إنها مصر

وماذا بعد قمة المنامة ؟

كرم جبر
كرم جبر

الحد الأقصى لقمة المنامة هو إحياء الأمل لعمل عربى مشترك، لمواجهة الخطر الداهم الذى يهدد الأمن القومى العربى من الاجتياح الإسرائيلى لغزة، والعودة إلى جوهر مبادرة السلام العربية، التى تشترط إقامة الدولة الفلسطينية مقابل السلام.

صحيح أن مفهوم الأمن القومى العربى اختلف كثيراً وتلقى فى السنوات الأخيرة طعنات فى القلب، فتغيرت الأولويات لدى كل دولة، ولم تعد القضية الفلسطينية فى صدارة الاهتمامات، خصوصاً بعد استشراء الجماعات الإرهابية المسلحة، التى أضعفت الجيوش وجعلت كل بلد مشغولا بهمومه الداخلية.
ولكن الأمل لا يزال قائما رغم الظروف الصعبة، وتحاول القمة العربية تقريب طرفى المعادلة الصعبة: الأمن القومى لكل دولة، والأمن القومى العربى، فى ظل المحاولات المجنونة لنتنياهو توسيع نطاق الحرب، وتهديد الأمن والاستقرار فى المنطقة.

بات ضرورياً إعادة تفعيل بعض القرارات الصادرة عن قمة الرياض فى نوفمبر الماضى، ومن بينها مطالبة المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية بدء تحقيق فورى فى جرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى، وإنشاء وحدة متخصصة لتوثيق الجرائم.

كان مفترضاً أن تقدم وحدة رصد الجرائم تقريراً نصف شهرى للعرض على مجلس الجامعة العربية على مستوى الوزراء، وآن الأوان لتأييد ما اتخذته مصر بالانضمام لجنوب أفريقيا أمام المحكمة، ولو حدث إجماع عربى حول هذا القرار سيكون له تأثير كبير فى إدانة إسرائيل أمام العالم.

ويترقب الرأى العام العربى والدولى صدور قرارات حاسمة ليتحمل العالم مسئوليته، إزاء التدمير الإسرائيلى الهمجى للمستشفيات والمدارس، ومنع إدخال الغذاء والدواء والوقود، وإدانة المجازر الهمجية والوحشية واللاإنسانية التى ترتكبها إسرائيل، ومطالبة جميع الدول وفى صدارتها الولايات المتحدة بوقف تصدير الأسلحة والذخائر، التى تستخدمها إسرائيل فى قتل المدنيين، وتدمير البيوت والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس.

والتأكيد على إدانة التهجير الذى يستهدف تصفية القضية الفلسطينية، والرفض الكامل للنقل الإجبارى، باعتبار أن ذلك خط أحمر وجريمة حرب، وإطلاق سراح جميع الأسرى والرهائن من الجانبين.

العلامة البارزة التى يمكن أن تميز قمة البحرين عن سائر القمم العربية الأخرى، هى التوصية بوقف كل صور التعاون مع العدو الإسرائيلى، والتأكيد على ما تضمنته مبادرة السلام العربية، التى نصت على أن الشرط الأساسى للسلام مع إسرائيل وإقامة علاقات معها، وإنهاء الاحتلال وتجسيد استقلال دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

ليس مهماً قرارات الإدانة، الأهم هو تشكيل آلية عربية حقيقية، تبدأ تحركاً دولياً باسم كل الدول العربية، للدعوة فوراً إلى وقف العدوان الهمجى وحرب الإبادة، وإدخال المساعدات ووقف إطلاق النار، وبدء عملية سياسية جادة لتحقيق السلام الدائم والشامل.