نبيل فهمي: مصر تقف مع السلام وتحترم التزاماتها الدولية

وزير الخارجية السابق فى حواره مع محرر «الأخبار»
وزير الخارجية السابق فى حواره مع محرر «الأخبار»

دبلوماسى من طراز فريد، ينتمى لعائلة دبلوماسية كبيرة، فوالده إسماعيل فهمى، وزير الخارجية الأسبق، وكان امتدادًا لوالده، حيث تقلد نفس المنصب، فى فترة عصيبة عقب ثورة 30 يونيو واستطاع أن يحقق العديد من النجاحات، لذلك كان علينا استطلاع رأيه إزاء ما تشهده المنطقة من أحداث وتوترات نتيجة الحرب اللاإنسانية ضد الشعب الفلسطينى الأعزل.. إنه نبيل فهمي، وزير الخارجية السابق.. الذى التقيناه فى حوار خاص مع «الأخبار»، استطلعنا رأيه فيما تشهده المنطقة من أحداث، وما الذى تريد أن تحققه إسرائيل من حربها، وما الحل الأمثل لعودة الاستقرار للمنطقة مرة أخرى، والعديد من الأمور التى نناقشها فى الحوار التالي:

كيف ترى الوضع فى المنطقة فى ظل التوترات التى تشهدها؟
أرى أن هناك اضطرابا دوليا شديدا أصفه بعاصفة مكتملة، فتوازن القوة اختل والأطراف الرئيسية تغيرت، وقواعد اللعبة لم تعد كما كانت عليه منذ إنشاء الأمم المتحدة، حتى الأسس الاقتصادية أصبحت غير مستقرة وظهرت قوى اقتصادية جديدة تجاوز كثيرا كما ونوعا القوى الاقتصادية التقليدية القديمة، سواء إذا كانت أوروبا أو روسيا فى الماضي، ونجد حاليا الصين والهند وإندونيسيا فهى قوى جديدة، وهذا لا يعنى أنها بنفس حجم أمريكا، وإن كانت الصين اقتصاديا قد تكون بحجم الولايات المتحدة الأمريكية.. وبالتوازى مع كل ذلك نرى الشرق الأوسط فى حالة توتر وغليان، يغلب عليه قانون القوة ومعادلات صفرية، لا تحترم فيها الحق أو يتم التصدى للباطل مما يدخلنا فى حلقات مفرغة من العنف والعنف المضاد.



اقرأ أيضًا| «سيناء» جنة خضراء

هل معنى ذلك أن القوى الجديدة سيكون لها تأثير دولي؟
يجب أن يدرك الجميع أن 25% من الطبقة الوسطى فى العالم ستكون فى قارة آسيا خلال عام 2030 ، كما أن نسبة التقنيات الحديثة، مثل: العلوم والهندسة تتميز بها آسيا عن كثير من الدول الأخرى، كما ظهرت تكتلات حديثة غير الناتو ووارسو، مثل: البريكس وشنغهاي، وهى تكتلات جديدة على النظام الدولي، وأعتقد أن كل ذلك ستكون له انعكاسات إيجابية وسلبية على الأوضاع الدولية، خاصة مع رفض البعض المشاركة لتخفيف هيمنة الغرب على الساحة السياسية عبر عقود من الزمن.

وما تأثير تلك التطورات على المنطقة العربية؟
على المستوى الإقليمى الشرق أوسطى نجد أن الأمر أكثر تعقيدا بسبب الخلل فى توازن القوة وعدم الاحترام المطلق لقواعد القانون الدولي، وأيضا إذا انتقلنا من خلافات سياسية نسعى إلى حلها وفقا لقواعد المنظومة الدولية إلى خلافات سياسية يغلب عليها الآن قانون القوة وليس قوة القانون، بمعنى قانون الغابة، وما يحدث فى غزة بعد 70 عاما من الاحتلال الإسرائيلى به قدر من اللاإنسانية، لم نشهده فى التاريخ، وعدد الضحايا فى غزة خلال سبعة أشهر تجاوز 50 ألفا، ونسبة الضحايا من السيدات والأطفال كبيرة للغاية، ورد الفعل الإسرائيلى يقول إن عدد الضحايا معقول نسبيا، وأصبحت هناك لاإنسانية، ولكن أخيرا إعلان الولايات المتحدة الأمريكية بعدم تزويد إسرائيل بالأسلحة لأنها تستخدم ضد المدنيين، وإن كان متأخرا ولكنه جيد، لذلك لن ينتهى الأمر إلا بتغليب القانون على القوة.



