وحى القلم

اختبار العدالة

صالح الصالحى
صالح الصالحى

بسبب ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، والإبادة لسكان غزة، والتسبب فى المجاعة كوسيلة من وسائل الحرب، ومنع إمدادات الإغاثة الإنسانية من الوصول لأهالى غزة، واستهداف المدنيين عمداً، بسبب كل ذلك وغيره طلب كريم خان المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية من المحكمة إصدار مذكرة اعتقال بحق بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى ويوآف جالانت وزير الدفاع الإسرائيلى.

الأمر يبدو جيداً، فهو تحرك نحو تحقيق العدالة.. ولكن هل تستطيع المحكمة إصدار مثل هذه المذكرة؟! وحال إصدارها هل سيتم التنفيذ وملاحقة المتهمين دولياً لاعتقالهما؟!.

من حق المحكمة الجنائية الدولية ومن سلطتها إصدار مثل هذه المذكرة لتحقيق العدالة.. ولكن اذا كان الأمر يتعلق بإسرائيل، فهنا يجب ان نتوقف كثيرا لان إسرائيل كما يعلم العالم استثناء من كل شىء.. ولا تعترف بمثل هذه الأمور ولا تقدرها ولا تضعها فى الاعتبار من الإساس.

وهذا واضح من رد الفعل الإسرائيلى والأمريكى على طلب المدعى العام.. فشهدت الأيام الماضية تحركا أمريكيا ضد المحكمة الجنائية الدولية نفسها.. حيث يسعى عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى لفرض عقوبات على المحكمة بسبب نيتها إصدار مذكرة اعتقال بحق قادة إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب فى غزة.. ويتحول المشهد من معاقبة القتلة الى معاقبة المحكمة وتهديدها بالعقاب اذا ما أقبلت على هذا الأمر.
وفى الوقت نفسه وصف نتنياهو طلب المدعى العام «بالفضيحة» وأعلن رفضه للطلب باشمئزاز.. واتهم المحكمة الجنائية الدولية بأنها قوة جديدة تحاول منع إسرا ئيل من تحقيق أهداف «الحق» على حد وصفه.. فى حين صرح جو بايدن الرئيس الأمريكى بأن طلب خان هو أمر «مشين»، وقال أنتونى بلينكن وزير الخارجية الأمريكى أنه لا سلطة قضائية للمحكمة على إسرائيل.

من كل ذلك يتضح أنه إذا نجحت المحكمة الجنائية الدولية فى اختبار العدالة وأصدرت مذكرة باعتقال قادة إسرائيليين. فإنها سوف تكون مجرد حبر على ورق.. ولن يستطيع أحد تنفيذ القرار.. فإسرائيل لا تعترف بأى قرارات دولية وأممية ضدها، ولا تقر أى محاكمات تدينها.. فهى تملك وحدها ميزان العدل.. خاصة وان أمريكا تسدل عليها مظلة الحماية المطلقة.. وتدافع عنها بكل قوة، وتستخدم فى ذلك جميع الوسائل والتى منها حق «الڤيتو».. وتسقط كل مبادئ أمريكا من أجل عيون اسرائيل.. وأمام كل ذلك أرى أن المحكمة الجنائية الدولية لن تستجيب لطلب المدعى العام، ولن تصدر أى مذكرات بحق قادة إسرائيليين.. حتى وان كانت مجرد حبر على ورق.. ليسقط الجميع فى اختبار العدالة الدولية.