طبعة سورية من «الأعمال الكاملة لإنسان آلي»

صورة موضوعية
صورة موضوعية

صدر حديثًا عن دار التكوين للتأليف والترجمة والنشر فى سوريا ديوان «الأعمال الكاملة لإنسان آلي» للشاعر شريف الشافعى، فى طبعة جديدة (دمشق، صيف 2024). ويأتى صدور الديوان فى إطار سلسلة «إشراقات» الشعرية التى يختارها ويشرف عليها الشاعر أدونيس، بمنحة خاصة من مؤسسة غسان جديد للتنمية.

صمم الغلاف الفنان أحمد معلا، ويتضمن كلمة للشاعر أدونيس، جاء فيها: «هكذا تبدو الكتابة الشعرية العربية كأنها تجيء من أفق آخر، أفق الذاتية الشعرية المتحررة من جميع أنواع السلطات الكابحة، وأفق الكينونة المنفتحة على الأعماق والأبعاد المجهولة، وعلى الأسئلة المهمشة المطموسة اجتماعيًّا وثقافيًّا وسياسيًّا، إضافة إلى المكبوت نفسيًّا وجسديًّا، مصيرًا وبصيرة ومخيلة. وفى هذا ما يتخطى خريطة الكتابة الشعرية السائدة، ويرسم خريطة جديدة لشعر كينونى، استشرافًا لعالم عربى جديد وثقافة جديدة، وجمالية عربية جديدة وإنسان عربى جديد وخلاق».

تأتى نصوص الديوان كلها على لسان إنسان آلى «روبوت»، وتتوزع على قسمين فى حوالى مائتى صفحة، هما: «البحث عن نيرمانا بأصابع ذكية» (إنسان آلي1)، و»غازات ضاحكة» (إنسان آلي2).

يتضمن الجزء الأول «البحث عن نيرمانا بأصابع ذكية» عشرات المحاولات للبحث عن نيرمانا، التى تظهر بثيماتها المتنوعة فى جميع المقاطع، جنبًا إلى جنب مع الأنا المتحدثة بلسان الإنسان الآلى. ويتحدث «الروبوت»، مثلما يوضح الشافعى، فاضحًا سوءات عصره الغارق فى التسليع والميكنة والتقنية، وباحثًا عن ذاته الإنسانية المفقودة، النابضة بحرارة، رغم كل شيء، تحت جليد الحياة الرقمية. بل إن تلك الذات، على ضعفها وتلاشيها، لا تزال تحلم بإمكانية استردادها لفردانيتها وخصوصيتها، وتمردها على آليات السوق وإيديولوجيا التنميط وتوحيد حركة الروبوتات (البشر) وفقًا لقوانين صارمة، وبرمجيات لا يديرها إلا الريموت كونترول فى يد القوة المهيمنة.

وفى الجزء الثانى «غازات ضاحكة»، المكتوب بلسان الروبوت المتمرد ذاته، تستدعى تجربة الشافعى، مثلما يوضح، الغاز المعروف بالغاز المضحك أو غاز الضحك (أكسيد النيتروز)، وهو غاز يؤدى استنشاقه إلى انقباض عضلات الفكين، وبقاء الفم مفتوحًا كأنه يضحك (دون بهجة حقيقية)، وكان يستخدم فى حفلات الأثير المرحة (نسيان الألم)، والآن صار يستخدم فى التخدير، خصوصًا فى جراحات الأسنان والفم. ويتحرر الآلى فى «غازات ضاحكة» من سطوة نيرمانا (أيقونة الجزء الأول)، منخرطًا فى (حالات إنسانية) متتالية ومتشابكة فى آن، ينشد فيها الطزاجة والبدائية والدهشة والصدق والإبصار الكشفى.