إسرائيل عالقة في «وحل غزة».. واستراتيجية «الضاحية» خاسرة رغم الدمار

جنود إسرائيليون يسيرون إلى المجهول في قطاع غزة
جنود إسرائيليون يسيرون إلى المجهول في قطاع غزة

تسببت المجزرة الإسرائيلية اللا إنسانية التي ارتكبها جيش الاحتلال في مخيم اللاجئين في رفح الفلسطينية والتي أدت إلى وفاة 45 فلسطيني أكثرهم من النساء والأطفال، إلى حالة من الغضب تعدى حدود الشرق الأوسط، وهو ما عبر عنه عدد مكتاب مقالات الرأي في كبريات الصحف والمواقع العالمية في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة.

 

ووصف الكتاب حادثة قصف خيام اللاجئين بأنها " حمام دم" وصورة مصغرة للحرب برمتها في غزة، والتي خلفت حتى الأن أكثر من 35 ألف شهيد وإصابة حوالي 80 ألفًا آخرين، بالإضافة إلى ما يصل إلى 10 آلاف شخص آخرين في عداد المفقودين يفترض أنهم توفوا أسفل الأنقاض الهائلة من المباني المدمرة.

 

كما انتقد الكتاب خطة الهواة الخاصة بنتنياهو والتي تتضمن تسليم القطاع إلى شخصيات فلسطينية بارزة تختارها إسرائيل والحفاظ على السيطرة الأمنية على غزة إلى أجل غير مسمى، مشيرين إلى أن إسرائيل عالقة في وحل غزة، وأن نتنياهو يستمد قوته رغم التنديد الدولي من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، كما كشفت أول مسؤول يهودي معين سياسيًا في الإدارة الأمريكية أسباب استقالتها منذ أيام، والتي جاءت حزنًا على تأييد بايدن للإبادة الجماعية في غزة.

 

استراتيجية إسرائيل الوحشية في غزة

 

في صحيفة الجارديان البريطانية، أكد بول روجرز، وهو أستاذ فخري لدراسات السلام في جامعة برادفورد، في مقاله أن الهجمات اللاإنسانية على رفح الفلسطينية ليست من قبيل الصدفة، مؤكدًا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ينفذ استراتيجية محورية وصفها بالوحشية والخاسرة.

 

وكشف الكاتب أنه على الرغم من أن وفاة 45 فلسطينياً في خيام اللاجئين والتي وصل الغضب منها إلى ما هو أبعد من منطقة الشرق الأوسط، إلا أنه من المتوقع أن يستمر الهجوم الإسرائيلي، حيث تم رصد عدة دبابات إسرائيلية في وسط رفح يوم الثلاثاء، حسبما قال شهود لوكالة رويترز للأنباء.

إقرأ أيضا| نائبة الرئيس الأمريكي: «مأساوية» هو أقل ما توصف به ضربات إسرائيل لرفح

وأشار روجرز، إلى أنه على الرغم من وصف نتنياهو الغارة الجوية بأنها حادث مأساوي، لكن هذا لا يخفف من حدة الهجمات الإسرائيلية المتواصلة التي استمرت أكثر من سبعة أشهر وخلفت عشرات الآف من القتلى والجرحى، لافتًا إلى أن السلوك الفعلي في هذه الحرب وطريقة القتال الإسرائيلية برمتها تتعارض مع ما روجت له حكومة نتنياهو بأن إسرائيل تستخدم القوة ضد حماس، وليس ضد المدنيين.

عقيدة الضاحية والتدمير المتعمد لغزة

 

وأكد الكاتب أن التدمير المتعمد للبنية التحتية المدنية أمر شائع بشكل مثير للقلق في حروب المدن الحالية، لكن التدمير المطلق للطريقة الإسرائيلية في حرب غزة " المدارس والمستشفيات ومحطات معالجة المياه والصحفيين وعمال الإغاثة والطواقم الطبية والجامعات" يعد امتدادا لمبدأ الضاحية، الذي أنشأه الجيش الإسرائيلي في أحد أحياء بيروت أثناء حرب عام 2006 في لبنان ضد حزب الله.

