بدون تردد

طابا فى حضن الوطن

محمد بركات
محمد بركات

كانت بالقطع لحظة فارقة فى عمر الزمن وفى تاريخ مصر بالذات، تلك التى وقعت فى مثل يوم أمس التاسع عشر من مارس عام 1989، منذ «25 عاما»،...، وتم فيها إنزال العلم الإسرائيلى ورفع العلم المصرى على منطقة طابا، إيذانا وإعلانا للعالم كله بعودتها إلى السيادة المصرية وانضوائها فى حضن الوطن الأم.

كان ذلك فى صبيحة ذلك اليوم الخالد فى المسيرة الوطنية لمصر، تعبيرا مباشرا وصحيحا عن إصرار مصر الدائم والقوى على عدم التفريط فى أى جزء من أرضها المقدسة، كما جاء تأكيدا على الإرادة الصلبة لشعبنا على استرداد كل حبة رمل من تراب أرضه المقدسة وتحريرها بالكامل دون تهاون أو تردد.
 ولقد كانت عودة طابا نصراً كبيراً تحقق لمصر بعد جهد سياسى كبير وحرب دبلوماسية شرسة وضارية، بذل فيها المفاوض المصرى أقصى ما يستطيع من جهد وعلم وخبرة، مدفوعا بحب لوطنه وإصراره العظيم على التمسك بأرضه، حتى استطاع بتوفيق من الله إثبات حق مصر فى استرداد طابا، باعتبارها جزءاً غالياً من التراب الوطنى الذى لا يمكن التفريط فيه.

وفى هذا اليوم المجيد كنت متواجداً ومعى الزميل والصديق المصور الكبير «مكرم جاد الكريم» فى موقع الحدث، كى ننقل بالكلمة والصورة لقراء «الأخبار» ملامح وتفاصيل ذلك الحدث الوطنى المهم، الذى كانت مصر كلها تتطلع إليه بشوق، كى يكتمل جهدها العظيم فى تحرير سيناء، واستعادة كامل ترابها.

وللأجيال الشابة من الأبناء والأخوة الذين لم يعاصروا هذه اللحظات المجيدة من تاريخ الوطن نقول إن الرجال الذين ضمتهم اللجنة القومية العليا، التى شكلها الرئيس الراحل «حسنى مبارك» لإدارة والإشراف على معركة التفاوض الشاقة لعودة طابا، كانوا على قدر المسئولية الجسيمة الملقاة على عاتقهم، وأداروا المعركة بكل الوعى والحكمة والإصرار على تحقيق النصر واستعادة طابا.

وقد استغرقت المعركة الدبلوماسية سبع سنوات كاملة من التفاوض الشاق، وانتهت باللجوء الى التحكيم الدولى، الذى أصدر حكمه فى الساعة الثانية من بعد ظهر يوم «التاسع والعشرين من سبتمبر ١٩٨٨» بأن طابا مصرية مائة بالمائة، وأن كل الإدعاءات الإسرائيلية بشأنها باطلة ولا يعتد بها.

ورغم صدور الحكم حاولت إسرائيل المماحكة والمماطلة فى التنفيذ، ولكن صلابة مصر وموقف القيادة السياسية الرافض لكل المساومات أجبر الجانب الإسرائيلى على الرضوخ.. وعادت طابا إلى حضن الوطن الأم فى «التاسع عشر من مارس ١٩٨٩» ليكتمل بعودتها لمصر كل ترابها الوطنى بكل حبة رمل منه.