سائق يختطف شابين ويعذبهما حتى الموت للاعتراف بجريمة لم يرتكباها

صورة تعبرية
صورة تعبرية

 جريمة تعذيب وحشية انتهت بمقتل شابين في عمر الزهور بدون ذنب أو جريمة سوى بعض الظنون والشائعات المتناثرة التي ملأت عقل الجاني إذا افترضنا أنه يمتلك عقلا من الأساس؛ المتهم سائق فقد مركبته إثر حادث سرقة وأصبح شغله الشاغل استعادتها بأي ثمن وبأي طريقة، حتى ولو في سبيل ذلك أن يرتكب جريمة مهما كانت بشاعتها؛ ألغى القانون وعقله وأعطى أذنه لبعض الأقاويل التي لا تخرج عن كونها شائعات ولا يوجد دليل عليها؛ حول تورط شابين من أبناء القرية بسرقة مركبته، فقرر في لحظة اغلق فيها عقله وطاوع فيها شيطانه اختطافهما واحتجازهما هو وخمسة آخرين؛ لإجبارهما على الإفصاح عن مكان مركبته، وتفنن في تعذيبهما بأبشع الوسائل؛ التي أسفرت عن مصرعهما، فقد الشابان حياتهما وذهب الجاني خلف الأسوار في انتظار محاكمته ولن تعود المركبة «توك توك» سبب الجريمة.. تفاصيل ما حدث في السطور التالية.

تفاصيل تلك الجريمة بدأت داخل قرية جنزور التابعة لمركز بركة السبع بمحافظة المنوفية، حيث يعيش اطراف قصتنا، الضحية الأولى محمود عبد الستار، الشاب الذي يعمل نجارًا ويبحث عن لقمة العيش بالحلال حتى ينفق على أسرته، يتنقل من محافظة لأخرى بحثا عن الرزق، والضحية الثانية صديقه الشاب محمد مجدي، كل منهما لا يفكر سوى في العيش بهدوء مع أسرتيهما، حياتهما كانت هادئة طبيعية، حتى تلك اللحظة التي حدثت فيها جريمة سرقة داخل القرية، اكتشف شاب يدعى جمال سرقة مركبته التوك توك الخاص به، ظل يبحث عنها في كل مكان بلا فائدة، ومع كل يوم لا تعود فيه مركبته الصغيرة يتوعد خاطفيها بالانتقام، حتى سلم أذنه لبعض الأشخاص الذين أبلغوه أن محمود ومحمد يعرفان السارق ويعرفان مكان التوك توك، لم يفكر طويلا سيطر الشيطان عليه، وراح يبحث عن الشابين، فعرف أن محمود ليس في القرية بل في مرسى مطروح للعمل، وبدلا من أن يهدأ ويفكر بالعقل ولو للحظة واحدة، يسأل نفسه كيف يكون محمود يعرف السارق أو يعلم بواقعة السرقة من الأساس وهو ليس موجودا داخل القرية وقت ارتكابها، لكن يبدو أن الشيطان سيطر على كل تفكيره، تملكه الانتقام والشر، فجلس يخطط لجريمته، انتظر الفرصة المناسبة، حين عودة محمود للقرية.

عملية جراحية

محمود ذلك الشاب المسكين قرر العودة لبيته بسبب عملية ستجريها ابنة شقيقته، لم يعلم ما يخفيه له القدر، وأنه سيفقد حياته بأبشع طريقة وبلا ذنب.

عرف المتهم جمال بأن محمود وصل القرية؛ فأعد عدته وأخذ 5 آخرين، وخطفوا محمود وصديقه محمد، وقيدوهما بالحبال، وانهالوا عليهما بالضرب وبأبشع طرق التعذيب، دون أن تشفع توسلاتهما لهم، أو يرق قلب أحد من الستة، وكأنهم في تلك اللحظة خلعوا قلوبهم ووضعوا مكانه قطع من الحجارة أو أشد قسوة، لدرجة أنهم أجبروا محمد على شرب مادة كاوية «مية نار»، فلم يتحمل ومات بين أيديهم، فحملوه وألقوا به داخل أحد الأراضي الزراعية، بينما محمود ظل يصارع الموت، فحملوه هو الآخر وألقوا به أمام منزل خاله، وفروا هاربين بعدما سجلوا جريمتهم البشعة بالصوت والصورة.