إقرأ أيضا| تصاعد الأحداث في جنين تداعيات العملية العسكرية الإسرائيلية وتأثيرها على الشعب

وتنبع تلك الطريقة، التي نادرا ما تعترف بها إسرائيل علنا، كما يقول الكاتب، من منطلق أن يكاد يكون من المستحيل هزيمة الفصائل الراسخة في المناطق الحضرية،  وخاصة إذا كانوا على استعداد للموت من أجل قضيتهم، وفي تلك الحالة تصبح الخسائر الإسرائيلية، مرتفعة للغاية، و هي غير مقبولة سياسيا، حتى لو كانت الخسائر الفلسطينية أكبر بعشر أو عشرين مرة.



 

فشل جيش الاحتلال وبقاء نتنياهو

إقرأ أيضا| استشهاد عشرات الفلسطينيين في قصف إسرائيلي على خيام النازحين في المواصي

وبموجب عقيدة الضاحية، وفقا لروجرز، يتم استخدام القوة على نطاق واسع وطويل الأمد ضد السكان المدنيين بشكل عام لتحقيق هدفين محددين،        الأول قصير المدى ويهدف تقويض الدعم المقدم لللفصائل، والهدف في غزة هو جعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لحركة حماس،  أما الخيار الثاني فهو على المدى الطويل، وهو العمل كرادع للحركات شبه العسكرية في المستقبل من أي نوع، سواء في غزة أو الضفة الغربية المحتلة أو جنوب لبنان.

 

واختتم الكاتب بالتأكيد على أنه على الرغم من استخدام الجيش الإسرائيلي للقوة على نطاق واسع وتدمير جزء كبير من قطاع غزة، إلا أن حماس   ما زالت باقية وتواصل إعادة تشكيل نفسها، وأصبح الفشل الإسرائيلي واضحًا منذ عدة أشهر، وما دامت الولايات المتحدة، وبريطانيا،  ترفضان قبول قرارات المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، فإن نتنياهو قادر على البقاء. 

حمام دم وغضب عالمي 

إقرأ أيضا| الخارجية البريطانية تُطالب إسرائيل بتحقيق «سريع وشامل» في قصف مخيم رفح

وفي مجلة نيوزويك، كتب أيضا دانييل ديبيتريس، وهو زميل في مجلة أولويات الدفاع، وكاتب عمود في الشؤون الخارجية، عن أن إسرائيل عالقة في وحل غزة، مؤكدًا أن الاحتلال ارتكبت خطأً مأساوياً عندما قصف منطقة مزدحمة بالسكان في مدينة رفح الفلسطينية" مخيم اللاجئين"، والتي كانت نتيجتها حمام دم، وكان الرد العالمي يتسم بالغضب وعدم تصديق الرواية الإسرائيلية. 

التدمير المتعمد لقطاع غزة

إقرأ أيضا| بعد مجزرة رفح الفلسطينية.. عضو بالكنيست يدعو لتقديم مجرمي الإبادة للعدالة

وكانت هذه الحادثة بالتحديد، كما يشير الكاتب،  صورة مصغرة للحرب برمتها في غزة، والتي ستدخل شهرها الثامن في غضون أسابيع قليلة، حيث يدفع المدنيون في نهاية المطاف الثمن الباهظ، أما الخاسر الثاني فهو إسرائيل، التي تلقت سمعتها الدولية ضربة قوية، حتى لو كانت الحرب نفسها مبررة. 

 

ويرى الكاتب أن حصيلة القتلى الدموية في حادثة مخيمات اللاجئين لا تقارن بما ستواجهه إسرائيل في غزة على المدى الطويل، حيث تم تدمير غزة لجميع المقاصد والأغراض، وبات الوضع أكثر صعوبة لما بعد غزة، حيث قدر البنك الدولي الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الحيوية بحوالي 18.5 مليار دولار، بينما قدرت الأمم المتحدة إعادة بناء المنازل التي دمرت في القتال قد تكلف ما يصل إلى 40 مليار دولار وتستغرق أكثر من عقد من الزمن.

