ميكانيكى يُشعل النيران في شاب داخل المقابر

الضحية
الضحية

الشرقية‭: ‬إسلام‭ ‬عبدالخالق

«عمار» سولت له نفسه أن يلعب دور اللاهي والجلاد حين لم يكتمل مشهد مضايقته لأحد الأشخاص فأخذ ما بحوزته من وقود ليسكبه عليه ويُضرم النيران به مستمتعًا بصرخاته وهو يواجه الموت أمام عينيه وسط المقابر.

لم يكن «عبدالفتاح» وهوشاب معروف بين أقرانه بـ«محمد الطيب» أن طيبته ستجلب له أشر الناس وأكثرهم نذالة، وأن هناك بين بني البشر من لا يرحم ولا يسمح بالرحمة أن تسكن بمحيطه ليتلبس وجه الشيطان ويفعل الأفاعيل التي ينأى إبليس عنها ويعيث في الأرض فسادًا حاصدًا الأرواح الطيبة لا لشيء إلا لأن نفسه الأمارة بالسوء قد أرادت ذلك.

على بُعد أمتار قليلة من وسط منطقة مقابر «علوان» وبالقرب من شواهد قبور البلدة الموجودة في نهاية مركز بلبيس على حدود محافظة الشرقية كان «الطيب» اسمًا وصفة يسير وسط الطريق في سبيله إلى الورشة التي يعمل فيها لدى أحد رواد مهنة ميكانيكا السيارات حاملًا بين يديه زجاجة مملوءة بالجاز لأجل عمله، وأربعون جنيهًا قيمة ما تبقى من النقود يقبض عليها جيدًا لأجل أن يُعطيها لـ«الأسطى» فور وصوله الورشة التي تبعد عشرات الأمتار عنه، بيد أن الطريق إلى الورشة بدا طويلًا جدًا بعدما اعترضه أحد الأشخاص المعروف عنهم سلوكهم الإجرامي وحُب البلطجة.

الجريمة

«البلطجي عمار» كان صاحب الهوية الإجرامية التي اعترضت طريق «محمد» ومنعته من استكمال طريقه، وسط عبارات فاحت منها رذالة صاحبها حين علا صوته مخاطبًا صاحب الجاز والمال: «هات الفلوس اللي معاك ياض»، بيد أن «الطيب» بطيبته المعهودة راح يدافع عن ماله بكل ما يعرفه من عبارات بسيطة: «دي فلوس الشغل يا عمار ملكش دعوة بيا وسيبني أمشي»، إلا أن «البلطجي» كان له رأي آخر. دقائق قليلة جدًا فصلت بين «رذالة» الجاني ومحاولة المجني عليه استعطافه إلى الحد الذي تمكن خلاله شيطان «عمار» منه ليجذب الجاز من الطيب ويسكبه عليه ويُشعل فيه النيران ويقف مبتسمًا وهو يشم رائحة النيران تأكل جسد «الطيب» دون أن يكلف نفسه عناء إسعافه أو نجدته.

علا صراخ «الطيب» ليصل إلى سمع الأشخاص القريبين من المقابر ليهرع أحدهم إلى نجدته وتحضر عربة الإسعاف التي نقلته إلى مستشفى بلبيس المركزي، وهناك جرى تقديم الإسعافات اللازمة له قبل نقله إلى قسم الحروق بالمستشفى، لكنه فارق الحياة متأثرًا بحروق طالت معظم جسده وتمكنت منه.

الأجهزة الأمنية تحركت على الفور وجرى ضبط المتهم فور وقوع الجريمة، وتحرر عن ذلك محضر بالواقعة، وبالعرض على النيابة العامة وجهت له تهمة القتل العمد للمجني عليه، قبل أن تأمر بحبسه على ذمة التحقيقات مع مراعاة التجديد له في الموعد القانوني.

بلاغ الواقعة

البداية كانت بتلقي الأجهزة الأمنية في مديرية أمن الشرقية، إخطارًا يفيد بورود إشارة من مستشفى بلبيس المركزي بوصول المدعو «عبدالفتاح أ ف» وشهرته «محمد الطيب» في العقد الرابع من العمر ويقيم في نطاق مركز شرطة بلبيس، مصابا بحروق في أنحاء متفرقة من الجسد، وتوفى متأثرًا بإصابته.

بالانتقال والفحص تبين من التحريات الأولية؛ أن المتوفى كان يعمل في ورشة ميكانيكا بناحية مقابر أرض علوان التابعة لنطاق ودائرة قسم شرطة بلبيس، وأثناء ذهابه لشراء جاز لجهة عمله بالورشة اعترض طريقه شاب آخر يُدعى «عمار أ ع» محاولًا أخذ ما معه من نقود بغرض اللهو، وحال رفض المجني عليه سكب عليه المتهم ما كان معه من جاز وأشعل النيران فيه ليتسبب في إصاباته التي أودت بحياته حرقًا.

التحريات دلت على أن المتهم والمجني عليه سبق وأن تزاملا سويًا للعمل في ورشة ميكانيكا سيارات في المنطقة، وأن المتهم كان معتادا مضايقة المجني عليه من وقتٍ لآخر، فيما تبين أن المتهم قد استغل عودة المجني عليه حاملًا معه زجاجة من الكيروسين لأجل العمل في ورشة الميكانيكا وبضع نقود قيمتها أربعون جنيهًا باقي المبلغ الذي اشترى منه الجاز لجهة عمله، وأخذ المتهم يلهو محاولًا أخذ ما مع المجني عليه من نقود، إلا أن المجني عليه رفض ذلك وأخذ يستعطف المتهم، فما كان من المتهم إلا أن أخذ الجاز من المجني عليه وسكبه عليه وأشعل النيران فيه ليصيبه بحروق قاتلة أودت بحياته.

تمكنت الأجهزة الأمنية في قسم شرطة بلبيس من ضبط المتهم، وتحرر عن ذلك محضر بالواقعة، وبالعرض على النيابة العامة قررت انتداب أحد الأطباء الشرعيين لإجراء الصفة التشريحية على جثمان المجني عليه لبيان سبب الوفاة وكيفية حدوثها، وصرحت بالدفن عقب الانتهاء من الصفة التشريحية والإجراءات القانونية اللازمة، وقررت حبس المتهم على ذمة التحقيق بتهمة القتل العمد مع مراعاة التجديد له في الموعد القانوني. 

اقرأ أيضا : المشدد 5 سنوات للمتهم بحرق منزل والده بمنشأة القناطر

;