فرض القانون
وهل يمكن فرض القانون على أحد الآن؟
ليس بالأمر السهل، وإنما إذا نظرت إلى المجتمع الدولى بجانب العقلاء فى كل الساحات بمن فيهم المعارضون فنجد أن هناك قناعة واضحة وكاملة أنه لا يمكن الوصول إلى تحقيق الرغبة الفلسطينية فى تقرير مصيرهم وفى إطار الدولة ذات السيادة إلا من خلال الوصول إلى سلام مع إسرائيل، وهناك قناعة أيضا بأنه لا يوجد ما يسمى بأمن إسرائيل بدون سلام مع فلسطين، بمعنى الانتهاء من الاحتلال وتمكين الفلسطينيين من ممارسة حقوقهم فى دولتهم، ولكن البديل الآن هو جلوس الطرفين فى ساحة واحدة يتصارعون ولن يصلوا إلى حل، لأن كلا منهما يريد الحفاظ على الهوية السياسية، فالإسرائيليون يريدون دولة إسرائيلية ودولة للشخصية اليهودية بوضع متميز، وأيضا الفلسطينى يريد الهوية الفلسطينية تشمل المسلم والمسيحى واليهودى فيريد الشخصية السياسية الفلسطينية وليست الإسرائيلية؛ كما أنه يرفض الاحتلال، بالإضافة إلى أن الطرفين متسارعان فهل يتصور جلوس الطرفين والوصول إلى تطبيق القانون على الجميع فى إطار دولة واحدة وكلاهما يتنازل فهذا مستحيل، فالصعب حل الدولتين والمستحيل وجود دولة واحدة، لأنها ستكون دولة متنازعة، ولن يتمكن الإسرائيلى أو الفلسطينى من ممارسة حقوقه بشكل متساو، كما أن الفلسطينى لن يقبل بالاحتلال ويكون مواطنا من الطبقة الثانية، وعلى مدار 70 عاما يستمر فى الاحتلال فحل الدولتين صعب، خاصة فى ظل التوسع فى الضفة.

حل الدولتين
هناك أصوات إسرائيلية ترى أن الحل فى الدولتين.. ما تعليقك؟
بالفعل تابعت تصريح «عامى أيالون» مدير الأمن الداخلى الإسرائيلى السابق فى حديث صحفى مع وسائل إعلام أجنبية، حيث وجه إليه سؤال عقب ما حدث فى غزة وخطف الأسرى، فقال إن حل الأمر يتمثل فى حل الدولتين وهو ليس إهداء حماس بدولة وأدان ما قامت به حماس، مؤكدا أن حماس قدرتها ليست فى سلاحها، وإنما فى طرح نفسها كطرف رافض للاحتلال، وأكد أنه لكى يقضى على هذه الفكرة والصفة يجب وضع فكرة أفضل منها على الساحة، فالفكرة لا تقتل بالسلاح ولكى يقضى على الفكرة يجب وضع البديل، وهو فصل الشعبين، كل طرف فى أرضه من خلال الترتيبات الأمنية، فهو يرى أن أمن إسرائيل يتم من خلال حل المشكلة؛ ويجب التنويه هنا أن إسرائيل منذ بداية نشأتها تواجه خطرين: الأول زال والثانى مستمر، والخطر الأول هو القدرة العسكرية العربية وعدم وجود اتفاق سلام مع دول الجوار، وهذا تم تجاوزه عن طريق السلام مع مصر والأردن وحتى اتفاقية أوسلو وفض الاشتباك مع سوريا، فكل هذه الإجراءات خففت الضغط العسكرى ولكن لم تقض عليه.

