالنا وليس إلى ملقنين ومحاضرين.ذلك لأنه ليس لدى المعلم أى معلومة جديدة غير موجودة على الانترنت ليحاضر عنها للطلاب (كما قلت فى كلمتى فى جامعة هارفرد والعديد من الجامعات دولياً واقليمياً).


واستطيع أن أجزم أنه فى المستقبل المنظور لن يكون هناك حرم جامعى أو ساحات ملاعب مدرسية، ولن تكون هناك وزارات تعليم ولا مؤسسات تعليم حكومية، ولن تكون هناك كتب مطبوعة ولا امتحانات للحصول على شهادات، ولن تكون هناك ألواح سوداء ولا بيضاء ولا طباشير!.إن ثورة المعرفة ستؤدى إلى انهيار نظام التعليم الحالي، وتسونامى الثورة الرقمية المتوقد سيقضى على التعليم التقليدى وسيعلّم الطلبة بعضهم البعض بدلاً من الأساتذة.


وسيحل التعلّم بدلاً عن التعليم، وسيتم التعلم بمدارس الإنترنت المجانية المتاحة كونياً للجميع، وسينتهى الغش فى الامتحانات لأن التركيز سيكون على التعلّم سعياً وراء الابتكار، لا وراء الدرجات العلمية.


أما البرامج الدراسية فسوف تجعل المؤهلات المهنية إجبارية ضمن برامج التعلّم، وسيكون المطلوب أن يتخرج الطالب بشهادة أكاديمية وشهادات مهنية.وسيكون التركيز على العلوم التقنية والرياضيات والهندسة منذ مراحل التعليم الأولى. وسيكون تعلّم البرمجة والحلول الإلكترونية متطلباً أساسياً فى أولى مراحل الدراسة، وسيتمحور التعلّم حول الأبحاث والتحاليل والاستنتاج بدل التلقين.والموجّه التقنى سيحل محل الأستاذ الملقن، والإنسان الرقمى المبتكر بدلاً من الإنسان المتعلم. وستكون جميع المعارف البشرية متاحة للجميع رقميا ًومجانيّة.


الذكاء الاصطناعى سيدخل المعرفة إلى العقل دون الحاجة إلى حفظها (مشروع جوجل لعقل متعلم ندخله على عقلنا). وسوف يصبح الإنترنت فى حياتنا كالجهاز العصبى فى جسم الإنسان. ستفوق قدرة عقولنا قدرة الكمبيوتر. سنعيش مع الأشياء ونعمل معها لنصبح نحن وهى مجتمعاً واحداً.


فى عام 1988، تصور كاتب الخيال العلمى إسحق أزيموف أنه إذا كان كل شخص يمتلك جهازاً متصلاً بشبكة، فإننا جميعاً سنتعلم من مكتبة افتراضية واسعة ولن تكون هناك حاجة للمدارس.المدارس سوف تصبح حضانات لرعاية الأطفال!


ليس العلم بحد ذاته حفظ المعلومات فحسب، بل تدريب العقل على التفكير.يقول ألون مسك رئيس شركة تيسلا: لا تخلطوا بين المدرسة والتعليم، أنا لم أدرس فى هارفرد ولكن من يعمل تحت إدارتى تخرج منها.ويقول مارك تويني: لا تسمحوا للمدارس أن تعيق تعلمكم.وأخيراً يقول مايكل فارادي: المحاضرات التى تعلّم غير محببة فى حين أن المحاضرات المحببة لا تعلم.


التعلم ليس بضاعة، والطلبة ليسوا زبائن، والأساتذة ليسوا أدوات، والجامعة ليست مصنعاً.الطلبة يغشون فى الامتحانات لأن نظامنا التعليمى يركّز على علامات النجاح أكثر مما يركّز على التعلّم. شكسبير نفسه لم ينجح فى ماجستير اللغة الإنجليزية، إلا أنه لا يمكن لأحد أن ينجح فى ماجستير اللغة الإنجليزية دون دراسة شكسبير.


نريد تخريج مخترعين يطلقون مشاريع لتوظيف غيرهم لديهم بدلا من تخريج (عاطلين) باحثين عن العمل لدى غيرهم.