د. محمد كحيلة مدير مركز الدراسات القرآنية: دورات مكثفة لتيسيرعلوم القرآن للطلاب

د. محمد كحيلة وسط طلابه من الوافدين
د. محمد كحيلة وسط طلابه من الوافدين

القرآن الكريم يحمل أسرارًا تسرى إلى القلوب التى يختارها الله، فينتعش القلب باصطفاء الله له، وتدب فيه الريح والنسائم فيعيش عيش السعداء؛ وهناك رجال يستعملهم الله فى حفظ كتابه وتدريب شبابنا على تلاوته بالطريقة الصحيحة؛ ومن هؤلاء د. محمد كحيلة، مدير مركز الدراسات القرآنية، الذى كان لنا معه هذا اللقاء.. يقول د. كحيلة: تعددت برامجنا ووسائلنا لخدمة كتاب الله، ومنها: برنامج تحسين تلاوة القرآن، من خلال قراءة ختمة كاملة من المصحف، يقوم المعلم بضبط قراءة الطالب الـمتلقى ضبطا صحيحا دون الدخول فى شرح مفصل للتجويد. وبرنامج إجازة القراءة والإقراء، برواية حفص وغيرها من الروايات الأخرى، وذلك بقراءة ختمة كاملة غيبا من المصحف، مع توافر شروط الأهلية للطالب أو الطالبة، ومع ضبط القراءة ضبطا متواترا، كأنها قراءة النبي، صلى الله عليه وسلم، ويمنح الطالب سند التلاوة والقراءة والإقراء مرورا بالسادة العلماء الفضلاء الأولياء حتى النبي، صلى الله عليه وسلم. والثالث: تقوم مؤسستنا على مشروع ضخم تبنيناه منذ فترة، وهو إقامة دورات مكثفة فى علوم القرآن، الهدف منه تيسير علوم القرآن بشكل مبسط وعصري، فقمنا بإعداد بعض الإصدارات فى مختلف مجال علوم القرآن.

دورات تجويد

ويضيف د. كحيلة: أن أبرز الدورات، دورة تعلم التجويد من ضبط المصحف، من خلال كتاب (النكت الحسان فى ضبط وتجويد آى القرآن)، ودورة تعلم علل أحكام التجويد، وذلك من خلال كتاب (فقه أحكام التجويد)، ودورة التحضير لإجازة القرآن الكريم، من خلال كتاب (التصحيف والتحريف أثناء تلاوة القرآن الشريف)، ودورة الوقف والابتداء، من خلال كتابي: (الشوارد والفرائد فى الوقف والابتداء)، و(فلسفة التقسيم فى القرآن الكريم).وبرنامجنا الرابع: عرض بانورامى لتاريخ المصحف الشريف، وفكرته قائمة على عرض تاريخى لكتابة المصحف الشريف؛ بداية من جمعه الأول، ونسخه ثانيا، والتعريف برسمه، وضبطه، والتأريخ لخطوطه التى كتب بها، والتعريف بالمخطوط منه، والمطبوع، ومذاهب البلدان الإسلامية المختلفة فى شكل إخراجه، وأخيرا؛ التعريف بالعلوم العديدة التى يحتويها المصحف بين دفتيه: علم الرسم، والضبط، والخط، والوقف والابتداء، وعد آياته، وتحزيبه، وتجزئته، وغيرها. 

 ويتابع د. كحيلة أن الهدف من هذا البرنامج ربط قارئ القرآن بالمصحف، ومحو الجهل بالقرآن وعلومه، والتصدى للشبهات المثارة حول جمعه، ونسخه وقراءاته وغيرها. ونستهدف بداية طلاب الأزهر غير الناطقين بالعربية، والطلاب المصريين الأزاهرة، ثم قراء القرآن الكريم، وأخيرا؛ طلاب الجامعات والمدارس. ويقوم المشروع على عرض وثائقي، يعرض تاريخ المصحف فى عدة دقائق، ثم مشاهدة حية لأكثر من مائتى مصحف عن طريق عرض على الكمبيوتر: المخطوط منها، والمصور عنه، وأخيرا المطبوع منه منذ قرنين ونصف، ويضم المشروع عددا من المصاحف النادرة. والبرنامج الخامس: المشاركة فى رعاية مشروع توثيق الإجازات القرآنية، ولقد أعددنا سابقا إجازة القراءة والإقراء للقرآن الكريم، وهذه الإجازة لا تمنح إلا لحافظ القرآن، بأى رواية كانت أو قراءة، كما أنها صالحة لأى مجيز، ولأى سند، حيث بدأنا بكتابة الثابت من أسانيد القرآن، وتركنا عدة أوراق تملأ بخط خطاط للمتغير منها؛ والهدف من العمل: جمع أسانيد القراء، وإعداد موسوعة لتراجم القراء، والمساهمة فى الحفاظ على سند القرآن الكريم، وتقديم خدمة مميزة لحفاظ القرآن الكريم، والبعد عن التصحيف والتحريف فى إجازات القرآن الكريم.

المقارئ القرآنية

ويضيف د. كحيلة أن عمل وزارة الأوقاف من خلال المقارئ القرآنية عمل هادف ومثمر، يخدم جزءا من أجزاء العملية التعليمية، وهو استماع الـمتلقى إلى القراءة الصحيحة، وهى سنة نبوية، فالنبى صلى الله عليه وسلم سمع أولا من جبريل عليه السلام، ولما حرك لسانه أثناء التلقي، قال الله له: (لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه). وسمع الصحابة من النبي، صلى الله عليه وسلم، وتعلموا منه، وقد كانت الإجازة تؤخذ بالسماع أولا؛ ولكن هذا العمل ينقصه الاختيار الجيد؛ كى يسمو وتتلقفه الناس، وتنتظره، ولا ننسى تنجيم القراء المتميزين، وكما نعلم أن مصر لها تاريخ حافل، بل لا نستحى من القول بأننا الدولة التى استخدمها الله تبارك وتعالى لحفظ كتابه نقلا وصوتا وأداء، ونجوما ملأت السماء، وهو ما نفقده الآن؛ إذ قل فينا النجوم الطوالع التى يهتدى بها علما وأدبا وخلقا، فالأمر لا يقف عند التقليد والقراءة المجودة. 

أول المصاحف

ويشير د. كحيلة إلى أن أول المصاحف المطبوعة عربيا كان فى مصر، والتزم بوضع منهجه وعلومه فضيلة الشيخ «خلف الحسينى المصري»، وسن سنة، وهى الالتزام بمنهج محدد فى إعداد المصحف، وخصوصا الالتزام بطريق من طرق الرواية، والعد، والرسم، والعلوم الأخرى، وهذه العلوم التى لا يخلو مصحف منها، اعتمد أهل العلم فيها على مصادر لا غنى عنها حال إعداد أى مصحف من المصاحف، تجدها فى تعريف كل مصحف، ويختلف مشرب كل مصحف عن الآخر، وخصوصا فى الضبط والوقف، والعد، فتجد فى الضبط مثلا بعضها يعتمد على مذهب الإمام الداني، وبعضها على مذهب الإمام أبى داود، ونحن هنا فى مصر نأخذ بمذهب التوفيق؛ ولهذا فإن الحفاظ على التراث أولى الأولويات، ولا حرج من مخالفته إن ظهر ما هو أولى منه وأحسن، ولنا سنة فى ما فعله أبو الأسود الدؤلى والفراهيدى وغيرهما، فوجب النظر مرة أخرى فى فتوى المنع من استخدام التلوين وغيره من السنن التى نريد أن نحيد عنها بحجة الحفاظ على قدسية القرآن.