خطة الهواة والانقسامات والحل السحري

إقرأ أيضا| نتنياهو يرد على تهديد جنود الاحتياط بتمرد داخل الجيش الإسرائيلي

وتحدث الكاتب عن خطة الهواة التي حاول ترويجها نتنياهو في فبراير الماضي والتي تتضمن تسليم القطاع إلى شخصيات فلسطينية بارزة تختارها إسرائيل والحفاظ على السيطرة الأمنية على غزة إلى أجل غير مسمى، والتي تم انتقادها على نطاق واسع، حيث لن يخاطر أي فلسطيني،  بمصداقيته في العمل كحاكم مدني فعلي لإسرائيل.

ويرى الكاتب أن ميل نتنياهو إلى تجاهل وضع ما بعد الحرب أثار أعصاب إدارة بايدن منذ وقت طويل، حتى أن كبار المسؤولين الأمريكيين يتحدثون عنه بشكل أكثر وضوحا، لافتًا إلى أن الأميركيون ليسوا الوحيدين الذين لديهم مخاوف عميقة بشأن الاتجاه الذي ستؤول إليه الأمور.

وأكد دانييل ديبيتريس، أن حكومة الوحدة الوطنية التي شكلها نتنياهو لم تكن موحدة على الإطلاق، وتحدث عن الخلافات بين الوزارء حول الوضع ما بعد غزة، مشيرًا إلى أن نتنياهو يتجنب أي مناقشات صعبة تعجل بانهيار ائتلافه، في انتظار الحل السحري بإمكانية هزيمة حماس.

فظائع الحرب وتأييد بايدن " رمز الديمقراطية"

إقرأ أيضا| واشنطن تبحث ما إذا كانت إسرائيل قد تجاوزت الخط الأحمر في رفح

كما كشفت ليلي جرينبيرج كول، المساعدة الخاصة لرئيس الأركان في وزارة الداخلية الأمريكية، في صحيفة الجارديان البريطانية عن الأسباب التي دفعتها لتكون أول مسؤول يهودي معين سياسيًا في الإدارة يستقيل، مؤكدة أنه فعلت ذلك حزنًا على تأييد الرئيس بايدن للإبادة الجماعية في غزة.

وأكدت المساعدة المستقبلة، أن رئيس الولايات المتحدة أفسد باستمرار فكرة السلامة اليهودية، مستخدمًا مجتمعها كسلاح لتفادي المساءلة عن دوره في الحرب والفظائع المرتكبة، لافتا إلى أن قرارها كان صعبا وضروريا وأكثر إلحاحا خاصة بعد وفاة 35 ألف فلسطيني وآلاف الجرحى الآخرين.

المحرقة اليهودية ومذبحة الفلسطينيين

إقرأ أيضا| الاتحاد الأوروبي يلوّح بعقوبات.. ويطالب بتطبيق حكم «العدل الدولية»

وكانت ترى ليلي ، وفقا لها ، الرئيس الأمريكي بأنه رمز للديمقراطية في الظلام الزاحف ولكن وهي تشاهد تواطؤ الولايات المتحدة في المذبحة المستمرة للفلسطينيين في غزة، تتذكر أنه في أوقات الرعب الشديد، يختار العديد من ذوي القوى العظمى عدم القيام بأي شيء، ولفتت إلى أنها مثل العديد من الأميركيين اليهود، تنحدر من أولئك الذين فروا من أوروبا ونجوا من الاضطهاد العنيف.

 

واختتمت الكاتبة مقالها بأنه بعد 7 أكتوبر وفي أشهر الحرب، شاهدت الفلسطينيين وهم يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة بعد القصف العشوائي الذي ابتلي به منزلهم، وهو القصف الذي اشترته الولايات المتحدة ودفعت ثمنه، حيث أُجبر الأطفال على أن يحلوا محل الصحفيين الغائبين، مشيرة إلى أنها شاهدت عدداً لا يحصى من مقاطع الفيديو لعائلات تهرب من القنابل المتساقطة، وأطفال ينتحبون على فقدان أمهاتهم، ولاجئون يرتعدون الآن في رفح.