اشترى كلية المجنى عليه بـ 20 ألف.. وباعها بـ 200 ألف جنيه

في قضية الإتجار بالبشر| أستاذ أمراض الكلى الشهير.. سمسار وتاجر أعضاء بشرية

صورة موضوعية
صورة موضوعية

لم يراع استشاري أمراض الكلى الكبير ضمير مهنته ونسى القسم الذي أقسمه عند تخرجه من كلية الطب وتعهد فيه أن يصون حياة الإنسان في كافة أدوارها، في كل الظروف والأحوال باذلًا وسعيا في إنقاذها من الهلاك والمرض والألم والقلق، وأن يحفظ للناس كرامتهم، ويستر عوراتهم، ويكتم سرهم، وأن يكون على الدوام من وسائل رحمة الله، باذلًا رعايته الطبية للقريب والبعيد، للصالح والخاطئ، والصديق والعدو.

فقط فكر في استغلال مرضاه من الفقراء وأن يكسب من ورائهم أموالا طائلة من جراء بيع أعضائهم.

وضع يده في يد سماسرة تجارة الأعضاء، وقبل على نفسه أن يكون شريكًا ومدبرًا لتلك الجرائم المحرمة، حيث يستقطب الفقراء مستغلا عوزهم وحاجتهم للمال ويشترى أعضاءهم بمبالغ زهيدة ويبيعها بمبالغ طائلة.

لم يكتف الطبيب الشهير بذلك بل كان يجبر ضحاياه على التوقيع على إيصالات أمانة بمبالغ طائلة حتى يضمن أنهم لن يتراجعوا عن إجراء الجراحة.

◄ النيابة: المتهم تزعم جماعة إجرامية من السماسرة

كان يظن أن جرائمه لن يكشفها احد وأنه سيظل يجنى من ورائها الكثير لكن القدر وحده كان سببًا في كشفه والزج به في السجن بعد أن تدهورت الحالة الصحية لأحد ضحاياه ليبلغ عن الطبيب الشهير ليتم القبض عليه وتقديمه للعدالة والتى اقتصت منه بالحكم عليه بالسجن.

القضية حملت رقم 15959 لسنة 2023 والمقيدة برقم 78 حصر تحقيق شمال الجيزة الكلية والمقيدة برقم  5657  كلى شمال الجيزة المتهم فيها استشاري أمراض كلى شهير اتهمته النيابة العامة؛ بأنه أسس وأدار جماعة إجرامية منظمة تعمل لأغراض الإتجار بالبشر تستهدف نقل وزراعة الأعضاء البشرية وتحقيقًا لأغراضها اشترك مع آخرين مجهولين من اعضاء تلك الجماعة في الإتجار بالمجنى عليه جلال . م  بأن تعامل فيه بشراء عضوه البشري « الكلى « نظير مبلغ مالى قدره عشرون ألف جنيه مستغلا حاجته وعوزه المادى وعلى أثر ذلك استأصل الكلى وقام بزراعتها في جسد المتلقي «م.ح» لتحقيق منفعة مادية قدرها مائة ألف جنيه تقاضاها من المتلقي وقد نتج عن تلك الجريمة إصابة المجنى عليه بعاهة مستديمة وهي فقد منفعة الكلى اليمنى المستأصلة بصفة نهائية ودائمة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات وقد ارتبطت تلك الجناية بجناية أخرى وهى التعامل في نقل وزراعة الأعضاء البشرية وذلك على النحو المبين بالتحقيقات؛ حيث أجرى المتهم بصفته طبيب بشري استاذ باطنة وأمراض كلى جراحة لنقل وزراعة أعضاء بشرية وهو عضو الكلى للمجنى عليه وكان عن طريق البيع والشراء منه بمقابل مادى استغلالا لحالة الضعف والعوز المادي ونقله وزراعته في جسد المتلقى المصاب بمرض الفشل الكلوى المزمن دون اتباع القواعد والأصول الطبية المرخص لها بإجراء عمليات زراعة ونقل الأعضاء وبالمخالفة لأحكام القانون بهذا الشأن مع علمه بعدم مشروعيته.

◄ شركاؤه
لم يكن استشاري أمراض الكلى هو المتهم الوحيد في تلك القضية لكن كان هناك شخص آخر يعمل سائقًا حيث اتهمته النيابة العامة؛ بأنه تعامل مع المجنى عليه وأوصله بآخر مجهول عرض عليه شراء عضوه البشري «الكلى» بقصد استئصالها وزراعتها في جسد المتلقى مستغلا فى ذلك حاجته وعوزه المادى وكان ذلك بمقابل مادى.
وبهذا يكون المتهمان ارتكبا الجريمة المؤثمة بالمواد 1/1،2، 3/1، 4، 6، /1- 5-7، 21 من القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الإتجار في البشر والمواد 1/1، 2، 3/ 1، 19/ 1، 22، 23 من القانون رقم 5 لسنة 2010 المعدل بالقانون رقم 142 لسنة 2017 بشأن تنظيم زراعة الأعضاء البشرية والمواد 1، 2، 4، 6 من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار من مجلس الوزراء رقم 93 لسنة  2011 .

