«الأونروا».. منظمة تتحدى مزاعم نتانياهو

تدمير كامل لأحد مقرات الأونروا فى غزة
تدمير كامل لأحد مقرات الأونروا فى غزة

 تقرير: سمحية شتا 

لم يكشف تقرير التحقيق المستقلّ حول حيادية وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والّذى طال انتظاره، عن أى خلل وظيفيّ كبير داخل المنظمة. لكن يبقى أن نرى ما إذا كانت نتائجه ستطمئن الولايات المتّحدة وإسرائيل.

فقد كشفت عملية المراجعة المستقلة لعمل وكالة الأونروا  برئاسة كاثرين كولونا وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة والتى تمت بتكليف من الأمم المتحدة عقب الادعاءات الإسرائيلية أن إسرائيل لم تقدم أدلة على مزاعم ارتباط موظفى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» بحركة حماس. وجاء فى تقريرها أن «الأونروا كانت تزود إسرائيل بشكل منتظم بقوائم بأسماء موظفيها للتدقيق، ولم تبلغ الحكومة الإسرائيلية الأونروا بأى مخاوف تتعلق بأى من موظفيها وأكد التقرير أنه لا يمكن الاستغناء عن دور الوكالة فى المنطقة، مشيراً إلى أن الكثيرين يعتبرونها شريان حياة، للاجئين الفلسطينيين، وقد رحبت عدد من الدول  بتقرير المراجعة المستقلة للـ»أونروا» الذى أعد بطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرتش، وأكد أهمية وجود الوكالة والتزامها بمبدأ الحياد. 

ومنذ 26 يناير علقت 18 دولة والاتحاد الأوروبى تمويلها للوكالة الأممية، على خلفية مزاعم إسرائيلية بأن عددا من موظفيها شاركوا بالهجوم على مستوطنات محاذية لقطاع غزة فى 7 أكتوبر، فيما أعلنت الوكالة أنها تحقق بتلك المزاعم. لكن بعض هذه الجهات والدول بدأت فى مارس الماضى بمراجعة قراراتها إزاء الأونروا، وأفرجت عن تمويلات للوكالة.

وبحسب ما جاء فى التقرير فإن الأونروا، التى توظف 30 ألف شخص وتخدم 5.9 مليون لاجئ فلسطينى فى الضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا وغزة لديها آليات عديدة تهدف إلى ضمان احترام المبادئ الإنسانية، بما فى ذلك مبدأ الحياد.. كما وجد التقرير النهائى أن الأونروا، التى أنشأتها الجمعية العامة عام 1949، لديها أدوات واسعة النطاق لضمان بقائها غير متحيزة فى عملها، وأنها تقوم بشكل روتينى بتزويد إسرائيل بقوائم الموظفين ولم تبلغ اسرئيل الأونروا بأى مخاوف متعلقة بأى من موظفى الأونروا بناءً على قوائم الموظفين هذه منذ عام 2011.

ووفقاً للتقرير، أدت ادعاءات إسرائيل ضد الأونروا لتعليق الدول المانحة التمويل الذى يصل لحوالى 450 مليون دولار. وتسبب ذلك فى عرقلة قدرة الأونروا على مواصلة عملها، باعتبارها تعمل فقط على التبرعات الطوعية.

ومنذ ذلك الحين، أعادت العديد منها، بما فى ذلك الاتحاد الأوروبى وكندا، مدفوعاتها، فى حين قررت دول أخرى، منها الولايات المتحدة وبريطانيا انتظار نتائج التحقيق.. وقالت وكالة أونروا، فى منشور على منصة «إكس» إن 200 يوم من الحرب الإسرائيلية على غزة خلفت دماراً فى كل مكان، وأضراراً هائلة بالبنية التحتية الحيوية فى القطاع وفقد أكثر من مليون شخص منازلهم ونزح 75% من السكان  بعد أن أصبح الدمار فى كل مكان فى غزة.

وأكدت الوكالة التزامها بضمان حياد منشآتها البالغ عددها ألف منشأة، بما فى ذلك المدارس ومراكز الرعاية الصحية والمستودعات، وفقًا للتقرير. ورغم أن المدير العام للأونروا فيليب لازارينى رحب بنتائج التقرير وتوصياته. إلا أنه قال إن 180 من مقار الأونروا فى قطاع غزة تعرضت للدمار بينها 160 «دُمرت بشكل كامل»، واعتبر أن الدافع وراء الهجوم على أونروا ليس عدم حيادها، بل حرمان الفلسطينيين من وضع اللاجئين.. وردت إسرائيل بأن الأونروا لم تكن جزءا من الحل فى غزة ولن تكون أبدا، وأنه يتعين على الدول المانحة توجيه أموالها إلى المنظمات الإنسانية الأخرى.

وقبل صدور نتائج التقرير  قدمت إسرائيل  طبقا لصحيفة الجارديان البريطانية اقتراحا للأمم المتحدة لتفكيك أونروا، ونقل موظفيها إلى وكالة بديلة لتقديم مساعدات غذائية للاجئين التابعين للأونروا فى الأراضى الفلسطينية وتصر إسرائيل على أنها مستعدة للسماح بدخول كميات كبيرة من المساعدات لغزة، وقرارها بعدم التعاون مع الأونروا يؤثر بشدة على تلك القدرة ويرى بعض مسئولى الأمم المتحدة أن إسرائيل تحاول توريط المنظمة الدولية على أنها غير راغبة فى التعاون لدرء المجاعة التى حذرت المنظمات الإنسانية من أنها وشيكة.. وترى المنظمات الإنسانية التى تتخذ من جنيف مقرا لها أن هذا الخيار غير واقعي، لأن الأونروا توظف حوالى 30 ألف شخص فى غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا. وبحسب الخبراء، فإن ولاية الأونروا هى التى تثير غضب الحكومة الإسرائيلية، لأنها تضمن حق العودة للاجئين الفلسطينيين. وتطالب إسرائيل الآن بتفكيك الوكالة التى تواجه حاليا حملة غير مسبوقة.

تم تأسيس الأونروا من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 8 ديسمبر 1949 لتوفير الدعم الأساسى بما فى ذلك الغذاء والرعاية الصحية والتعليم لحوالى ستة ملايين لاجئ فلسطينى يعيشون داخل فلسطين وخارجها. وتعمل الأونروا فى جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة - بما فى ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة وسوريا ولبنان والأردن.

ويشن الجيش الإسرائيلى منذ 7 أكتوبر حربا مدمرة على غزة، خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، معظمهم أطفال ونساء ما استدعى محاكمة تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بدعوى «إبادة جماعية».