أصيب خاله بالصدمة بعدما شاهد نجل شقيقته غارقا في دمائه وآثار التعذيب تملأ جسده، نقله سريعا للمستشفى في محاولة لإنقاذه، لكن توفى هناك وآخر ما نطق به كان اسم المتهم.

وعلى الجانب الآخر، كانت أسرة محمد تبحث عن ابنهم الذي اختفى فجأة وكأن الأرض انشقت وابتلعته، حتى جاءتهم الصدمة عندما عثروا عليه جثة هامدة داخل أرض زراعية غارقا في دمائه وعليه آثار تعذيب بشعة.

بلاغ

أبلغ الأهالي مركز الشرطة، وتشكل فريق بحث لكشف اللغز، بعدها تمكن رجال المباحث من إلقاء القبض على المتهم الرئيسي جمال، الذي أقر في اعترافاته بوجود خلافات بينه و المجني عليهما محمود وصديقه محمد، لسابقة قيامهما بسرقة توك توك خاص به، حيث استدرجهما وتعدى هو وشركائه عليهما باستخدام مطواه وعصا، وأحدثوا إصابتهما التي أدت إلى مقتل الأول وحمله المتهمون  وألقوه في مكان العثور عليه بأرض زراعية بقرية بابل دائرة مركز تلا والمجاورة لقريتهم، وتخلوا عن المصاب الآخر، الذي توجه إلى مستشفى بركة السبع المركزي للخضوع إلى العلاج اللازم ولا يمكن استجوابه والذي توفي فيما بعد، واستعان المتهم الأول بخمسة متهمين آخرين لتنفيذ جريمته، وتمكن رجال المباحث من إلقاء القبض عليهم، وبعد الضبط أرشدوا عن المطواه والعصا المستخدمة، وتولت النيابة التحقيقات، وأحيلوا لمحكمة جنايات شبين الكوم.

محامي الضحيتين

تولى عبد اللطيف نعيم المحامي، الدفاع عن حق المجني عليهما، فتواصلنا معه لمعرفة تفاصيل أكثر عن القضية وماذا حدث في الجريمة، فقال: «ما حدث ما هو إلا جريمة قتل بشعة، المتهم الرئيسي كان لديه توك توك تمت سرقته منه، فسمع من بعض الأشخاص أن المجني عليهما يعرفان السارق، فخطفهما بصحبة 5 آخرين، ووثقوهما بالحبال، ولم يكتف المتهمون بذلك بل عذبوا المجني عليهما بالضرب والحريق وأجبروا أحد المجني عليهما بشرب مادة كاوية، ووثقوا ذلك صوت وصورة بالفيديو، واحد من المجني عليهما مات في لحظة التعذيب، فحملوه وألقوا به في أرض زراعية، والثاني حملوه داخل توك توك وألقوا به أمام منزل خاله وتم نقله للمستشفى لكنه مات هناك، هذا دون دليل أو التأكد من ان الضحيتين يعرفان واقعة السرقة أو مرتكبها، خاصة أن أحدهما كان يعمل في مرسى مطروح وجاء قبل اختطافه بيومين فقط لقضاء العيد مع أسرته».

وأضاف: «جريمة القتل اقترنت بجريمة أخرى وهي الخطف بالتحايل، القضية تم تداولها داخل المحكمة، وشهدت الجلسات تفاصيل كثيرة؛ فدفاع المتهم الرابع طلب من هيئة المحكمة أجلا لعرض المتهم على الطب النفسي، وذلك لمعاناته النفسية على حد قوله، لكن التقرير الطبي أكد أنه سليم ولا يعاني أي أمراض نفسية، وفي الجلسة الماضية، تم تأجيلها لعدم حضور الطبيب الشرعي، حيث كلفت هيئة المحكمة بطلب حضور كبير الأطباء الشرعيين للجلسة القادمة، ومناقشته حول أسباب ووقت الوفاة، ونحن على ثقة بالقضاء والقصاص العادل من المتهمين الذين قتلوا شابين في عمر الزهور بلا ذنب أو جريمة». 

وأمرت المحكمة فى الجلسة الأخيرة بالمؤبد للخمسة متهمين فى القضية.

اقرأ أيضا : فى قضية سفاح التجمع .. أساتذة الطب النفسى يحللون شخصيته

;