د. رضا سكر صاحب فكرة ومؤسس بنك الطعام، بمناسبة مرور 20 عامًا على إنشائه: معركتى مـع السـرطـان أسهـل كثيرًا من مهمتى فى بنك الطعام

د. رضا سكر خلال حواره مع «الأخبار»
د. رضا سكر خلال حواره مع «الأخبار»

برباطة جأش، وثقة بالله، استطاع خبير التصنيع الغذائى رضا سكر، قهر مرض السرطان، ليواصل رحلته التى بدأها قبل نحو 20 عاما ببنك الطعام، ذلك المشروع الذى استورد فكرته من الخارج، ونجح فى تمصيرها، بدعم قطاع عريض من الشعب المصرى، وبمشاركة نخبه من الإعلاميين وقيادات العمل الأهلى وبعض رجال الاعمال، فى أول مجلس إدارة للمؤسسة.. تستطيع أن تلتقط مشاعر الحماس واضحة على وجهه، وهو يتحدث عن بنك الطعام ومشروعاته فى مواجهة الجوع، لكن يتحول هذا الحماس إلى حزن شديد، يبدو جليًا على وجهه، وهو يتحدث عن أن الجهود التى بذلها ولا يزال، ليست كافية، بل إنه يفاجئك بقوله إن معركته مع السرطان، كانت أيسر بكثير من مهمته في بنك الطعام ذلك لأن  الأولى معركة  شخصية، بينما  الثانية، معركة تتطلب استقطاب جهود آخرين، ممن يؤمنون بأن المال وسيلة لحفظ الكرامة وتحسين مستوى الحياة وعمل الخير، وليس غاية فى حد ذاته.. وخلال مقابلة مع  «الأخبار»، يكشف الدكتور سكر، عن رؤيته الخاصة لكيفية تحقيق الأهداف التى تم إنشاء البنك من أجلها، مشيرًا الى أنه بالرغم مما حققه من نجاح لا يستطيع أن يصفق بمفرده، داعيًا لمزيد من التعاون بين مثلث التنمية  الحكومة القطاع الخاص الجمعيات الأهلية وإلى نص الحوار:

أعرف أنه كانت لديك منذ سنوات معركة مع مرض السرطان، وتخوض منذ نحو 20 عاما معركة مع الجوع، عبر بنك الطعام، فأيهما بدا أسهل بالنسبة لك؟
بدون تردد، تخرج الكلمات من فمه سريعاً: طبعا كانت المعركة مع مرض السرطان أسهل بكثير.

كيف وأنت كنت تخوض معركة مع مرض لا ينجو منه الكثيرون؟ 
ترتسم على وجهه ابتسامة هادئة قبل أن يقول: نعم لا ينجو منه الكثيرون، ولكن تجربتى الشخصية تقول إن السبب فى ذلك هو الشخص نفسه، فحالتك النفسية الجيدة وإرادتك القوية، يمكن أن يساعدا على الانتصار فى تلك المعركة، إذن هى معركة فردية بين مريض ومرض السرطان، والانتصار فيها يرجع للشخص، وقدرته على تأهيل نفسه لتلك المعركة، وتنفيذ الخطة العلاجية التى أعدها الطبيب، لكن الوضع مع قضية الجوع مختلف، فأنت تحارب فى معركة تحتاج إلى إستراتيجية تتعاون فيها عدة جهات، وللأسف ليس لدينا إستراتيجية متكاملة، وكلٌ يعمل بمفرده.

اقرأ أيضاً | الكنيسة الإنجيلية تنظم حفل إفطار جماعي تحت شعار فى حب الله والوطن

مثلث التنمية الغائب
وما الجهات التى ينبغى أن تتضمنها تلك الاستراتيجية؟
يشير بثلاثة من أصابعه قبل أن يقول بلهجة حاسمة: لن ننتصر فى تلك المعركة التى يشتد وطيسها بدون التعاون بين (الحكومة القطاع الخاصالمنظمات غير الحكومية )، أو ما نسميه بـ  مثلث التنمية، وهذا الأمر يجب أن نتعامل معه بجدية، لأن الوضع الراهن شديد الصعوبة، ويجب أن نعمل على معالجة تحدياته بسرعة شديدة.

