إنها مصر

خير الدعاء

كرم جـبر
كرم جـبر

أجمل متع الحياة راحة البال، واللجوء إلى المولى عز وجل "ارمى همومك عليه"، فلن تجد أحن منه ولا أرحم منه، ولمن تشكو إذا أطبقت الهموم؟، ولمن تبكى إذا هامت الشجون؟، ولمن تدعو إذا ضاقت الصدور؟، ومن أرحم من رب الكون، الذى قال: أدعونى استجب لكم؟

ولا يعرف معنى "القلوب تهفو" إلا من أثقلته الهموم، ولا يغيب عن ذهنى دائما ذكريات التعلق بأستار الكعبة وفى حجر إبراهيم، وتتسرب إلى الروح همسات كونية تأتى من الفضاء البعيد، تملأ النفس بالطمأنينة والهدوء.

أين المفر، غير النجاة من الدنيا باللجوء إلى العشق الإلهى، إلى الإيمان بأن كل شيء إلى زوال، ولن يبقى إلا وجهه ذو الجلال والإكرام؟.. والذكريات تتكئ على ذراعى وترانيمها تعانق السماء، وشدواها يغرد بالإيمان، مثل بلبل جميل جاء من دنيا الخيال ومن أجنحة النور ودعاء الأتقياء، نورانية القلب شفافة الروح والإحساس، والبلبل أجمل مخلوقات الله وأحلاها صوتا.

لا شيء يدوم مهما طال العمر، فأعمارنا مهما طالت، فى عمر الزمن ثوانٍ، ولن يبقى منها إلا همس يلمس القلوب ويغرد فى الروح، تدعو المولى الذى قال: "ادعونى استجب لكم"، وخير الدعاء عن النبى صلى الله عليه وسلم: ما من دعوة يدعى بها العبد أفضل من: اللهم إنى أسألك المعافاة فى الدنيا والآخرة.

ندعوه أن يضيء قلوبنا بالإيمان، وينير أرواحنا بالقرآن، ويبعد عنا وساوس الشيطان، وآه من الشيطان، فى دنيا تطحن فى النفوس لذة الحياة!.

ندعوه أن يسترنا فى الدنيا والآخرة، وأن يحيينا مرفوعى الرأس، أعزاء النفس، حاملين بين جوائحنا محبة لا تتلوث، حتى لمن ظلمنا أو أساء إلينا، فالنفس المتسامحة يطل نورها فى الملامح والخبايا وتجمل الوجوه، وتضفى على صاحبها وداعة وهدوءً وسكينة.

ندعوه أن يهبنا القناعة، فلا تهفو نفوسنا إلا لما يرضيه، ويحول بيننا وبين النفس الأمارة بالسوء، القناعة التى تجعل مذاق "اللقمة الحاف" أجمل من أى مذاق، والكلمة الحلوة مسكناً ودواءً.

ندعوه أن يمنحنا الصحة، فنظل واقفين على أقدامنا لا نمرض ولا نضعف ولا نكون موضع شفقة من أحد حتى لو كان أقرب الناس، ولا نكون عبئا على أحد فإذا انتهى العمر وجاء الأجل تذهب الروح إلى بارئها دون ألم أو عذاب، مبتسمة وسعيدة وراضية مرضية.

ندعوه أن نغتسل من همومنا بالدعاء، ونجفف أوجاعنا بالدموع، وأن نطوف فى عالم فسيح من السكون الروحى، الذى يستشف الصفاء والنقاء والوضوء بهمسات الفجر، فما أحلى الدعاء فى سكون الكون.