وما الخطر الثانى الذى تخشاه إسرائيل؟
الخطر الثانى هو الخطر الديموجرافى من خلال زيادة أعداد السكان الفلسطينيين، حيث إنه مع تعداد المهاجرين الذين وصلوا إلى إسرائيل من الخارج وعدد السكان الإسرائيليين مع الوقت يتناثر، ومن ثم فالهوية اليهودية تواجه خطرا، لذلك فمن خلال خطوات معينة وعدم تنفيذ الالتزامات يركز حاليا على تخفيف الهوية الفلسطينية على الأرض، فيتبنى سياسة هدم المنازل فى القدس وأيضا فى المناطق المجاورة لكى يقضى على الهوية الفلسطينية، وإذا نظرت إلى الوضع فى غزة فأكثر من 50 % من القتلى والجرحى من السيدات والأطفال، وهذا يعنى القضاء على وجود عناصر جديدة وهذا ما صرح به وزراء حاليون فى إسرائيل عندما طرحوا فكرة مساعدة الفلسطينيين ماديا وإخراجهم إلى أوروبا وأمريكا بغرض تخفيف الهوية الفلسطينية.

توازن القوى
وهل معنى ذلك أن الأمم المتحدة فشلت فى فرض سيطرتها على الوضع؟
الأمم المتحدة تضع القانون ولكى يطبق لا بد أن تحترم أطرافها أو الغالبية العظمى من تلك القواعد، وعند وضع الميثاق كان هناك توازن فى القوة من المجموعة الشرقية والغربية وعدم الانحياز حتى قبل إنشائه، فحتى نهاية الحرب الباردة عام 1989 كان للأمم المتحدة نقاط التقاء ونجاح، ولكن مع أوائل التسعينيات هناك توجه سياسى للعمل خارج الأمم المتحدة لأن الدول الكبرى رفضت العمل فى إطار محفل دولى تراعى مصلحة 192 دولة وكانت فى السابق 40 دولة، فكانت العملية أسهل ولكن الوضع تغير ولم يعد بالسهولة المطلوبة، وأصبحت هناك تجمعات خارج الأمم المتحدة، مثلما ذكرنا فى السابق، وهذه التجمعات احترمت قواعد القانون الدولى ولكن الذى أدى إلى الخلل هو عدم احترام القانون الدولي، ومن ثم حدث اختلال فى توازن القوة، ومن ناحية أخرى عدم استثمار المجتمع الدولى للظروف الإيجابية بالقدر الكافى لتأسيس منظومة أكثر تأثيرا وسيطرة على الأوضاع، وكان فى السابق يسيطر الاتحاد السوفيتى وأمريكا، وعندما انهار الاتحاد السوفيتى كان البديل هو القطب الأوحد الذى يتجاوز فى القانون بعض الأوقات، ورغبة البعض فى احترام الآخر، ولكن هناك أمرين كانا بمثابة تحذير للكبير قبل الصغير، وهما الكوفيد والعولمة، ففى حالة كوفيد توقفت أوروبا عن إنتاج اللقاح وكان ينتج فى الهند وآسيا ويتم توزيعه على مواطنيهم أولا، ونتيجة للكوفيد وارتباطه بالعولمة عمل على الحد من انتقال السلع والبضائع والأفراد من مكان إلى مكان آخر، وانخفضت صناعة السيارات فى الدول المنتجة لأن الميكروشب الذى يدخل فى صناعة السيارات يتم تصنيعه فى تايوان وسنغافورة فهما دول صديقة ولكن هى بعيدة، ومن هنا بدأوا يقتنعون أن العولمة ليست فى المكسب فقط، ولكن فى إنتاج السلع بأقل تكلفة وأكثر كفاءة ووصولها للأسواق بأسهل وسيلة وليس مهما الاحتياطى والانضباط والتأمين، وعند حدوث كوفيد كان لا بد من تصنيع كل شيء لديهم، ولكن النظام الدولى بالكامل مهزوز وكل ما يقال عن نمو الصين هو نمو ناجح وإنما حتماً الصين تريد التعاون والدخول إلى الأسواق الغربية ولكن المنظومة مهزوزة، والجميع يبحث عن وسيلة للحل من الطرف الآخر، ولكن للأسف الشرق الأوسط نتيجة لعدم انشغال الدول الإقليمية بأمورها بشكل مباشر وعدم الالتزام بالقانون الدولي، الأمر الذى أسهم فى انتشار النزاعات فى المنطقة.