ولماذا هذا القلق الذى يبدو واضحًا على وجهك؟
لابد أن أقلق، لأنه مع ارتفاع أسعار الغذاء عالميا عشرة أضعاف لأسباب خارجة عن إرادتنا، مثل الحرب الأوكرانية الروسية وتداعياتها، باعتبارنا دولة مستوردة للغذاء، ومع اتساع دائرة الفقراء، أصبح لزامًا علينا التحرك بسرعة شديدة لمحاربة الجوع، لأن الجوع يهدد جهود تحقيق التنمية.

بنفس التشبيه السرطانى، بدا لى وكأن الفقر ينتشر بسرعة شديدة فى جسد المجتمع المصرى خلال السنوات الأخيرة؟
يومئ بالموافقة قبل أن يقول: أتفق معك تمامًا، والسبب معروف وهو أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة، جعلت الطبقة الوسطى تتلاشى سريعًا، وتهبط إلى الطبقة الفقيرة، وهذا بدوره أدى إلى ازدياد عدد الفقراء، للدرجة التى قد تجعل أى جهد، ولو كبير مبذول فى اتجاه معالجة قضية الجوع، غير محسوس.

يد واحدة لا تصفق
لكنكم فى  بنك الطعام تبذلون جهدًا مميزًا، ألا تشعرون بتأثيره فى اتجاه مكافحة الجوع؟
بنبره حاسمة يقول: يد واحدة لا تصفق، قضية محاربة الجوع أكبر من أن يحلها بنك الطعام بمفرده، فالقضية تحتاج إلى تدخلات علمية مدروسة، تتعاون فيها الحكومة مع القطاع الخاص والجمعيات الأهلية، عبر خطة قومية، يعمل الجميع عليها، ويكون لكل طرف من هذه الأطراف دور يؤديه، ويحظى هذا الدور باحترام وتقدير الأطراف الأخرى.

وما هى أهم برامج تلك الخطة من وجهة نظرك؟
تعظيم الجانب التنموى، المتمثل فى مشروعات إنتاجية تعالج مشكلة الفقر، بطريقة  لا تعطنى سمكة، ولكن علمنى كيف اصطاد، لكن للأسف ما يحدث الآن، هو أننا استسهلنا إعطاء السمكة، وسيأتى وقت، لا تجد الجمعياتمن الأموال والإمكانيات ما يساعدها على الاستمرار فى هذا الدور.

وهل ينطبق ما أسميته بـ استسهال إعطاء السمكةعلى طبيعة نشاطكم فى بنك الطعام؟
يومىء بالرفض قبل أن يقول: لدينا مشروعات تنموية تهدف إلى العلاج الجذرى للجوع، لكن فى نفس الوقت، فإننا نمارس نشاط توزيع كراتين الطعام، لأن هناك بين الفقراء من لا يستطيع العمل لمرضه أو تقدمه فى السن.

لكننا لا نرى فى دعايتكم غير توزيع كراتين الطعام؟
هذا سببه الإعلانات التى يتم إذاعتها فى موسم شهر رمضان، والتى تركز على نشاط توزيع الكراتين، باعتباره النشاط الجالب للتبرعات، من وجهة نظر القائمين على الإعلانات، لكن نشاطنا فى البنك غير قاصر على توزيع الكراتين، فلدينا مشروعات استثمارية، مثل مصانع الألبان ومزارع الإنتاج الحيوانى، لضمان وجود موارد فى حال تراجع التبرعات، لأن  الاستثمار ضمان للاستمرار، ولدينا مشروع  الغذاء مقابل التعليم لعلاج مشكلة التسرب من التعليم، وهدفة توفير غذاء يومى للأسر، نظير الابقاء على أبنائها فى التعليم، وهذا المشروع من شأنه أن ينعكس إيجابيًا على مستقبل الأسرة، التى سيكون لديها ابن متعلم، يحصل على فرصة عمل مناسبة.. ولدينا أيضًا، مشاريع تنموية عديدة مثل إقامة مشروعات انتاجية للمرأة والشباب والأسر الأولى بالرعاية مثل تربية الدواجن والبط والخراف والماعز ومشاريع حرفية متنوعة للمرأة والشباب، وحاليًا نفذنا مشروعًا إنتاجياً كبيراً، بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعى، وهو  مزرعة حلاب، يتم فيها تدريب مستحقى برنامج تكافل وكرامة على العمل والانتاج، ويحصلون بعد التدريب على فرصة عمل يحصلون من خلالها على رواتب شهرية وأرباح سنوية.