وقررت النيابة العامة حبس المتهمين وإحالتهما محبوسين إلى محكمة الجنايات المختصة مع استمرار حبسهما تمهيدًا لمحاكمتهما وقد جاء في أوراق القضية في أقوال الشاهد الاول والمجنى عليه في القضية ويدعى جلال .م  يبلغ من العمر 29 سنة عامل باليومية من محافظة الغربية وتحديدًا يسكن طنطا، ضاق به الحال هناك وقرر المجيئ الى القاهرة للبحث عن فرصة عمل لكنه لم يوفق في ذلك حيث ضاق به الحال أكثر واثناء ذلك تعرف على المتهم الثاني في القضية وهو جاره في نفس السكن والذى عرفه على شخص آخر مجهول يعمل في تجارة الأعضاء البشرية «سمسار» وهنا انتهى دور جاره المتهم الثاني في القضية، وعرض السمسار على جلال شراء كليته بمبلغ مالى عشرون ألف جنيه مستغلا في ذلك احتياجه وعوزه المادى وقام بطمأنته بأن تلك الجراحة ستخضع لإشراف طبي كبير وسيجريها المتهم الاول وهو طبيب كبير استشاري أمراض كلى، ونظرًا لاحتياجه المادى لهذا المبلغ وافق على تلك الصفقة، وحتى يضمنوا استمراره في استكمال اجراءات الجراحة جعلوه يوقع على إيصال أمانة وضعوا فيه مبلغًا ماليًا كبيرًا حتى إذا تراجع يقومون بمقاضاته وحبسه، وقبل إجراء الجراحة مباشرة حصل المجنى عليه على مبلغ عشرين الف جنيه وأجرى جراحة استئصال الكلى اليمنى لكنه بعد اجراء الجراحة شعر بإعياء شديد فأبلغ السلطات.

◄ اقرأ أيضًا | اليوم.. أولى جلسات محاكمة «سفاح التجمع» 

واكد الشاهد الثانى في القضية وهو رائد شرطة بالإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة والهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر؛ أن تحرياته السرية توصلت إلى قيام الطبيب المتهم الاول بتأسيس جماعة إجرامية منظمة برفقة آخرين مجهولين لم تتوصل التحريات اليهم تخصصت في الإتجار في الأعضاء البشرية داخل احد المستشفيات الكبرى حيث يستقطب الأشخاص من ذوى الضوائق المالية والحاجة المادية للتعامل فيهم بيع وشراء عن طريق زرع ونقل الاعضاء البشرية من المجنى عليهم للمرضى الذين تستدعى حالتهم المرضية ذلك ومن ضمن تلك الوقائع واقعة المجنى عليه الشاهد الاول وأضاف بأن تحرياته السرية توصلت إلى أن الطبيب المتهم الأول عاد اليه ربح مادي قدره مائة ألف جنيه جراء ارتكابه تلك الواقعة محل التحقيقات وأضاف بأن المتهم الثانى اقتصر دوره في تلك الواقعة على استقطاب المجنى عليه الشاهد الاول وإيصاله بآخر مجهول.

فيما اكد الشاهد الثالث احمد .م  وه مدير شئون قانونية بالمستشفى التى تم اجراء الجراحة بها؛ بأن الطبيب المتهم الاول هو المسئول عن عرض الملف الطبي الخاص بحالة المتلقى والمتبرع على اللجنة الثلاثية لزراعة الاعضاء بالمستشفى وهو المسئول أيضا عن الإشراف الطبي ومتابعة حالتهما عقب الجراحة.

◄ ملاحظات النيابة والحكم
وقد جاء بالتحقيقات ملاحظات النيابة العامة بالقضية؛ بأنه ثبت بإقرار المتلقى بأنه على أثر معاناته مع مرض الفشل الكلوى المزمن تواصل مع الطبيب المتهم الاول والذى بدوره أخبره بأن حالته الصحية تستلزم بالضرورة زراعة كلى واعدًا إياه بتدبير متبرع ونفاذًا لما وعد به المتهم اتصل بالمتلقي احد معاونيه واخبره بأن الطبيب المتهم قام بتدبير المتبرع اللازم له وحال انهائهما كافة الإجراءات والموافقات القانونية وقبيل عرضهما على اللجنة الثلاثية واللجنة العليا لزراعة الاعضاء قام مجهول من أحد معاونى الطبيب المتهم بتلقينهما بعدم إخبار اللجنة بانتفاء صلتهما ببعضهما البعض فضلا عن ان ذلك التبرع دون مقابل مادى وبناء عليه صدرت موافقة اللجنة العليا لزراعة الاعضاء واضاف المتلقى بقيام الطبيب المتهم الاول باستلام مبلغ مالى قدره مائتي ألف جنيه نظير شراء وزراعة عضو الكلى.

كما ثبت بالاستعلام من اللجنة العليا لزراعة الاعضاء بصدور موافقة اللجنة الرقمية 21373 على اجراء المتبرع لعملية التبرع بالكلى كما ثبت بالاستعلام من احدى شركات المحمول أن الخط الذى تم من خلال إجراء المحادثات والرسائل هو خاص بالمتهم الاول.

وقد ثبت ايضا أن المجنى عليه مطلق ولا يعول ويعانى من ضعف بالإبصار ويحتاج نفقات شهرية للعلاج وتم ارسال بياناته على منظومة تكافل وكرامة لصرف مساعدة شهرية له، كما ثبت ايضا من تقرير مصلحة الطب الشرعي ان المجنى عليه قد أجريت له جراحة استئصال الكلية اليمنى وحالته الصحية انذاك كانت تسمح باجرائها وقد اتبعت كافة الإجراءات الطبية والكلية الأخرى سليمة مما يمثل عاهة مستديمة نسبتها 15 %.

وفور انتهاء التحقيقات  تم إحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات دائرة الاتجار بالبشر برئاسة المستشار محمد الجندى، وعضوية كل من المستشارين ايمن عبد الخالق، ومحمد احمد صبري يوسف، والتى نظرت القضية على مدار عدة جلسات وأصدرت حكمها بمعاقبة الطبيب المتهم بالسجن ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ  مائتي ألف جنيه وبراءة المتهم الثانى.

 

 

;