قانون القوة
قبل عملية اقتحام رفح الأخيرة كانت حماس قد وافقت على وقف إطلاق النار، وفوجئنا بالاقتحام الإسرائيلي؟
فى الشرق الأوسط اتجهنا تجاه قانون القوة وليس قوة القانون، بمعنى الحل والطرف الآخر ثقافته مختلفة، والبعض طالب باستقالة سكرتير عام الأمم المتحدة ودخلنا فى قانون الغابة، وأن يقول مائة ألف قتيل فى غزة بين القتلى والجرحى معدل مقبول! وغير ذلك، مطالبة البعض استخدام السلاح النووى تجاه غزة فنجد أن المنطقة تخسر آدميتها، وهناك توجه نحو العسكرة واستخدام القوة فهذا قانون الغابة.

ماذا يريد نتنياهو.. هل يراهن على مكسب شخصى فى ظل تعرضه لهجوم وعدم تحقيقه لانتصار من 7 أكتوبر وحتى الآن؟
نتنياهو لديه سجل طويل فى الكذب، والشيء الوحيد الذى لا يكذب فيه أنه غير مؤيد لحل الدولتين، وهناك تصريحات كثيرة له فى هذا الإطار، كما أننى حضرت اجتماعا حضره نتنياهو فى التسعينيات وقال إنه غير مؤيد لحل الدولتين وأى شيء نحو هذا السبيل سيعارضه. واليوم نتنياهو يريد الحفاظ على نسبة توتر مستمرة دون أن تفلت الأمور، لأن وجود نسبة التوتر يجعل خطابه لدى المواطن الإسرائيلى مقبولا، لأنه يصدر دائما أن إسرائيل متواجدة وسط غابة من الشياطين حولها، وكذلك لكى يضمن تأييد أمريكا والغرب، ومن الواضح أن هذا الواقع غير صحيح حتى بعدما دخل غزة ما الذى جعله منذ شهر ونصف يضرب القنصلية الإيرانية فى سوريا لكى يثير أزمة مع إيران ويكون هناك رد فعل، ومن ثم أمريكا التى كانت تبتعد عنه ترجع له مرة أخرى وثانى هدف لنتنياهو المحافظة على نسبة توتر منخفضة، لأنه يبالغ فى رد الفعل حتى الأمريكان صدموا من أعداد القتلى فى فلسطين، كما قال بايدن لنتنياهو عندما تدخل رفح لن نورد لك الذخائر والأسلحة الثقيلة التى تم استعمالها ضد المدنيين فى قطاع غزة، وأعلن أنه بالفعل تم تأخيرها ولكن فى حال حل نتنياهو الأزمة لن تكون هناك مشكلة ويقل الإمداد، ولكنه يريد سير تلك العملية دون التصعيد حتى لا يغضب صديقه القريب، فإذا وقفت العملية سيكون النقاش على حل الدولتين وهو يرفض ذلك، وهذا ما قاله وكان هناك مستند صادر منذ أيام أنه أبلغ الأمريكان منذ سنوات أنه لا بد من السماح للدعم الخليجى لحماس بالوصول دون اعتباره إرهابا حتى يحافظ على هذا الخطر ويقسم الفلسطينيين فيكون لا ضغط عليه للتفاوض على الدولة الفلسطينية، وأخيرا وقد تكون هذه النقطة الأولى فى تفكير نتنياهو أن هدوء تلك الأمور يضع الشعب الإسرائيلى ينظر فى القضايا المرفوعة ضده الخاصة بالفساد والمحاسبة السياسية لأحداث 7 أكتوبر وعدم الاستعداد لها ورد الفعل بعدها فما مستقبل الدولة وإسرائيل، فإذا هو سياسيا ليس فى مصلحته إنهاء الأمر فلا بد من وجود أزمة منضبطة، وأعلن ذلك وزير الدفاع الإسرائيلى أن الصيف المقبل سيكون ساخنا فى لبنان وفى الصيف ستكون الخلافات مع حزب الله.