وما نسبة هذه المشروعات التنموية والاستثمارية فى نشاط البنك؟
حاليا تمثل 30 %، فى مقابل 70 % للنشاط الخيرى، لكننا نسعى لأن تكون الغلبة مستقبلًا للنشاط التنموى والاستثمارى.

شهر رمضان والتبرعات
بما أنك أشرت إلى أن نشاط الكراتين هو الجالب للتبرعات، وفق رؤية القائمين على الإعلانات فى رمضان، فهل تأثرت حصيلتكم من التبرعات هذا العام بالحالة الاقتصادية الصعبة؟
يصمت لوهلة قبل أن يقول: تشير المقارنات التى نجريها بين التبرعات التى تلقيناها خلال السنوات الماضية خلال الأسبوع الأول من الشهر، وما حدث خلال الأسبوع الأول هذا العام، أن هناك انخفاضاً، وهذا متوقع، لأن الطبقة المتوسطة التى كنا نعتمد عليها فى التبرعات تأثرت ظروفها الاقتصادية كثيرا، وبطبيعة الحال فقد تلجأ تلك الطبقة لتخفيض تبرعاتها أو حتى الإحجام عن التبرع.. لكننا نأمل أن تحمل لنا العشر الأواخر من الشهر الكريم أخبارًا جيدة ونتلقى المزيد من التبرعات.

وكيف تعرفون إن كانت التبرعات التى تأتيكم من الطبقة المتوسطة أو الغنية؟
نجرى تحليل للتبرعات التى تصلنا، وتشير الأرقام إلى أن التبرعات بالمبالغ البسيطة القادمة من الطبقة المتوسطة، تمثل النسبة الأكبر من حصيلة التبرعات، مقارنة بعدد محدود من التبرعات بالمبالغ الكبيرة، والتى يكون مصدرها الطبقة الغنية، التى أقول يقينًا، وعن دراسة تم إجراؤها من خلال مركز العقد الاجتماعى التابع لمجلس الوزراء، إنه لو قامت تلك الطبقة بواجبها الأخلاقى والدينى تجاه مجتمعها، وأخرجت زكاة أموالها، كما ينبغى، ما بقى فقير واحد فى مصر، فيجب على تلك الطبقة أنت تدرك، أن المال عند العقلاء وكرماء النفوس وسيلة لحفظ الكرامة وتحسين مستوى الحياة وعمل الخير وليس غاية فى حد ذاته، وأن المال حين يصبح وسيلة للسعادة والخير ينشر البهجة فى قلب صاحبه وينشر الرضا والسلام الاجتماعى ويسعد قلوب الملايين، وأقصر طريق للسعادة هو شكر الله على نعمه بأداء حقه ونفع الناس وإسعادهم، فجميع الأديان السماوية والأنبياء والرسل أكدوا فى نصوص كثيرة على محاربة الفقر أو بمعنى أدق مكافحة الجوع، لقد آن لنا أن نرى أثرياءنا مثل  وارن يافيث و بيل جيتس، وغيرهما من أثرياء الغرب، الذين يتبرعون بمبالغ طائلة لأعمال الخير والتنمية، لمكافحة المرض والجوع والفقر وتحسين التعليم والتدريب.

