الجزارون المتجولون يبحثون عن الأضاحى فى الأزقة والحارات

حكايات| مهن لا تعرف الراحة خلال العيد

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ كتبت: علا نافع

مع إجازة عيد الأضحى يسعى الجميع من أجل استغلال أيامها فى الاحتفال مع الأهل والأصدقاء، يتزاورون ويمدون حبل الوصال، أطفال وصغار لا يتوقفون عن التهليل والغناء ابتهاجًا بقدوم «عيد اللحمة» كما يطلقون عليه، يرتدون ملابسهم الجديدة ويتفاخرون بألوانها الزاهية، ولا تتوقف حركة السير فى الشوارع، وتطهو ربات البيوت ما لذ وطاب من الأطعمة، ورغم تلك المظاهر المبهجة والخمول الذى يعصف بالجميع، فإن هناك آخرين لم تطلهم راحة العيد ولم يستطيعوا الاحتفال به، فهم «الشقيانين» الذين تضطرهم ظروف عملهم لترك عائلاتهم، فالبحث عن لقمة العيش فرض عين عليهم.

◄ «عمال النظافة» جنود العيد المجهولون

◄ رجال الإسعاف أبطال بدون راحة أو إجازة

بعد صلاة العيد انتشر الجزارون المتجولون فى الشوارع والحارات ينادون بصوت عال «جزااار»، يحملون معداتهم من سكاكين وسواطير مختلفة الأحجام، يصطحبون أحد صبيانهم للمساعدة فى الذبح والتقطيع خاصة إذا كانت الأضحية كبيرة الحجم، لا يكلّون من المناداة والبحث عن زبائن جدد، يحلمون بالحصول على جلد الأضحية وأجرة ثمينة نظير تعبهم وربما أحشاء الضحية وأرجلها، فذبح العجول والنوق يحتاج مجهودا ووقتا طويلا مقارنة بذبح الخراف والماعز، عادة ما يقضون الأيام الثلاثة الأولى من العيد فى جولاتهم المستمرة إذا لم تكن حصيلة الذبح فى اليوم الأول مجدية، ورغم قرار الحكومة بمنع الذبح خارج المجازر فإن العديد من الأهالى لم يلتزموا بذلك القرار بحثا منهم عن لذة الشعور بذبح أضحية العيد بحسب رأيهم، فيستعينون بهؤلاء الجزارين المتجولين أو يذبحون بأنفسهم.

يقول رجب (جزار متجول): فور الانتهاء من صلاة العيد حملت معداتى من السكاكين والسواطير والمرور بالشوارع المختلفة لكسب أكثر من زبون يبحث عن جزار لذبح أضحيته وعادة ما أختار ذبح الأضاحى الصغيرة كالخراف والماعز لسهولة تقطيعها وتوفير الوقت والمجهود، ولأستطيع كسب أكثر من زبون، أما فى حال ذبح الأضاحى الكبيرة فأصطحب أكثر من صبى لمساعدتى في الذبح، مشيرًا إلى تقاضى أجرة تتراوح بين 300 و400 جنيه فضلا عن جلد الأضحية وأرجلها أحيانًا.

ويضيف: نتيجة تخوف الكثيرين من الجزارين المتجولين لاعتقادهم أنهم يفتقدون مهارة الذبح والسلخ، أجد مشقة فى الحصول على زبائن بسهولة، ناهيك عن قرار الحكومة بحظر الذبح خارج المجازر، كما أن الأغلبية لجأوا لمحلات الجزارة الكبيرة لترسل لهم جزارا مضمونا، مما يجعلنى أتجول طوال أيام العيد لربما أحصل على أكثر من زبون، مشيرًا إلى أن بعض الأهالى لديهم قدرة على الذبح والتقطيع بسهولة خاصة فى الأضحيات صغيرة الحجم فلا يحتاجون لجزار.

ويرى رجب أن الكثير من الأهالى حرصوا على عادة الأضحية رغم ارتفاع أسعار اللحوم فهم لا يشعرون بطعم العيد إلا بتلك العادة، مؤكدًا أن أغلب ربات البيوت يفضلن اللحوم الضأن ويطلبن تقطيعها لأجزاء بشكل معين على عكس لحوم الجمال والأبقار التى يفضلن تقطيعها وتقسيمها لمكعبات.

◄ جنود النظافة

يسابقون عقارب الساعة فى تنظيف الشوارع بأيام العيد بعد ترك الجميع أكوام النفايات وفضلات بقايا الأضاحى، لايبالون بالروائح الكريهة المنبعثة أو القاذورات المتطايرة، فهم جنود فى قلب معركة ضارية يواجهونها بأدواتهم التقليدية من مقشات وأدوات بسيطة، يضاعفون من مجهودهم لتنظيف الحدائق وساحات الصلاة، إضافة إلى جمع النفايات المنزلية، إنهم عمال النظافة، الذين لا يعبأون بالأعمال الشاقة، ويجوبون الشوارع الضيقة والحارات فى حرارة الشمس والرطوبة العالية، ويجلسون على الأرصفة لالتقاط الأنفاس قبل مواصلة عملهم على أكمل وجه. 

يقول محمود (عامل نظافة): يعد عمال النظافة أكثر الأشخاص حرمانا من الاستمتاع ببهجة العيد، ففى الوقت الذى يتجمع الأفراد وسط عائلاتهم وأقرانهم لذبح الأضحية وتناول الحلوى وتبادل النكات والقفشات، فإننا كعمال نظافة لم نعرف طعما للإجازة وظللنا فى الشوارع نعمل رغم حرارة الشمس العالية، مشيراً إلى أنهم تركوا أسرهم وعوائلهم دون الاحتفال معهم، حيث يزداد العبء عليهم وتمتد ساعات عملهم حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى.

ويضيف: رغم ذلك نشعر بالفرح والسعادة وسط الناس، فبهجة العيد بهجة جماعية لا نراها إلا مرتين فى السنة، وهذا يخفف علينا مشاق العمل ويجعلنا متحمسين لاستكماله، مؤكدًا أن عملهم المضاعف فى الأعياد يشعرهم بأهميتهم فى المجتمع.

◄ رجال الإسعاف

يحملون على أكتافهم مسئولية إنقاذ حياة المرضى وتوصيلهم للمستشفيات، لا يهتمون بالبحث عن راحتهم أو الاستمتاع بأجواء العيد مع أسرهم، يقضون أيام العيد فى حالة طوارئ دون أن يصيبهم كلل أو تأفف، إنهم رجال الإسعاف الذين يضحون براحتهم وتواجدهم وسط أسرهم لأجل تأدية وظيفتهم، يتغلبون على الزحام المرورى والارتباك فيسابقون الوقت بهدف توصيل المرضى للمستشفيات وإسعافهم، يحصلون على عيدياتهم فى شكل دعوة صادقة من القلب، أو ابتسامة على شفاه مريض نجحوا فى إسعافه فيشعرون كأن فرحتهم بالعيد اكتملت، يتناوبون على وردياتهم بحب وحماس.