السائقون.. الباعة المتجولون.. وحراس العقارات.. أكثر الفئات تسهيلًا للجريمة

لأول مرة| دراسة لـ«القومي للبحوث» تبحث في شخصية المجرم.. خاطف الأطفال

صورة موضوعية
صورة موضوعية

"خطف الاطفال" من أكثر الجرائم المرعبة التى تشهدها المجتمعات في كل انحاء العالم، ومع ارتفاع نسبة تلك النوعية من الجرائم بدأت المراكز البحثية فى إجراء الدراسات لكشف الدوافع خلف انتشارها وعُمر الاطفال الاكثر تعرضًا لجرائم الخطف، ومدى تأثير تلك الجرائم على أهالي الضحايا وعلى وجه الخصوص الأب والأم، ومن أحدث تلك الدراسات كانت دراسة مثيرة أجرتها الدكتورة نجوى حافظ التي كشفت الستار عن ارقام خطيرة نستعرضها في سطور هذا التحقيق الهام.

تهدف الدراسة فى المقام الاول إلى التعرف على موقف المشرع من جرائم خطف الأطفال, وكيفية معالجته لها وأهم وسائل المكافحة التى اعتمدها المشرع مع تحديد دقيق لمفاهيم جرائم خطف الاطفال والصور الشائعة لارتكابها والتعرف على الظروف المؤدية لوقوع الاطفال كضحايا لجرائم الخطف والتعرف على الدوافع المادية والنفسية والاجتماعية التى تدفع الجناة لارتكاب مثل هذا النوع من الجرائم.

تشير النتائج إلى أن أكثر الفئات التي تسهل عملية خطف الأطفال هم على الترتيب (السائقون والباعة المتجولون حراس العقارات والعاملون فى المستشفيات) تعكس هذه البيانات طبيعة الجريمة التي لاتتم بشكل فردي لكنها تحتاج إلى مجموعات أو عصابات منظمة مما يعني أن الجريمة تنتشر عند الطبقات الدنيا فضلًا عن وجود بعض الفرص المناسبة مثل الازدحام وإهمال الاسرة وعدم احكام الرقابة على الأبناء.

بينت النتائج أيضا أن المناطق العشوائية تعد من أكثر المناطق التي تنتشر فيها جرائم خطف الأطفال فى حين أكدت العينة أن المولات والأسواق المناطق المزدحمة والحدائق العامة والمنتزهات وأمام المدارس مناطق تنتشر فيها الجريمة.

وأشارت الدراسة الى أن الاساليب التى يستخدمها الخاطفون أثناء عملية الخطف تختلف مابين أسلوب القوة والاجبار أحيانا وذلك فى حالة ما أذا كان الخاطف يركب وسيلة نقل سريعة أما الاسلوب الثاني يتمثل فى أستخدام الحلوى والالعاب وقد يرتبط استخدام هذا الاسلوب فى بعض المناطق المغلقة كالمولات إذ يتوقف أختيار الوسيلة المناسبة وفقا للظروف المحيطة بالطفل والمكان الذى يتواجد فيه.

وفي أطارهذا السياق كشفت العديد من الدراسات والتي تتفق مع نتائج دراستنا والتي أجريت حول موضوع ربط فئات العمر بأنواع مختلفة من الجرائم؛ حيث أن فئة الاطفال من 6 الى 15 عاما تحظى بأعلى نسب الضحايا فى مجال جرائم الاغتصاب والسرقة، وأسفرت النتائج أن بعض الحالات بنسبة 10% من الضحايا تعرضوا للقتل من جراء وقوع جريمة الخطف ضدهم مما جعل الخسارة فادحة لآسر الضحايا.

◄ اقرأ أيضًا | مواجهة بين اثنين محامين.. مشاهد «البلوجرز» ما بين التأييد والرفض

◄ طرق احتيالية
"جرائم خطف الاطفال بالتحايل والاكراه" يتطلب هذا النوع من جريمة خطف الطفل الى أستعمال طرق احتيالية لخداع المجني عليه سواء ضد الطفل نفسه أو الشخص المسئول عنه؛إذ تتبلور فلسفة المشرع فى هذا النمط تحديدًا فى ضرورة تشديد العقاب على مقترفيه بالاستناد الى الظروف المصاحبة لجريمة الخطف ذاتها تلك الظروف التى تتمثل فى اتيان فعل الخطف عن طريق أستخدام وسائل الاكراه المادي أو المعنوي لإتمام الجريمة وهو ما يمكن أدراكه من خلال المادة رقم 290 من قانون العقوبات والتي تنص على "أنه كل من خطف بالتحايل أو الاكراه شخصا" يعاقب بالسجن المشدد لمدة لاتقل عن خمس عشر سنة ولا تزيد عن عشرين عامًا، أما أذا كان المخطوف طفلًا أو أنثى فتكون العقوبة السجن المؤبد ويحكم على فاعل جناية الخطف بالاعدام أذا أقترنت بها جناية هتك عرضه".

الصورة الاخرى من جرائم خطف الاطفال حددتها الدراسة فى "خطف الاطفال من أجل الاتجار بالبشر" تلك التي حظرتها جميع المواثيق الدولية المتمثلة فى تجريم الرق والاتجار بالاشخاص واستغلال دعارة الغير وغيرها من الصور، وهناك العديد من المواد القانونية والاجرائية التي تحرم كل صور الاتجار بالبشر ويزداد الامر خصوصية اذا ماكان يرتبط بالاطفال وهو مايمكن استيضاحه من خلال العديد من القوانين ذات صلة أهمها القانون رقم 5 لسنة 2010 بشأن تنظيم زراعة الاعضاء البشرية والقانون رقم 64لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشروالقانون رقم 82 لسنة 2016 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر.