ربما تكون تلك الطبقة الغنية لا تفضل أن تتجه بأموال الزكاة للجمعيات، وتحب أن تعطى للفقير بنفسها، لأن الملاحظات التى نشاهدها فى الشارع، تشير إلى أن التكافل الاجتماعى الذى تمارسه تلك الطبقة فى هذه الظروف الاقتصادية الصعبة يبدو واضحًا فى شهر رمضان.. فهل فقدت تلك الطبقة ثقتها فى الجمعيات؟
بداية، أغلب هذه الأنشطة التى تشير إليها، ليست من عمل الطبقة الغنية، لكن أغلبها مجهود تقوم به الطبقة المتوسطة، وعموما فيما يتعلق بفقدان الثقة، سيكون من الغبن أن نقوم بالتعميم، فبنك الطعام، استطاع أن يكتسب ثقة المواطن المصرى، بدليل أننا نجحنا خلال 20 عامًا فى تحقيق نجاحات لم تحققها جمعيات عمرها يصل إلى 100 عام.. لكن هناك بالطبع جمعيات فقدت ثقة المواطن المصرى، بعد أن بدأ يشعر بأن أمواله لا يتم إنفاقها فى المكان الصحيح.

ماذا تعنى بأنه لا يتم إنفاقها فى المكان الصحيح؟
سأعطيك مثالاً بسيطاً، وهو الدعايا، فالمعروف أن الإعلانات التى يتم تنفيذها خلال شهر رمضان، تجلب للجمعيات 70 % من التبرعات التى تصلها خلال العام، إذن لا يوجد داع لوجود حملة إعلانية طوال العام، ويكون إصرار بعض الجمعيات على ذلك، إنفاق لا طائل منه، فسوف تفاجأ إذا قلت لك إن بعض الجمعيات يصل إنفاقها الإعلانى خلال العام إلى حوالى مليار جنيه.

الإعلانات خارج موسم رمضان
 وعلى أى أساس استندت فى رأيك إلى القول إن الإعلانات خارج موسم رمضان غير مجدية؟
أستند إلى تجربتنا فى بنك الطعام، فقد جربنا فى إحدى السنوات تنفيذ حملة إعلانية خارج موسم رمضان، وكانت النتيجة مخيبة للآمال، فالإعلانات ليست دائما جالبة للتبرعات، فقبل خمس سنوات، على سبيل المثال، قررنا أننا لن نعلن عن نشاط صكوك الأضاحى، ورغم ذلك، نجحنا فى بيع صكوك تفوق السنوات التى تم الإعلان فيها، لأنك استطعت بناء ثقة مع المواطن، الذى أصبح يأتيك بدون إعلان.

وما الذى جعلكم تحوزون على ثقة المواطن؟
أحد الأسباب الرئيسية، هى التخصص، فنحن تخصصنا فى الإطعام فقط، ولم تستهوينا فكرة التنوع بين الإطعام والأنشطة الأخرى، كما فعلت جمعيات أخرى، فلم تستطع ترك بصمة واضحة فى أى مجال.

وبالإضافة لذلك، نسعى دومًا للتطوير، وفقا لمقتضيات الوضع الراهن، فلدينا مشروع ننفذه منذ ثلاث سنوات، تحت عنوان (عزيز قوم ذل)، ويتيح هذا المشروع لأى شخص بالإبلاغ عن الأسر التى كانت أحوالها جيدة، ثم ساءت بسبب تحولات طارئة فى الأوضاع الاقتصادية، لأن تلك الأسر، تتحرج بطبيعة الحال من فكرة التواصل مع الجمعيات الخيرية،ونقوم بعد التأكد من صحة البيانات التى وصلتنا بتوصيل المساعدات لتلك الأسر ليلًا، بواسطة سيارات لا تحمل شعار البنك، وتكون الكراتين أيضًا بيضاء تمامًا، ولا يوجد بها الشعار.

كما أننا ندرس تجارب بنوك الطعام الأخرى فى العالم، ونسعى لتمصير التجربة بما يتوافق مع ظروفنا، ومؤخرا أخذنا فكرة من أمريكا، وهى وجود  سوبر ماركت يتوجه له الفقير للحصول على احتياجاته من الخارج ونسعى لتطبيقها، وتقوم تلك الفكرة التى قمنا بتنفيذها فى أكثر من محافظة على وجود  سوبر ماركت تابع للبنك، يتوجه له الفقير بـ كوبون شهرى، للحصول على السلع التى يحتاجها، بما يعادل المبلغ الموجود بـ الكوبون، والهدف من هذا التطوير، أننا لا نفرض عليه مكونات غذائية معينة، قد لا يكون بحاجة إليها، كما أننا سنوفر من تكاليف التعبئة والتغليف والنقل.

