تفسير ومعانى| «العفو»

الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف
الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف

فى هذا الباب نقدم لك عزيزى القارئ تفسيرًا ومعانى لصفات جاء ذكرها فى كتاب الله، يقدم هذا الشرح والتفسير لها وعلى مدار شهر رمضان الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف.

صفة اليوم التى نتحدث عنها هى «العفو» والتى جاء ذكرها فى كتاب الله موصيًا بها عباده كى يتصفوا بها، كما أنها صفة من صفات الله سبحانه وتعالى ومن أسمائه الحسني، حول توضيح معنى العفو وكيف نكون من العافين، يقول الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف: العفو مقرون عند جميع الناس بالمقدرة ويعرف الناس المقولة القائلة: «العفو عند المقدرة» وفى الحقيقة العفو عند المقدرة وعند غيرها، لكن المقدرة خٌصة بالذكر لأن صاحبها قادر على الفتك بمن ظلمه أو اعتدى عليه ودائمًا أقول: إن الله تبارك وتعالى خَيَّرنا واختار لنا وهذه المقولة ليست سهلة وإنما هى نتيجة تدبر ودراسة سنين، الله تبارك وتعالى يقول:» وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ» النحل 126، خَيَّرنا ربنا بين الانتقام بالمثل وبين الصبر والعفو ثم اختار لنا فى الآية بعدها مباشرة فقال:» اصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ»127، أى بعد أن قال «فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين»، وأصبر أى ألزم الصبر فهو خير لك من الانتقام، وجميع المسلمين يحفظون ما أُثر عن النبى صلى الله عليه وسلم يوم أن فتح مكة وخاطب الكفار الذين آذوا أصحابه وكانوا سببًا فى تركه مكة بقوله: ما تظنون أنى فاعلٌ بكم اليوم فقالوا: خيرًا، أخٌ كريم وابن أخٍ كريم، فقال لهم المقولة المحفوظة: اذهبوا فأنتم الطلقاء، وقد روى البخارى فى صحيحه أن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء تقوله ليلة القدر فقال لها قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فأعف عني، وهذا الحديث يعتبر من الأدلة على أن الجزاء من جنس العمل فمن عفا عن خلق الله عفا خالقهم سبحانه وتعالى عنه، وقد روى مسلم فى صحيحه من حديث أنس رضى الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم :»إن الله يعذب من يعذب الناس»، ذلك أن العفو يعفو عمن ظلمه وهو قادر على الانتقام لقوله تعالي»: الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» آل عمران 134، فجعل الله العفو من الإحسان وختم الآية الكريمة بقوله تعالى:» والله يحب المحسنين»، فمن أحبه الله أكرمه ومن أحبه الله أدخله الجنة.