تفسير ومعانى| «الحكمة»

الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف
الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف

فى هذا الباب نقدم لك عزيزى القارئ تفسيرًا ومعانى لصفات جاء ذكرها فى كتاب الله، يقدم هذا الشرح والتفسير لها وعلى مدار شهر رمضان الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف.

الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى الناس بها، هكذا يكون المسلم الطالب للحكمة التى معناها وضع الشىء موضعه، ومن أسماء الله الحسنى الحكيم، حول توضيح معنى الحكمة وتبيانها، يقول الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف: لنا أن نتوقف مليًا عند حكمة الله تبارك وتعالى لأن واقع الحياة غير مفهوم أن تجد إنسانًا بلا مؤهل ولا ثقافة وغرِق فى الأموال وأن تجد عالمًا علامة وشيخ المثقفين ولا يجد قوت يومه هكذا قال الإمام الشافعى لهذه المسألة بالذات إنها صيرت العالم النحرير زنديقًا، والزنديق الكافر عالم لم ينظر إلى حكمة الله وإنما قرأ الورقة الأولى فى الحياة وقاسها على معطيات عقله: هذا لا يستحق ومعه الكثير وهذا يستحق ولا يجد شيئًا فكفر من ساعته، ولو أنه تدبر أن الله هو الحكيم الذى يتصرف فى ملكه كيف يشاء وهو القائل فى سورة آل عمران :«قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» هذه الآية لو سكنت فى قلوبنا لنمنا نومًا عميقًا مستريحين أشد الراحة؛ لأن الملك ملك الله، والذى يؤتى هو الله والذى ينزع هو الله، ومن عجب أنك ترى المؤمنين القارئين الحافظين للقرآن الكريم ينسبون الأخذ والعطاء إلى الدنيا فيقولون: الدنيا لا تعطي، الدنيا مخلوقة وأنت مخلوق يفنيها الله فى الوقت الذى سماه، وإنما المعطى هو الله والآخذ هو الله، ومطلوب من جميع المسلمين أن يكونوا حكماء لقول الله تبارك وتعالي: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ» قبل أن يقول والموعظة الحسنة بالحكمة، وقد ثبت أن النبى - صلى الله عليه وسلم - فى أول الدعوة كان يقصد القبائل ومعه الصديق رضى الله عنه وكان يقبل على الجماعة ويسلم «السلام عليكم» ثم يجلس حيث انتهى به المجلس لا يقيم أحدًا من مكانه ويجلس مكانه ثم يتلو اليسير من القرآن الكريم ثم يدعوهم إلى الإسلام فى أربع أو خمس دقائق خشية السقامة، فإذا كانت السقامة متوقعة من كثرة أحاديث النبى - صلى الله عليه وسلم - ألا تكون متوقعة من حديث غيره، فالحكمة أن يقل كلامك ومن الحكمة أن يقل الكلام ويكثر العمل، قال بن عبد البر - رحمه الله -: إذا علم المسلم أن كلامه من عمله قَلَّ كلامه وكثر عمله.