الانتقال من المسكنات إلى الاستئصال
 يبدو لى مع كل ما تتحدث عنه من مشروعات، أننا لم نبرح بعد مرحلة  المسكنات، فكيف نستأصل سرطان الجوع من جذوره؟
يمكن أن نقضى على سرطان الجوع، عندما نقضى على الفقر، وهذا يحتاج إلى مثلث التنمية الذى أشرت إليه فى البداية وهو «الحكومة القطاع الخاص المنظمات غير الحكومية»، فالحكومة فى النظام الرأسمالى ترسم السياسات وتنفذ مشروعات البنية الأساسية التى تخدم الاستثمار «الطرق - الموانئ  - المطارات»، وتقوم بالعمل فى ٤ قطاعات سيادية «الجيش  - الشرطة  - القضاء - العلاقات الخارجية والدبلوماسية»، وتطلق الحرية للقطاع الخاص كى يقوم بالاستثمار فى إقامة وإدارة الشركات والمشروعات الإنتاجية لتوفير فرص عمل لملايين الشباب ودفع الضرائب والتبرع للجمعيات والمؤسسات الأهلية، أما المجتمع المدنى يقوم بتقديم الخدمات للمواطنين لأنه الأقدر على ذلك.

وصراحة، لا أرى أن هناك استراتيجية واضحة للتعاون بين أضلاع مثلث التنمية فى مصر بدليل، أن لدينا عشرات المشروعات المعطلة فى المحافظات تشمل مصانع أغذية ومصانع أعلاف ومزارع إنتاج حيوانى (تسمين وحلاب)، ومزارع دواجن ومجازر حديثة، مثل مشروع مصنع العسل الأسود الذى أشرفت على تنفيذه عام ٢٠٠٤ من خلال مركز تكنولوجيا الاغذية بوزارة الصناعة، ولم يتم تشغيله حتى الآن، ويجب عرض هذه المشروعات للبيع أو الايجار للقطاع الخاص والجمعيات والمؤسسات الاهلية القادرة والمؤهلة للاستفادة من هذه المليارات التى أنفقت عليها، وتوفير فرص عمل لمئات الآلاف من الشباب.

تحدثت عن التعاون بين أضلاع مثلث التنمية بحماس بالغ، ربما فاق حماسك وأنت تتحدث عن مشروعات بنك الطعام...
لأننا لا نملك رفاهية الوقت، ويجب علينا التحرك سريعا فى اتجاه خلق الشراكة الفعالة بين مثلث التنمية، فإن لم يكن نحن الذين نفعل ذلك الآن، فمن سيفعل، وإن لم يكن الآن فمتى، فالدول النامية، ومن بينها مصر، مقبلة على فترة عصيبة بسبب اتساع دائرة الفقر والجوع وانشغال المانحين فى الدول الغنية بالأزمة المالية الحالية، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية والصراع بين الصين وأمريكا واحتمالية نشوب حرب عالميه ثالثة، وهذا يعنى أن الظروف المعيشية ستتجه إلى مزيد من التدهور، لذلك يجب الاستعداد بمزيد من الاعتماد على النفس، وعدم التعويل كثيرا على وجود مساعدات خارجية، ولن يحدث ذلك إلا بوجود شراكة حقيقية بين الحكومة والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية، عبر التعاون والتكامل والتنسيق الكامل لحل مشكله الفقر ( الجوع) الذى تتفاقم يومًا بعد الآخر، لأن الحكومة لن تستطيع الاستمرارفى تقديم الدعم الغذائى لبعض مواطنيها، لافتقارها إلى الموارد المالية اللأزمة، لذلك فإن هذا الدور يمكن أن تقوم به المنظمات غير الحكومية ( المؤسسات والجمعيات الاهلية) الجادة والمؤهلة للقيام بهذا الدور، ويقوم القطاع الخاص بتمويل هذه المنظمات، وعلى الحكومة أن تعترف بأهمية الدور الذى تلعبه تلك المنظمات والقطاع الخاص فى تحقيق التنمية.