صورة متغيرة
كيف ترى تغير الموقف الأمريكي؟
الرأى العام الغربى يضغط على أمريكا، وصورة القتل فى غزة تجعل الصورة متغيرة، ونسبة كبيرة من المتظاهرين حتى من اليهود يرفضون ما يحدث فى غزة، كما أن الرئيس الأمريكى بايدن أخطأ عقب ظهوره بعد أحداث 7 أكتوبر وحضر فى مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي، كما أن بايدن لديه انتخابات فى نوفمبر المقبل، وإن كان المواطن الأمريكى المسلم أو اليسارى لا يؤثر جوهريا فى عدد الأصوات التى يحصل عليها بايدن أو ترامب على مستوى أمريكا، لأن من يفوز فى الانتخابات الأمريكية هو من يحصل على الأغلبية فى المجمع الانتخابي، فإذن هو لا يحتاج أكبر عدد من الأصوات، ولكن هو يحتاج إلى تشكيلة معينة من الولايات لكى يحظى بالمقاعد المطلوبة، وهناك ثلاث ولايات دائما ترجح من ينجح من ضمنها ولاية مِشيغِن فهى فى أغلب الأوقات تتجه نحو الديمقراطيين وبها نسبة مسلمين وعرب أمريكان بشكل مرتفع، والفرق بين ترامب وبايدن فى الانتخابات السابقة كان مائة ألف صوت، لو أن العرب والمسلمين والأمريكان نتيجة لما يحدث فى غزة قرروا عدم إعطاء أصواتهم لبايدن فهذا يؤثر عليه بشكل كبير، وليس معنى ذلك أنهم سيعطون ترامب، والحزب الديمقراطى حاليا يتجه نحو التوجه اليسارى ولديه حالة من الغضب، وبايدن أعلن أنه صهيونى منذ 25 عاما، كما أن وزير الخارجية يهودى فنجد اهتمام بايدن بحل الأزمة بسبب الانتخابات وفى الظروف العادية لن يتأثر، ولكن يجب النظر إلى الأمور بدقة لأن نتنياهو يريد التوترات المحكمة، وبايدن لا يريد مبالغات وقد يقبل بالتوترات المحكمة إذا لم تحصل حماس على ما تريده.

وما هو دورنا وسط هذه التداخلات؟
هناك مفاوضات تقودها مصر وقطر لمحاولة الوصول للاتفاق على موضوع غزة منها وقف إطلاق النار مقابل الإفراج عن الأسرى والمحتجزين فهى عملية لديها أكبر من مرحلة بحيث يكون هناك قدر من الاستقرار فى وقف إطلاق النار، وهذا العرض المصرى وهو فى الأساس غرضه إنسانى نظراً لما نراه من معاناة الفلسطينيين، ومن الوارد إعلان اتفاق حسب ما يتم أو إعلان فشل المفاوضات وإذا حدث اتفاق يجعلنا فى راحة مع الأوضاع الإنسانية فى فلسطين، ولكن باتفاق أو غيره لن يدوم وقف إطلاق النار طويلا، ويظل التوتر المحكوم قد ينخفض حتى الانتخابات الأمريكية وينفجر بعد ذلك.

رد محكوم
ماذا عن الموقف الإيرانى ووصف البعض ما حدث مع إسرائيل بالتمثيلية؟
الذى بدأ بالتوترات هى إسرائيل فلا نضع إيران أنها بدأت فى التوترات وإيران أبلغت أن هناك رد فعل محكوما من الصواريخ من جانبها والغالبية العظمى، ربما فشلت فى الوصول أو تم التصدى لها، ولكن علينا الأخذ فى الاعتبار من طوال المسافة بين إيران وإسرائيل، وهناك تواجد غربى ضخم ولكن أى ضربة من إيران غير مقصود بها القضاء على أهداف كبيرة فى إسرائيل، وقيل إنه تم استهداف بعض المعسكرات فى إسرائيل، ولكن إيران قامت بهذه الضربات لكى تثبت لشعبها أنها لم تصمت على ما قامت به إسرائيل، وأن الضربة القادمة ستكون فى أرضك وليس فى الأراضى المحتلة، وأيضا التصعيد تجاه إسرائيل، وأرى أن هذه هى رسالة، خاصة أن إسرائيل ضربت مبنى السفارة وهو جزء من سيادة الدولة، فإذًا هى كانت رد فعل عسكريا، وفيما يتعلق بإعلان وزير الدفاع الإسرائيلى استهداف حزب الله ولبنان فى الصيف المقبل، فقد نجد مناورة إيرانية أما من خلال تخبئة كل شيء أو التدعيم للصد .
جهود مستمرة