وتشير الدراسة الى ان القليوبية من أكثر المحافظات التى شهدت جرائم خطف الأطفال تليها القاهرة ثم الجيزة.

◄ التوصيات
ركزت الدراسة على عدة توصيات جاءت اهمها: تغليظ العقوبة على من يتسبب فى تعريض الطفل للخطر وضرورة صدور قانون حماية المبلغين والشهود مع تسهيل الاجراءات القانونية والشرطية للابلاغ عن جرائم خطف الأطفال، عمل قاعدة بيانات خاصة بالحمض النووي لكل طفل فى مصر وربطها ببيانات أسرته لسهولة الوصول لآسر المخطوفين، ضرورة استثمار المناهج التعليمية للصفوف الابتدائية والتوعية بكيفية التعامل مع الغرباء وحماية نفسه من محاولات الخطف. توصي الدراسة أيضا بتفعيل دور الاسرة فى الوقاية من الجريمة وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للاسر المفككة وتمكينهم من رعاية أبنائهم من خلال التواصل مع مركز الدعم الاجتماعي فى الحالات التي تحتاج الى إرشاد وتوعية، خلق الظروف الملائمة لإيجاد تعاون نزيه ومجدي بين الجمهور وجهاز الامن مبنيا على الثقة،‘إعداد المنحرفين للحياة الاجتماعية يجب أن يبدأ قبل أرتكابهم للجريمة وذا تعذر ذلك فلتبدأ المهمة على الاقل بمجرد دخولهم السجن ولنواصلها بعد خروجهم منه.

◄ أسباب
ومن جهته يقول الدكتور محمد عبد الفتاح أستاذ الطب النفسي والارشادي جامعة حلوان: جريمة خطف الاطفال لايتوقف وجودها فقط على العوامل الاقتصادية والاجتماعية بصفة عامة بل هناك أيضا الظروف التى تحيط بالفرد منذ نشأته وتتعلق بعلاقاته بغيره من أفراد المجتمع فى جميع مراحل حياته، أبتداء من الاسرة ثم المدرسة وجماعة الاصدقاء والمؤسسات التى تسهم فى تكوين شخصيته، وتعد العوامل الاجتماعية الخاصة بالخاطف من أهم العوامل الدافعة للجريمة؛ حيث تلعب هذه العوامل دورا فى تبني سلوكيات اجرامية وانحرافية فلا يوجد فرد يولد وهو مزود بنماذج سلوكية معينة بل أن المجتمع هو الذي يمنحه هذه النماذج من خلال التنشئة الاجتماعية من جهة وأحتكاكه الخاص بمجتمعه وتبنيه لقواعده ومعاييره إضافة الى الظروف المجتمعية التى تحيط به كالفقر والبطالة وانعدام الامن والاستقرار وغيرها من ظروف؛ ورغم ذلك لاتنفي هذه الاسباب والعوامل وجود أسباب أخرى تعتبر على درجة من الاهمية تؤدي الى الجريمة ذاتها منها التفكك الاسري وارتفاع معدلات الطلاق، التسول، عدم وجود وازع ديني كلها أسباب محفزة لارتكاب الجريمة، وأصدقاء السوء وتقليد الاخرين والرغبة فى الانتقام، أيضا فقدان القيم والمبدىء والمعايير السوية.

◄ العقوبة
وعن العقوبة التى تواجه الخاطف يقول الدكتور أسامة حسانين الخبير القانوني: نصت المادة 284من قانون العقوبات على أنه يعاقب بالحبس أو بغرامة لاتزيد عن خمسمائة جنيه كل من كان متكفلا بطفل وطلبه منه من له حق فى طلبه ولم يسلمه اليه، كما نصت المادة 292 من القانون ذاته على أنه يعاقب بالحبس مدة لاتتجاوز سنة أو بغرامة لاتزيد عن خمسمائة جنيه أي الوالدين أو الجدين اذا لم يسلم ولده الصغير أو ولد ولده الى من له الحق فى طلبه بناءًا على قرار من جهة القضاء بشأن حضانته، ويعد الاختطاف جريمة فى حالة صدور حكم للحضانة بضم الصغير وأن يكون ذلك الحكم نهائيًا وغير قابل للطعن وتستوي العقوبة سواء فعل ذلك بنفسه أو عن طريق الغير وتستوي العقوبه حتى لو كان ذلك بدون تحايل أو أكراه.

أما فى حالة الخطف من الغير تم تعديل قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 بالقانون رقم 5 لسنة 2018 وقد دخل القانون نطاق السريان فى 25 يناير 2018 ونص القانون على أن تستبدل بالنصوص المواد 283 و289 و290 من قانون العقوبات النصوص الاتية "مادة 283 يعاقب بالسجن مدة لاتقل عن سبع سنوات كل من خطف طفل حديث الولادة أو اخفاءه أو بدله بأخر مادة 289 كل من خطف من غير تحايل أو أكراه طفلا يعاقب بالسجن المشدد مدة لاتقل عن عشر سنوات.

 

 

;