الشيخ محمود على حسن: القرآن يُقوِّم اللسان.. و«كُتاب القرية» منبع عمالقة القُراء

الشيخ محمود على حسن
الشيخ محمود على حسن

«كل شيخ وله طريقة».. مثل يتردد على الألسنة، وهذا مثل ينطبق على المقرئين الأفاضل بمصر، ومنهم شيخنا اليوم محمود على حسن، الذى نشأ فى قرية صغيرة هى «بهنباى» بمحافظة الشرقية وتعلم فى كتابها قبل بيتها، وتدرب على سماع كبار المُقرئين وحفظ القرآن وعمره 9 سنوات فى كُتاب القرية وزار عددًا كبيرًا من البلدان كان له نصيب من روحانيات القرآن..

وكان هذا الحوار معه، الذى شمل العديد من الجوانب ومن بينها حكاية أول قراءة له على الهواء مباشرة، حيث صادف ذلك حادثة كادت أن تعصف بمستقبله المهنى.

بداية.. مَن المشايخ الذين تأثرت بهم فى بداية مشوارك القرآنى؟

كبار القُراء هم مَن سطروا نَهجًا مَن بعدهم حتى الآن بحلاوة صوتهم وتمكن قراءاتهم ولغتهم السليمة وكل جيل يتعلم من سابقيه، وعلى رأس مَن تعلمت على أصواتهم الشيخ عبدالباسط عبدالصمد والشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ محمود على البنا وأخيرًا الشيخ أبو العينين شعيشع، فكل شيخ له مرحلته التى تعلمت منه فيها، حتى يستقر بالشخص النضج القرائى.

هل كان لكُتاب القرية دور فى مشوارك القرآنى؟

أدين لكُتّاب القرية فى الحقيقة بكل ما أنا فيه الآن، فلم نتعلم فيه القرآن فقط، بل تعلمنا اللغة أولًا، وكانت هذه البداية كفيلة بأن يسهل علينا حفظ القرآن، وكنا ونحن فى الكتّاب نخشى الشيخ وهذا كان له دور بأن نجتهد فى حفظ القرآن الكريم بعد أن كانت الأسرة الوجه الآخر فى التعاون بالحرص على تحفيظنا الماضى من القرآن، وبالتالى كان لى الشرف أن حفظت القرآن الكريم كاملًا فى التاسعة من عمرى خلال خمس سنوات قضيتها فى حفظه بالكُتّاب، بعد أن التحقت به وأنا فى الرابعة من عمرى قبل ذهابى إلى المدرسة، وبالطبع فالقرآن يُقوِّم اللسان خلاف تأثيره على أخلاق حافظيه وسلوكيات حامليه، فالقرآن حارسٌ لأهله.

ما الموقف الذى تعرضت له ولا يزال عالقًا فى ذهنكم حتى الآن؟

هذا الموقف شعرت فيه بأن مَن يقصد جاه الله لن يخذله، والقرآن حارسٌ لأهله، ففى عام 2018 كان هناك احتفال بالعام الهجرى فى مسجد سيدنا الإمام الحسين بعد صلاة المغرب، وكنت أنا مَن سيقوم بالقراءة فى بداية الاحتفال وكان يحضر الحفل أربعة وزراء وعدد كبير من المسئولين وعند توجهى إلى المسجد صعد السائق بالخطأ كوبرى أكتوبر من العباسية باتجاه صلاح سالم، والطريق مغلق ولم يتبق سوى 17 دقيقة فقط، وكان أول ظهور لى على الهواء مباشرة، وكان هذا كفيلًا بأن يكون مستقبلى على المحك فنزلت من السيارة وتوجهت للجهة الأخرى لأركب تاكسى ولكن وقتها لم يكن للتاكسى أن يقف مادام هناك راكب معه، ونظرت إلى السماء وقلت: لن تكسفنى وإذا بدراجة نارية متهالكة وقديمة تقف أمامى ويسألنى سائقها: «واقف ليه كده يا مولانا.. رايح فين»، فقلت له إلى مسجد سيدنا الحسين وركبت خلفه، وبعد نزولى نهاية الكوبرى وقبل أن أتوجه له بالشكر اختفى تمامًا من أمامى وتوجهت إلى أسفل الكوبرى، وإذا بكمين لتفتيش السيارات، وعندها سألنى أحد مسئولى الكمين أين أنت ذاهب يا مولانا قلت له: أنا مَن سيقرأ القرآن فى بداية الاحتفال وإذا بقائد الكمين برتبة عميد يأمر أحد السائقين بفتح السارينة وتوصيلى إلى المسجد وقبل نزولى من السيارة وإذا بصلاة المغرب يؤذن لإقامتها وهذا درس بأن مَن يقصد جاه الله لن يخيب وأن مَن يجعل القرآن أساسًا فى حياته يرزق من بركاته، فالقرآن خزائنه مملوءة لا يفتحها إلا مَن يملك مفاتيحها.

هل ظهور أبناء القراء كمقرئين يعتبر وراثة؟

على الإطلاق فقد قال تعالى: «إنما نورث الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا»، وهذا ليس له علاقة كإرث وإنما له علاقة باصطفاء الله لمَن يحمل الكتاب ويرزقه بحسن الأداء، فكما هناك مشايخ اصطفى أبناؤهم بأن يكونوا سائرين على خطاهم، هناك مَن لم يخط أبناؤهم على خطاهم.

ما نصيحتكم للمشايخ الصغار؟

دائمًا أرددها «لا تتعجلوا فى السير على الطريق»، واقرأوا على مشايخكم حتى يتسنى لكم الصعود، فالقراءة مسئولية فسيدنا محمد تعلم على يد سيدنا جبريل، وعندما كان يتعجل فى القراءة لحلاوته قال له ربه: (لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه)، ولذا فمَن يقف على موضع وعند قدم الرسول يتعلم منه ويسير على خطاه.

ما البلاد التى زرتها خلال مشواركم؟

فى الحقيقة زرت عددًا من البلاد كان على رأسها تركيا وبريطانيا.