كيف ترى الموقف المصرى فى ظل الضغوطات التى تتعرض لها مصر؟
تبذل مصر جهودا مستمرة لوقف إطلاق النار، والأولوية فيها حتما للوضع الإنسانى فى غزة، ولكن مازال هناك تعنت من إسرائيل، وأرى أن إسرائيل تجاوزت كل الحدود السياسية والأمنية والإنسانية، وهنا يجب أن يكون الموقف واضحا وقاطعا لا غموض فيه، وهنا مصطلح يستخدم دبلوماسيا وهو «الغموض الإيجابي»، وإنما نظرا لغياب أى ثقة فى النوايا الإسرائيلية أصبح المطلوب الآن «الوضوح المطلق» بالنسبة لكل ما يتفق عليه دون ترك مساحة للتفسير أو التأويل، والخطورة بمكان الآن أننا ندخل فى أمور بها مساس لاتفاقية السلام وما اتفق عليه بين الدولتين تباعا، منها السيطرة على معبر رفح وممر فيلادلفيا، فكان هناك اتفاق أن المعابر تدار من الجانب الفلسطيني، ويكون هناك رقابة فى البداية من الاتحاد الأوروبى ويضغط على المواطنين واستخدام سلاح قرب الحدود المصرية فهنا ندخل فى أزمة ومشكلة إنسانية وسياسية وأمنية، وليس فقط فى فلسطين وإسرائيل، وإنما أيضا مصر، ويمتد ذلك للأردن التى تعتبر أى تهجير لمصر عبر الحدود المصرية بداية لانتقال نفس الممارسة للضفة الغربية وهما مهددتان، وإسرائيل لم تكن معنية باحتلال غزة ويكتفون باحتلالها خارج الحدود وانسحبت من غزة لكى تركز على الضفة فلابد أن يكون هناك قرار مصرى لكل الاحتمالات، ويجب أن يكون هذا الرد مبلغا رسميا للإسرائيليين والأمريكان حتى يتحملوا المسئولية، لأن الأمريكان مهتمون بتأمين اتفاق السلام المصرى الإسرائيلى والأردنى الإسرائيلى باعتبار أنهم أساس السلام العربى الإسرائيلي، ولا أخشى أو اهتمّ بالانتقادات البلهاء والاتهامات أننا ضد السلام، فهذا حديث غير صحيح لأن مصر بدأت الحرب عام 1973 وقامت بعملية السلام وسعت إلى الدفع بخطوات نحو الحل العربى الإسرائيلى الشامل.

كيف ترى العلاقات المصرية التركية؟
أؤمن تماما أن مصر وتركيا دول مهمة للغاية فى الشرق الأوسط رغم أن تركيا رسميا لا تعتبر ضمن المنطقة، ولكنى أعتبرها امتدادا طبيعيا، وسيكون دائما هناك تنافس بينهما، وهذا منطقى وصحي، ولكن إذا حدث تنازع فالمنطقة لن تستقر، والمنطقة تحتاج لهما والخلاف بين مصر وتركيا كان اختلافا أيديولوجيا وليس مع تركيا، والآن نمر بمرحلة تهدئة فى العلاقة، وأردوغان قام بزيارة مصر وأعلن زيارة الرئيس السيسى لتركيا قريبا، وأيضا أهم الموضوعات التى تحتاج إلى نقاش فى الزيارة القادمة أعتقد أنه سيكون الوضع فى ليبيا والحدود البحرية عقب الاتفاق مع ليبيا بريا وبحريا وطبيعة الأمور، وأيضا ما يحدث فى غزة وسوريا، وهذا هو المحور السياسي، أما الجانب الاقتصادى فيجب أن ننمى العلاقات الاقتصادية.