تفسير ومعانى| «الرشاد»

الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف
الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف

فى هذا الباب نقدم لك عزيزى القارئ تفسيرا ومعانى لصفات جاء ذكرها فى كتاب الله يقدم هذا الشرح والتفسير لها وعلى مدار شهر رمضان الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف.

يقول الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف فى تعريف معنى الرشاد: قال أبو حيان فى «البحر المحيط» فى تفسير القرآن الكريم: إن دعاءً فى القرآن الكريم يغنى عن جميع الدعاء وهو قول الفتية الذين أمنوا بربهم فزادهم الله هدىً، قالوا:» رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا» أى رشادا، والله تبارك وتعالى إذا استجاب هذا الدعاء فرحمك فى الدنيا أنزل عليك المطر وساق إليك المال وكف أذى المؤذين عنك ووقاك السموم والريح العقيم، وإذا رحمك فى الأخرة وقد زحزحك عن النار وأدخلك الجنة فقد فزت، وإذا هيأ لك من أمرك رشدا فلن تضل، وماذا يبتغى المؤمن فى دنياه وأًخراه غير أن يرحمه ربه وأن يهيىء له من أمره رشدا، وجميع العلماء بلا أى استثناء على أن جميع المرسلين عليهم الصلاة والسلام كانوا من أهل الرشد، ولأن الرشاد أمر يترتب عليه سلوك.

إما أن يكون ذا رشاد فينجو صاحبه وينجو الأخرون، وإما أن يكون ذا ضلال فيخسر صاحبه ويخسر الأخرون، والرشد رجاحة العقل وما أكثر ما عبر به ربنا تبارك وتعالى»لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»،»إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»، وبهذه المناسبة أقول: إن الذى لا يجيد اللغة العربية لا يعقل لأن القرآن عربى وللعربية أسرارها ما بين التعريف والتنكير، والجمع والإفراد، والمطلق والمقيد، والمجمل والمفصل، والمستثنى والاستثناء من العدد بالقليل والاستثناء من العدد بالكثير.

ورأى الفراء فى ذلك ومعركة كانت من قديم حول هذه القضية الجزئية التى لا يعقلها إلا من تبحر فى علم اللغة الذى هو علم كتاب الله تبارك وتعالى وعلم رسوله صلى الله عليه وسلم، إن وقفة وقفها النبى صلى الله عليه وسلم مع خطيب قال له: بئس الخطيب أنت لتجمع الناس على تعلم هذه اللغة، ماذا فعل الخطيب؟ جمع بين الله ورسوله فى ضمير المثنى قال:»أنتما» ولا يصح أن يجمع الله تبارك وتعالى مع غيره فى ضمير واحد أبدا، تقول: الله ورسوله ولا تقل كلاهما أبدا إلا إذا كنت غافلا عن هذا المعنى الذى أوقف النبى صلى الله عليه وسلم رجل نطق به.

مثل هذا شذرة من بحر طويل هو بحر اللغة التى علمها علم الكتاب وعلم السنة، وقد وضع السيوطى عليه رحمة الله فى كتابه «الإتقان» ومن قبله الزركشى فى كتابه «البرهان» خمسة عشر علما لمن أراد أن يتعرض لتفسير كتاب الله تبارك وتعالى من هذه العلوم الخمسة عشرة، تعلم اللغة، وتعلم البيان، وتعلم المجاز، وتعلم المحكم، وتعلم المتشابه، وتعلم المجمل، وتعلم أسباب النزول إلى آخر ما ذكر العالمان رحمهم الله.